
المواقف تظهر معادن الأشخاص، وكل فعل هو نتيجة مجموعة من التفاعلات بين الروح والبدن والنفس والتربية والتعليم والتأديب وتجارب الحياة، وليس منا من يخرج عن هذه المعادلة، ولكل مقام مقال وموقف يصدر عن الإنسان يعالج هذا الموقف ويكون التفاعل إيجابيًا أو سلبيًا أو محايدً، أي يتوافق مع الحدث وينمو معه، إيجابي ويكون الإنسان فرحًا في إنجازه، بل ويرغب بالاستمرار فيه، أو سلبي مخالف له وحزين عند القيام به ويتمنى زواله في أسرع وقت، أو محايد فقط ينظر.
ومن أكثر المواقف التي تواجهنا اليوم هي القيام بشؤون من نحب من آباء وأمهات وخصوصًا في مرحلة الكبر والكهولة، والتي يكونون بها قد فقدوا الكثير من الاتزان في الجسم والعقل، وهنا ليس ما قبل هذا العمر في التعامل كما بعده، وليس القول بالوالدين إحسانًا كلمة سهلة، بل هي بثقل السموات والأرض، فرد جزاء شيء واحد للوالدين لا يستطيع عليه أحد من الأبناء ولو قضى الأزمان والآجال.
ومن يخض هذه التجربة يعلم جيدًا ما ثقل ذلك في الميزان، وليس بالسهولة كما يقوله البعض ويتصوره، وخصوصًا إذا كان فقد الاتزان يؤدي إلى اضطراب عقلي، أو عدم تحكم ينعكس على الجسم؛ مما يؤدي إلى صعوبة في الفهم والاستجابة والحركة المطلوبة والمناسبة.
ومن يوفق للتصدي لهذا العمل الراقي فإنه موفق بإذن الله بما يبذله من جهد، ولا يجد عن الطرف الثاني في كثير من الأحيان ردة الفعل المناسبة لفقد الاتزان لديه وتكون بالإهانة والتوبيخ وما إلى ذلك.
نقف لهؤلاء ونقول لهم شكرًا هل يكفي؟
لا يكفي بل على المحيطين بهم تقديم الدعم المعنوي الذي يحتاجون إليه؛ للاستمرار بما يقومون به وخصوصًا إذا كان هنالك من حولهم فهو قد يكون مثل ما إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولكن هنا لا يسقط من ناحية الدعم المعنوي وإعطاء الإحساس لهؤلاء، إن من حولهم معهم وليسوا وحيدين، فليس ما يقدم يكفي ما لم يكن هنالك إحساس أننا معكم ولستم وحيدين وشكرًا.