التنمية المهنية تعتمد على أشكال ووسائل تساعد على إكساب المعلمين مهارات العمل الذي يتدربون عليه، ولقد أظهرت كتابات عديدة أهمية “التنمية المهنية” للمعلمين، حيث إنها تعمل على زيادة كفاءات المعلمين مهنيًّا، وتساعد في تطوير عملهم وتحسين المهارات والقدرات فالأشكال المستخدمة في التنمية المهنية تتحد وتتنوع ومنها:
المشاركة في اللجان:
المشاركة في اللجان وفرق العمل في المدرسة، والتي يمكن للمعلم أن يمارس فيها أدوارًا تختلف عن الدور المعروف وهو عملية التدريس. ويمكن للمعلم أيضًا أن يكتسب قيمًا إضافية مثل: العمل التعاوني والعمل مع الآخرين، وتحمل المسؤولية. كما يمكنه اكتساب مهارات إدارية، مثل: التخطيط والتنظيم والمشاركة في الأنشطة المجتمعية التي تعمل على توسيع نطاق عمل المعلم وتأثيره، بحيث يصبح أداة فعالة في المجتمع يؤثر فيه ويتأثر به.
التدريب مع الآخرين:
لا بد أن يكون لدى كل معلم مناطق قوية يستطيع أن ينقلها للآخرين بحيث يستفيد هو بتدريب الآخرين على مجموعة من المهارات الإضافية مع تعزيز جوانب قوته ويستفيد الآخرون منه في تحسين جوانب الضعف لديهم.
التدريب في أثناء الخدمة
يُعد التدريب في أثناء الخدمة مرادفًا للتنمية المهنية، وهو الشكل الأكثر شيوعًا لها، ومن خلاله يحصل المعلمون عندما يكونون في موقع المتدربين، على الخبرات اللازمة التي تؤهلهم للعمل، ويُعد تدريب المعلمين في أثناء الخدمة ذا أهمية بالغة في تحقيق رفع كفاءة المعلمين داخل المدرسة، حيث إن برامج التدريب تهدف إلى تحقيق التنمية المهنية للمعلمين، وتعمل على تحسين المعارف والمهارات والاتجاهات حتى يتسنى لهم مواكبة المتغيرات العالمية المعاصرة.
كما يُعد التدريب في أثناء الخدمة أيضًا أحد ركائز التنمية المهنية الذي يدعم المعلم ويسانده عندما يتحرك لزيادة القدرات المهنية، ولكي يتم تعويد المعلم على التدريب في أثناء الخدمة، فيجب العمل على تيسير عملية القراءات الذاتية في مجال التخصص العلمي وفي مجال أساليب التدريس والتقويم واستخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية والمهنية.
وهو عبارة عن تلك الجهود التي تقدم من خلال وسائل مناسبة لتطوير وتنمية القائمين على العملية التعليمية والمهنية من معلمين وغيرهم في أثناء قيامهم بالعمل، وتتضمن المعارف والمهارات والاتجاهات ليُصبحوا أكثر فاعلية في أداء مهامهم الوظيفية.
وترجع أهمية التدريب في أثناء الخدمة إلى أنه عملية مكملة لعملية الإعداد، وتتم بعد احتكاك المعلم بالمشكلات الواقعية، وتمثل أيضًا عملية تنمية مستمرة تتيح الفرصة لكي يكون المعلم متجددًا ومتطورًا في مهنته ومتوافقًا مع المتغيرات المحيطة (1).
د- المواءمة بين المعلمين
هو أسلوب أخذ في الانتشار بشكلٍ كبير في بعض الدول مثل بريطانيا، وهو نظام بديل للتوجيه والإشراف الفني، ويعتمد هذا النظام على ربط المعلمين بعضهم بعضًا ربطًا منهجيًّا بحيث يستفيد كل معلم من الآخر في مجالات التخطيط والتدريس والتقويم والتدريب، ويقوم كل معلم في هذا النظام بزيارة زميله ومشاهدة أدائه وكتابة تقرير عن مستوى الأداء ونوعه، ويجتمع المعلم بعد ذلك بزميله ليتم مناقشة المشاهدة وتحديد جوانب القوة والضعف وسبل تعزيز جوانب القوة ومعالجة الضعف.
هـ- حلقات المناقشة
هذا النشاط له فوائد كثيرة خصوصًا في حل المشكلات التي يواجهها المعلم وفي تطوير العمل أو الاتفاق على أفضل البدائل للتعامل مع موضوع معين. وتُعد حلقات المناقشة من الأساليب التدريبية الشائعة في برامج التنمية المهنية، وهي تقوم على أساس تقسيم المتدربين إلى مجموعات صغيرة بغرض النظر في مشكلة معينة في مداولة مفتوحة بهدف التوصل إلى الحقيقة أو اقتراح الحلول لها، وتهدف تلك الاجتماعات إلى إعطاء المتدربين والدارسين فكرة عامة عن الموضوعات المعدة للبحث والتدريب والمهام التي تؤديها والأهداف التي يراد بلوغها والوصول إليها.
و- التوجيه والدعم من جهات مختصة
هناك جانب مهم جدًّا في عملية التنمية المهنية للمعلمين وهو التوجيه، وبشكلٍ عام فهو يعني الدعم الإيجابي المُقدَّم من هيئة ذات خبرة في مجال التنمية المهنية إلى مجموعة من الأفراد أو هيئة صغيرة أقل خبرة وهذه الخبرة يمكن أن تشمل مجالات عديدة. ويُعد هذا الأسلوب من الأساليب الشائعة حيث تنشئ بعض الدول معاهد للتدريب ومعاهد للتنمية الإدارية أو مراكز للتطوير الإداري أو أكاديمية للعلوم الإدارية وغيرها من الأسماء المختلفة التي يمكن أن تُسمى بها هذه المراكز والتي تتفق في الهدف وهو إعداد العاملين وتدريبهم في كل مجالات العمل المختلفة وتنميتهم مهنيًّا لكي يتمكنوا من ممارسة دورهم بشكلٍ فعال.
ز- الدورات القصيرة والندوات
تصب الندوات بشكلٍ مباشر في التنمية المهنية لمن يقوم بهذا النشاط. فإلقاء المحاضرات وتنظيم الندوات وإلقاء أوراق العمل تقتضي من المعلم أن يقرأ ويطلع على آخر المستجدات في مجاله، ويتطلب التفكير الجاد في أسلوب العرض وتقديم المادة بشكلٍ فعال، كل هذه العمليات تسهم في تطوير أداء المعلم وزيادة حصيلته المعرفية ورفع مستوى أدائه الوظيفي، فهذه الدورات يتم تقديمها كنشاط خارج المدرسة حيث تقوم جهات خارجية بتمويلها ويحاولون فيها تقديم الجديد من العلم بقدر الاستطاعة، وتتم الندوات أيضًا خارج المدرسة وداخلها، وتقوم على أساس جمع عدد من الأشخاص لديهم الاهتمامات نفسها ولديهم فكرة واضحة عما يريدون تحقيقه ويتبادلون الأفكار والخبرات وهذا النوع من التشابه يبدو مقبولًا بشكلٍ كبير لتنمية المعلمين.
ح- التعلم الذاتي
هو عبارة عن قراءات ذاتية في مجال التخصص العلمي وفي مجال أسلوب التدريس والتقويم واستخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية والمهنية، كي يمكن للمعلم أن يقرأ في المجالات العامة لتكوين ثقافة علمية ومهنية ومجتمعية يستفيد منها في أثناء التدريس.
وللتعلم الذاتي أهمية كبيرة في تحقيق التنمية المهنية للمعلمين، حيث يعترف هذا الأسلوب باستقلالية المعلم وتوفير جو من الحرية والديمقراطية في أثناء تنميته المهنية، وهذا الأسلوب يساعد المعلم على ابتكار الأساليب الفعالة، ولما كانت عملية التنمية المهنية عملية مستمرة، يجب أن تكون في إحدى جوانبها موجهة توجيهًا ذاتيًّا للمعلمين القادرين على تحديد احتياجاتهم المهنية.
ويتضمن التعلم الذاتي إحساس المعلم بنفسه وقدرته على تحديد احتياجاته من خلال تصميم برامج تدريبية محددة ذات قدرة عالية تقوم على تفريد التعليم، كما أنه يمكن من خلاله التغلب على العقبات التي تحول دون عقد دورات تدريبية إما لأسباب اقتصادية وإما لبُعد المناطق عن مراكز التدريب الرئيسة أو الفرعية.
ومن خلال أسلوب التعلم الذاتي يستطيع المعلم أن يُطوِّر من معارفه ومهاراته وأن يُنمِّي ممارساته المهنية من خلال القراءة الحرة في المراجع العلمية الإضافية.
أختتم حديثي بالقول إن ممارسة الأشكال المختلفة للنمو المهني تجعل من المدرسة مكانًا حيًّا ممتلئًا بالتفاعلات والأنشطة المفيدة على جميع المستويات، فيجب ألا يقتصر دور المدرسة على تعليم الطلبة فقط، وإنما يجب أن تكون المدرسة مكانًا يتعلم فيه الجميع “مدرسة دائمة التعلم بلا استثناء”، ولكن عملية تبني المدرسة للتنمية المهنية للمعلم تحتاج لتخطيط جيد يهدف لاستغلال الإمكانات المتاحة بأفضل صورة ممكنة. وتحتاج لمعلم لديه الرغبة في النمو والتطور وتحتاج لجو من العمل الجماعي الذي يسعى إلى تحقيق أهداف مشتركة تتوازن فيه حاجات الأفراد مع مصلحة العمل (2).