استذكار الدروس والقلق من الامتحان للأمَّهات.. ماذا عن الرجال؟!

قبل يومين هاتفتُ ابنتي. كانت تترقب بشيءٍ من القلق بدءَ الامتحانات السنويَّة لأولادها، حتى ظننتُ أنها هي التي سوف تحضر حصص الامتحان وليس الأولاد! أعانَ الله أمهات هذا الجيل: دوام عمل من شروقِ الشمسِ إلى غروبها، أعباء منزليَّة، رعاية وتنشئة الأولاد والبنات، حياة الزوج، وغير ذلك من المسؤوليات!

يا سبحان الله، ألا ترون أنها هي الأمّ التي تصنع الرجال؟ الأمّ والنجاح توأمان لا ينفصلان، فإذا وصلتم إلى مرتبةٍ عالية في الوظيفة أو في المجتمع، أو جمعتم ثروةً كبيرة، تذكّروا سنواتِ الدراسة الأولى، ومن كان يصنع لكم الأجواء المناسبة، ويعينكم في استذكار الدروس!

رحمَ اللهُ الأيَّامَ الخوالي، لم تقلق أمهاتنا ولم يشعرنَ بصعوبة أعباء دراسة الأبناء مثل الآن، كنا نلعب أكثر مما نستذكر، ومع ذلك كانت النتائج طيِّبة ودرجات النجاح في الامتحان كافية للحصول على مقعدٍ في الجامعة، من اختيارنا، أو وظيفة.

وكأنهنّ -الأمهات- من يؤدّينَ الامتحانات وليس أبناؤهن وبناتهن! كيف لا؟ وهنَّ، في الغالب، من يتحملن مسؤولية أعباء المذاكرة اليوميَّة طوال السنة الدراسيَّة، مسؤوليَّة يهرب ويتملص منها الرِّجال بكلّ شطارة. تارةً بحجة أن الأولاد والبنات لا بدّ أن يعتمدوا على أنفسهم باكرًا في سنوات الدراسة، وتارةً أخرى بحجة أنهم -الرِّجال- مسؤولون عما يحدث خارج المنزل، والباقي من نصيب الأمَّهات. ألف تحية لكل أبٍ استثنى نفسه من هذه الظاهرة، وساهمَ بجدّ في صنع مستقبل أولاده وبناته.

قلق الأمهات له ما يسوغه، لأن مستقبل الأولاد والبنات يعتمد على نتائج الامتحان، ولا مستقبل -تقريبًا- في هذا العصر لمن ليس لديه المستوى الأدنى المطلوب من الدراسة الأكاديميَّة، وإن كان علَّامةَ ونابغةَ زمانه.

لكن، حتى مع وجود المسوغ، ليس من منفعة في القلق والمعاناة النفسية. نتائج الامتحان تقررها قاعدة: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ}. ليس للطالب والطالبة إلا ما أدى من عملٍ طوال أيَّام السنة الدراسيَّة، فمن جدّ وثابر، سوف يصل إلى هدفه ومبتغاه. وإن الله سبحانه لا يضيع ذلك العمل وهو الذي حكمَ على نفسه: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ}. يفرح ويبتهج من يحصل على نتيجةٍ طيِّبة، ويحزن من لا يحصل على ما رغبَ فيه.

الدعاء للأبناء والبنات بالأداء الجيِّد والنتيجة الطيبة أفضل من الخوفِ والقلق من نتائج الامتحان. دعوة الوالدين للأبناء -البارّين- من الدعوات الثلاث التي يحبها الله ويستجيب لها. ثمّ لا يجب أن يتسرب القلقُ المفرط إلى أدمغةِ الأولاد والبنات، ويفقدهم ثقتهم في الأداء المتميز.



error: المحتوي محمي