يسعى المخلصون من أبناء القطيف لخدمة وطنهم في جميع مناحي الحياة، وكان ديدنهم السير بخطى ثابتة في دروب النجاح حتى يحققوا النتائج المشرفة والمفرحة في عالم التفوق حيث يقطفون ثمار السعادة والتميز والإبداع، والذي هو حصيلة مشرفة للأمة.
إن جميع شعوب العالم من شرقه وغربه ومن شماله إلى جنوبه ومن عربه وعجمه، وفي كل أصقاع الدنيا تسعى تلك المجتمعات لنهضة المؤسسات الحكومية والأهلية، بين الحين والآخر لتحتفي بإنجازات علمائها ورموزها من الأدباء والشعراء والمتفوقين علميًا، والقائمين على العمل الاجتماعي والوطني والإنساني بوجه عام، كما أن هناك العديد من الجامعات والأكاديميات العلمية بمختلف التخصصات تقوم بتكريم المنجزين والمتميزين والمبدعين، كل حسب تخصصه وحصيلته العلمية والأدبية، واعتبارهم سفراء لأوطانهم” سفراء التميز والإبداع” وشركاء النجاح في مجتمعاتهم، وهذا حاصل في العالم الإسلامي والعربي والغربي ومن دون تمييز أو استثناء.
فالقطيف كانت وما زالت تسعى إلى التكريم بكل جد واجتهاد، وهذا العمل الدؤوب ليس وليد هذه الساعة فالقطيف دار علم ومنارة شامخة في الثقافة منذ مئات السنين، فإن المتتبع لتاريخها حيث قفزت خطوات عالية في العلم والمعرفة وحقق علماؤها الأهداف التي ساروا عليها.
إن قطيفنا منذ القدم في هذا المجال، ما زالت في تكريم البارزين والمميزين و الرموز من أبنائها الأفذاذ بدءًا من طلبة العلم حتى من بلغ الرتب وأعلاها، إن ما هو سائر وهو ما كان عليه الآباء والأجداد، بهذا المنهج هو نمط يتجدد نشاطه بين فترة وأخرى من حيث التنظيم والأسلوب والاختيار وحتى التوقيت طال أم قصر، ومما لا شك فيه، فهو مفخرة واعتزاز للجميع.
إن سيرة المكرم والمحتفى به شيخ الشعراء، المحامي والأديب والأب الحاني، الشيخ محمد سعيد الشيخ علي الخنيزي -حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية وأطال الله في عمره-
هي سيرة كريمة، غنية عن التعريف ولا يسع المجال لي ولا لغيري من سردها في صفحة أو أكثر لما تحمله من حجم كبير في العلوم والمعرفة والأدب والشعر، وإن الالتفاف الذي حظي به هذا العالم الكبير منذ ولادته عام 1343هجرية، بعد العناية من الله سبحانه ثم من والده العلامة الشيخ علي أبي الحسن الخنيزي والذي كان معلمه الأول وكما أوضح بنفسه أن والده رحمه الله كان له جامعة من المعارف والعلوم.
توفي والده أسكنه الله في فسيح جناته، وهو في ربيع العمر لم يبلغ العشرين، وبعد أن أوصله “والده العلامة” “رحمه الله” من التعليم والحفظ والدروس الدينية وقواعد اللغة والنحو والفقه والفلسفة وسر البلاغة وغيرها الكثير، والتي كانت هذه الحصيلة العلمية والفكرية من الأساتذة والعلماء الكبار من أهالي القطيف، لا يتسع المجال لذكر أسمائهم رحم الله من رحلوا عن هذه الدنيا، وأطال الله في أعمار الباقين منهم.
إن المجال لطويل وإن للكلمات والحروف سعة هائلة، لا يمكن بلوغها في مقال متواضع كمثل هذا، وإن لأكبر تكريم لهذه الشخصية الوطنية والاجتماعية والإنسانية الفذة فهي من الخالق سبحانه وتعالى، بأن جعل الله من خيرة العلماء والرجال الأوفياء لدينهم ووطنهم ممن ذكروا في صفحات التاريخ وفي سرد السير الذاتية العلمية والأدبية لشخصه ولهم، ممن تزودوا بعلمه وفقه حتى أصبحوا قامات ينتفع بعلومهم وأعلام بارزة لخدمة مجتمعهم ووطنهم.
وإن للحضور الكبير من الشخصيات المتميزة وما تحدث به البعض منهم في حفل التكريم من العلماء والأساتذة الكرام من الأدباء والكتاب والشعراء لأكبر شاهد ودليل، وإن هذا النجاح الباهر والتكريم الشاخص، الذي نال التوفيق من الله سبحانه ثم الاستحسان والرضاء من العديد ممن حضر أو ممن لم يحالفه النصيب بالحضور، كما استحق هذا التكريم العظيم الإشادة والاهتمام والمتابعة من أهالي القطيف وخارجها من الأدباء والشعراء والمثقفين والإعلاميين البارزين وبالرغم من التوقيت في هذه الظروف الاستثنائية والصعبة الصحية “جائحة كورونا” التي ما زالنا تعيش آثارها السلبية في المنطقة والعالم، إلا أنه هذا التكريم والعمل الاجتماعي والتطوعي بلغ النجاح.
وإن هذا التكريم الأدبي، والذي ليس بالأول فمنتدى الخط الحضاري للإعلامي فؤاد نصر الله وهو أحد تلامذة الشيخ الوقور، قد احتفى بالشاعر الكبير ” الخنيزي” في أكثر من مناسبة في هذا العام وقبل بضعة أعوام وكما أفاد به الكاتب والأديب المخضرم الأستاذ سلمان العيد وبالتقرير الصحفي في 19 فبراير الماضي، مقيمًا المنتدى “منتدى الخط الحضاري” احتفالية تكريمًا وتقديرًا لعطاء هذا الشاعر وبحضوره -حفظه الله- حيث قدمت الهدايا والدروع وأخد الصور التذكارية الجميلة لشيخ الشعراء الذي صار علامة بارزة في سماء الشعر مائة عام وأكثر قضاها في رحاب العلم والأدب والمحاماة، وإن التكريم جاء تأكيدًا في نفس الوقت، إن بلادنا الحبيبة زاخرة بالمواهب والكفاءات ليس في القطيف وحسب بل على مستوى المملكة.
وها هي تتواصل المسيرة الخيرة، بفضل من المولى عز وجل ثم الجهة المبادرة والمنظمة لهذا التكريم الأهلي الثقافي والأدبي المبارك من جمعية التنمية الأهلية بالقطيف “الموقرة” الثامنة مساءً من يوم الأربعاء ليلة الخميس 2 /11 / 1443 الموافق 1/ 6 / 2022 وبكوادرها من الشباب والشابات السعوديين المبدعين، قد اجتازوا الكثير من العقبات والصعاب، وإن الأمل بما هو أفضل وأرقى في القادم من التكريم لأكبر بكثير بإذن الله تعالى.
فبارك الله في هذه الجهود الجبارة وأتم الله على هذه الديار من فضله ونعمه وخيره وحفظ قادتها وولاة أمرها وشعبها من كل سوء ومكروه، إنه سميع مجيب الدعوات.