وحدَه قادرٌ علَى اِنتشَالي مِن ألمٍ، نَازعَني أفكَارِي، وحرَمني الراحَة والسَّكينة، فحينَ اعترَاني، وحطَّم ما بداخِلي؛ أفقدَني لذَّة الحيَاة، وطوَّح بي في مجَاهِل الكَآبة، والكِتابة، وها أستعدُّ لدفعِ ثَمن أخطاءٍ؛ اِرتكبتُها سنواتِ عُمري، ولا مفرَّ إلا الاعترافَ بها؛ كَإثمٍ أثقلَ كَاهِلي، وحرمَني صُحبةَ أصدِقاء، أعزَّ مِن إِخوَة، وأثمنَ مِن جَوهر.
وحدَه انتِشَلني، وعبرَ بي حياةً معقَّدة، ومليئَة بالمصاعِب، والمنحَنيات، وهَا أجدُني أمامَ مَوقدٍ؛ تَضطرمُ النارُ في أتُونِه، حيثُ الهجوماتُ آتيةٌ، ويدَاي مكبَّلتانِ بالرَّماد.
وحدَه انتِشَلني، وعبرَ بي، حيثُ عاصِفةٌ مرَّت، ودمَّرت أعاصِيرُها ما بقيَ داخِلي مِن وجُود، وها أَستظِلُّ أعلَى شَجرةٍ مقطُوعةٍ، بالكَادِ أتمَاسكُ، وأتمسَّك بجذعِها، بينَما ذاتِي تحتَرقُ، وتتألَّم، ولا تستَظلُّ بشَيء.
ثمَّة اِنفلاتٌ، وانتقالٌ لعالمٍ صنعتهُ الكَآبة، والكِتابة؛ إذ لا فائدةَ مِن إبقاءِ عَالمٍ، كرَّر أحداثَه، دُون تغيُّر، فجدِّي الأولُ؛ نحتَ أصنَامه مِن جذعِ شجرةِ نخيلٍ، هوَت بعدَ عَاصِفة.
وجدِّي الثانِي؛ تَبِعَهُ في نحتِ أصنامِه مِن ذات الجذعِ، أمَّا أبي؛ فقطَع نخلَة ناضِجَة، وصنعَ أصنامهُ مِن خشبِها الرَّطِب.
وحينَ وصلَ الدورُ إليَّ، جمعتُ أصنامَ أسلَافي، ثُم أشعلتُ ناراً، وألقيتُها، ولا زلتُ أحترقُ بلهيبها.