في منظر مهيب لأكبر تجمع، لحمائم السلام، وهي تنشد نشيد الخلود سلام يا أمير النور تعال وأضئ دنيانا المظلمة.
من وراء الأفق لاح النور وحوله ملايين من الحمامات البيضاء تحفة تتعلق بخيوط إشعاعات النور المنبثقة منه وهو يصعد بها إلى الأعلى بعروج سماوي نحو النور الأكبر لينضم إلى الأصل، تتزاحم الحمامات داخل نفق النور محاولة الاقتراب منه لتعبر عن حالة الاطمئنان والسكينة فهو المنقذ والباعث على الراحة، يملؤها حبًا ونورًا فالالتفاف حوله نجاة، نشيد يتردد في كل فريضة على كل سجادة صلاة ليعرج بين طيات التسبيحات والدعاء عجل له الفرج، نحن في الانتظار نذوب يحيينا الانتظار والشوق، لهفة اللقاء حياة جديدة.
التائقون إليه تخنقهم العبرات لفراقه، يرونه بأرواحهم وهو يحف بهم، يمر بأحيائهم كل حين يشمون ريحه على بعد المسافات. مناجاته في الخلوات تخفف لهيب الفراق يقتربون منه، يعيشون ألم الفراق في أعماقهم التي تتجسد فيها حالة العشق الصامت وإن خانته الكلمات بعضها لبعض، لكن أمير جمعتهم يتقدم الملأ يؤمهم بصلاة المضطر ليكشف الخطب الجليل.
بين تلبية الحجيج وهي تطوف في حرم قدسيات تهجده تلتمس منه الدعاء أن يمسك بيدها، وسط هذا البحر المتلاطم وتلك الأمواج العاتية التي تأتيها من كل حدب وصوب تغرق فيه وكأن الأمم تتكالب عليها ؛ حينها يمد يده أمير النور ليمسح بها على كل الرؤوس لتكتمل تلك العقول التي تاهت وتلهت بحب الهون ومالت إلى الدنيا حتى أصبحت غثاء كغثاء السيل.
ها هي تلك البراعم الصغيرة تجدد العهد له وتعلن استعدادها الفطري لأن تكون جندية في خدمته وتعاهده على الوفاء والحفاظ على القيم والأخلاق، لأنها تتنفس عبق الولاية والعشق الصادق “الصلاة، القرآن، الحجاب” أهم بنود الوثيقة والمعاهدة التي وقعتها تلك البراعم بأصواتها لتحملها ذرات الهواء إلى قائدها لتدخل على قلبه الدامي السرور، ولتقول له: سلام يا أمير النور نحن هاهنا معك وفي انتظارك وإن كنا صغارًا.