• لا تجعلها مصدرًا للخلاف بل مكانًا لصنع الأخوة والمحبة.
• عالج الخلاف بالطرق الواعية والسبل الحكيمة.
• ما تجده مصدرًا لكسب عداوة أو تسقيط فاخرج منه بهدوء.
• حكماء القروبات يتحملون جزءًا مهمًا من لمّ الشمل والمودة.
لا يخلو قروب (واتساب) من خلافات وتحالفات واصطفافات بين فئات وشخصيات وعناوين مختلفة من مرجعية أو أعياد وغيرها مما لا حصر لها، حيث تتحول تلك الحاوية للحب إلى مركز لتصفية الحسابات والنيل من بعضهم البعض فتصبح ممجوجة، ومصدرًا للعداوات والبغضاء، يفرغ فيها بعض الأطراف جام ضغينتهم مع بعضهم البعض وبأساليب مختلفة.
وجود أطراف مختلفة في القروب يفتح المجال للمتصيّدين عند حضور الجماهير فرصة جيدة للعب المخفي فينتبه له بعضهم ويخفى على آخرين حتى تتضح بعض معالمها لبعضهم ويفوتها بعضهم ويتوقف معها آخرون.
ليست هذه الصورة بعيدة عن واقع العلاقات المجلسية والديوانيات وأماكن الالتقاءات العامة إلا بصورة أخرى وهي أنها أكثر إتقانًا في كيفية التسقيط والإضعاف الخفي فيستطيع المتفننون في لعب لعبة التسقيط من تكوين التحالفات والتحزّبات بين أطراف عدة.
لذا تجد بين فترة وأخرى خروج بعض أعضاء القروب بعد أن يكتشف تلك الألاعيب والتفنن فيها، فيعلن عن شجبه لسلوكيات معيّنة مما يراه بين حين وآخر للخلافات التي تجعل بعضهم يفقد أعصابه، وبعضًا آخر يختار الانسحاب الهادئ لأجل ألا يترك أثرًا سلبيًا يكون محلًا للقال والقيل، فيكتفي بالحفاظ على علاقة جيدة مع بعضهم ويحتفظ لنفسه بسوء البعض الآخر تجاهه.
غالبًا ما يتخذ بعض الأعضاء موقفًا خاصًا فيتحدث مع البارزة سلوكياته بما يفهمها البعض الذكي، وتارة يُفهّم علنًا بقوانين القروب وأخرى بتوعيته علنًا، حينما تغيب لغة التفاهم الأخرى، وأصعبها حينما يقرر إخراج هذا الشخص من القروب لاسيما في حالات التعنّت الجلي.
الحقيقة التي تغيب عنا ونكون في حالة من السهو والغفلة عن هذه الأخطاء مما تحمله من ضعف قيمي وأخلاقي حينما نتعمّد تسقيط الآخرين أمام الناس أو بجهل حقيقي بتوجيهات الشرع الذي يدعو للأخوّة بين المؤمنين وعدم تعييبهم أو تسقيطهم والأهم هو حرمة إيذائهم: “من آذى مؤمنًا فقد آذاني” و”أذل الناس من أهان الناس” كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وقد يتكئ بعض الأخوة على الآية الكريمة {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَٰتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} فإن لفظة اكتسبوا تعني بما قاموا به من عمل مشين فحق عليهم الأذى وهذا مما يحتاج إلى وعي شرعي فيما يجوز وما لا يجوز التصريح به، فضلًا عن أن الآية لا مفهوم لها حتى يصح الأذى حين الاكتساب فكل ذلك مرهون للوجه الشرعي من حدود الجواز وعدمه، فإن أذية المؤمن فيما اكتسبه مما ستره الله عليه هو غيبة محرمة إلا أن يكون متجاهرًا بها على نحو الفسق فإنه يخرج عن عنوان الأذية غالبًا لأن ما يعلن عنه لا يشعر بأذية من يتناقلها.
بالإضافة إلى أن بعض السلوكيات لا تخرج عن عنوان الهمز واللمز الذي يأتي فيه لعن القائم بذلك {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}.
ما نرجوه هو أن تكون هذه القروبات تحمل عنوان الجمع لا التفرقة والمحبة لا العداوة والألفة لا الخلاف حتى تكون لها قيمتها الاجتماعية والإنسانية من الجمع والتعاون والتعاضد. فإن كانت لأصدقاء فلتقوي تلك الصداقة وإن كانت للزملاء فلتتسع لمزيد تعاون بينهم وإن كانت للأرحام فلتكن مصدر صلة وتقوية ورابطة رحم من المحبة والمودة والسلام.