هي قصة للوحة بدأت من يد نالت من الله المواهب المتعددة علمًا وأدبًا ورياضة وفنًا وأخلاقًا، المثالية بمعناها المتجسد وربما يقول من يقرأ هذه الكلمات بأن ذلك لا يحصل، رب الوجود قادر والقابلية كانت متاحة، فلم لا، (ما علينا)، هو الطالب المثالي الذكي المؤدب الرزين والذي ليس منه أي مثالب، حتى ذلك اليوم الذي كرم فيه لتفوقه، فأنشد فيه أستاذه أبيات شعر يمدحه فيها، ولبراءته خرج من الحفل باكيا، “من أنا حتى يقال في الشعر والمدح” ولم ينته الأمر بهذه الصورة للأسف، فذلك أصابه بسهم ما -يمكن أن تكون عين- والله أعلم، المهم أنه أكمل تفوقه وفي ذلك الصيف وبينما نحن نمارس هواياتنا من رياضة ورسم وغيرها، كان هناك بيننا، نعم، الجميع يعرفه -وهل يخفى القمر- بدأ برسم تلك الوحة، والتي تعكس ما يعلمه الجميع عن ذلك الطالب المميز وينتظرون أن تكتمل، وفجأة وقف الرسم بتلك اللوحة يومًا وأسبوعًا وشهرًا!
لماذا لم تكتمل؟ الجميع يسأل والجواب: راسمها غير موجود، اختفى، غاب عن المشهد، استنكروا غيابه وتفاجأوا باختفائه، لم تكتمل اللوحة، وبقت تحتاج لتلك اليد التي رجعت مع بداية العام الدراسي منقلبة رأسًا على عقب، الشعر طويل ومنشور، ملابس توحي بالانطلاق والتحرر سيارة رياضية تنشر الغبار والأتربه بما يقوم به قائدها من حركات طيش شبابية متهورة، غاب عن المدرسة في بداية الأمر وبعد فترة انتقل لمدرسة أخرى، أسعفته قدراته على إكمال الدراسة ولكن لم تكتمل اللوحة بل أصبحت مشوهة لما أصابها من غبار وإهمال، وفي لحظة سقطت اللوحة على الأرض وانكسرت؛ توفي بحادث سيارة في ريعان الشباب إلى رحمة الله وحيد أبيه، وأصبح ذكرى لمن عرفه، لوحة جميلة كانت لكنها لم تكتمل ربما لو كانت الصدقة موجودة والمتابعة لأحواله متوفرة وتوفير الجانب الأبوي عند الحاجة متاحًا لكان هناك أمر آخر وسأترك الحكم لكم في ذلك والله أعلم. (القصة حقيقية وليست من وحي الخيال).