الإجبار والإكراه!

قد لا أقول هنا شيئًا جديدًا أو شيئًا أنت لا تعلمه، ولكن عندما نتفكر في سلوكنا ونتعمق فيه نجد أن ما نرفضه نحن بحد ذاتنا نمارسه دون قصد أو دون إدراك وبكل أريحية ونتفنن بتعدد الطرق التي نمارسه بها فتدور الحلقة دون توقف وتستمر دائرة هذا السلوك الصادرة من الأنا السفلى.

الإجبار والإكراه سلوك جميعنا متفق على عدم قبوله وجوازه وأفضل مثال على هذا هو قصة نبي الله يونس عندما نتفكر في هذه الآيات نصل إلى أن (الوعي اليونسي) عميق جدًا يتحدث لنا عن الآن والحاضر وعن حالي وحالك: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ}.

غضبه وعدم صبره على قومه؛ نادى ربه وهو مملوء غماً وحزناً طالباً تعجيل العذاب لهم لأنه أراد فرفضوا وتعنتوا فدعا لأنهم لم يومنوا بالدين وماذا كانت النتيجة؟! {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}.

وكم منا هو الآن في بطن الحوت؟! وما هو العمل للخروج من بطن الحوت الذي نحن فيه {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}، واعترف بذنبه {فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، لمكث في بطنه إلى يوم يبعثون.

حساب النفس والاعتراف بأن الخلل من أنفسنا نحن كفيل جداً أن يفتح صفحة جديدة في ذواتنا دون لوم للآخرين.

إجبار الناس؛ قد يصل بنا الحد إلى أنه قد نجبر الناس أن يتعاملوا معنا كما نحب نحن، قد نجبر أحدهم على الاحترام وأحيانًا على الاهتمام وغيره، دون إدراك منا أن هذا يعيق تطورنا الروحي والارتقاء بالتجارب.

ليس من حقك أن تغير فيهم ما رفضوا تغييره بالإكراه والإجبار! ليس من حقنا أن نجعل الآخرين كما نريد! يجب أن نتعامل مع كل الأرواح فقط بالحب وهنا نرجع للأصل (النفس) لها الحق أن تقرر هل تبقى أو ترحل أو أن ترسل الحب بالإرشاد والنصح.

ما فائدة أن يعمل لك شخص شيئاً وهو مكره أو مجبر أو مهدد أحيانًا؟!

إجبار ملائكة الأرض؛ قد يكون في بيتنا أو بيننا روح طاهرة (طفل)، ونغصب حقه بالاختيار باعتقادنا أنه غير قادر أن يعرف مصلحته!

في حقيقة الأمر واجبنا كمسؤولين هو إعطاء صورة شاملة للجيد والسيئ والنتيجة المترتبة عليهم فقط، وإعطاء الطفل حق الاختيار سواء في أكله ونومه وسلوكه وغيره. وروحه بفطرتها السوية ستختار الجيد دون شك دون إجبار أو إكراه.

إجبار النفس! تعرف يا صديقي ما هو الأهم من هذا كله؟ هو إجبار النفس على ما تكره من أجل الآخرين.

قد نعيش حياة بكاملها مجبرين على وضع وحال دون سعي منا لتغييره. وقد نعيش عمرنا مكرهين على إنسان لا نشعر أنه الشخص الصحيح أو هو الذي نريد! وقد نذهب لعمل في كل صباح دون رغبة ولا شغف وإجبار للنفس ولكن نضع لأنفسنا الـ لكن وتقبل هذه النفس ولكن كل هذا إجبار وإكراه.

أرواحنا تريد الخلاص من هذه الدائرة التي تدور تريد الخلاص والتحرر من كل إجبار.



error: المحتوي محمي