كثيرًا ما في هذه الأيام تأتيكم دعوة لحضور عقد زواج لأحد الأصدقاء أو الأقارب، ذكرًا أم أنثى، وترونَ بأمّ أعينكم المراسيم الحاضرة من أعداد الحاضرين، والأكل وزينة وملابس للنساء وإيجار مكان حفل. في القراء من لم ير قديمًا بساطة هذه المراسيم وقلة تكلفتها، فلعل واحدًا منهم يعلق الجرس ويكون البادئ في العودة للبَساطة والسلاسة وقلة التكلفة!
كانت أغلب العقود تتم في عصريَّات الأيام، أو أول الليل. يحضر والد الزوج ووالد الزوجة والأقارب الخلَّص، ومأذون النكاح. البنت في داخل الدار بين فرحة الأمّ والأخوات وبعض نساء العائلتين، فإذا بدأت المراسيم، استأذن مأذون النكاح والدَ البنت بأن تأتي -البنت- قرب الباب وتسمعه. يسألها عن رغبتها في الزوج وتجيب نعم موافقة، أو ترفض إمضاءَ العقد. وعلى فرض أنها وافقت يعود مأذون النكاح ويتم العقد الشرعي في دقائق معدودات.
الشاي والقهوة وبعض الفاكهة والحلويات ومبلغ بسيط جدًّا إكرامًا لمأذون النكاح، وبذلك لا تتعدى تكلفة مراسيم عقد الزواج ألفَ ريال. فإذا جاء يوم الزواج طاف “عزَّام”، رجل يطوف على كل بيوت الجيران والحي يطرقها بابًا بابًا، يخبرهم أن فلانًا يتزوج الليلة أو في الغد، ويحضرون كلهم، يأكلون ويطلبون البركة من الله للعريسين. لا يبقى من الوليمة شيء، الرجال يأكلون ويحملون معهم من الأكل إلى نسائهم وعيالهم في البيوت.
في هذه الأيام، مع أن بعض الأصدقاء الشباب، يشتكون من ارتفاع تكلفة الزواج، ويعدون هذه المراسيم الجانبية واحدًا من أسباب ارتفاع التكلفة وتأخر بعضهم في الزواج، إلا أنه لا أحد يمتنع عن هذه المراسيم المفصلة، الغني والفقير!
ثمَّة ملاحظة إنسانيَّة، الفرح مطلوب والحياة لحظات الفرح فيها نادرة، مع ذلك بعض الأشياء وبعض الأساليب تجمع بين الفرح والبهجة والبساطة، ويكون فيها الاستمرار والبركة. والعبرة في الزواج ليست البهرجة والزينة، إنما في الديمومة والسعادة والألفة والمحبَّة.
“أفضل نساء أمتي أصبحهنّ وجهًا وأقلهنّ مهرًا”! من الرائع أن المهر في مجتمعنا أقلّ بكثير من المجتمعات الأخرى، والناس يشترون بعضهم بالطيبة والمحبة، لا يهمهم المال. مع ذلك تبقى بعض الأشياء يمكن إقامتها دون مبالغ باهظة يتحملها الزوج أو أحد والدي المتزوجين، ولا ينقص من الفرحة والبهجة شيئًا!