الفن حين يكون إنسانًا

ذات لحظة ، كان يفترش مشفاه ناحية شرفة الوجع والأمنيات ، الداء أنهك جسده في ذات اللحظة ، بينما فكره وروحه ، تطلعاته لم يخبو نميرها فنًا دراميًا ، تفاصيله خيوط ألوانه ، تهدهد الحكايا عن رجل ، كقطعة السكر ، لازالت تذوب الإنسانية فيه ، حين حياته وبعد وفاته . ثمة فن وفي الضفة الأخرى ثمة فن آخر ، حيث العشب ، يحتضن الأجواء رائحة زكية ، أبصرناه فنًا ، كارتشاف الماء ، شغفنا به ، احتوانا ، لنحتويه . الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا ، كان مصداقًا حقيقيًا ، يؤكد أن الفن حالة إنسانية ، لذا في حياته وأعماله الفنية ، وجدناه عبر كل المرايا ، بأنه الفن الأصيل والفنان الإنسان . لم يكن يقتات على الجراحات وسفاسف الفكر وترهات الثقافة ، بلسمًا كان يهديها البسمة على الشفاه ، ليطبطب جراحها ، يستاف من ربيع النخيلات والقهوة العربية ، إكرام الضيف لغة فكره ، أسلوبه الدرامي ، حاملاً على عاتقه كل هموم المجتمع ، يناقشها وعيًا مسرحيًا ، وعمقًا دراميًا ، باحثًا عن الأصالة .

إن الفن إذا ما كان ترفًا – ملهاة – بألوانه المختلفة لا يعدو كونه رمادًا ، تذروه الرياح ، وإذا ما كان يدخل أعماق الناس من أوسع الأبواب ، ليكن رفيقهم في سعدهم وأحزانهم ، في نضجهم الفكري والثقافي ، في همهم المجتمعي ، فإنه سيكون منهجًا دراسيًا ، تستفيد منه الأجيال اللاحقة . هكذا الفنان الإنسان – عبد الحسين عبد الرضا – ، لقد وجه ناظريه وقلبه للحب ، فأحبه الناس ، اعتصر قلبه ألمًا ، ليرسم الابتسامة على محياهم ، فذرفوا الدموع على فقده . إنه لجدير برواد الفن ، أن يجعلوا من سني عمره ، التي قضاها في المجال الفني ، ولكل ما قدمه ، طريقًا زواياه ، يتقنها أهل الفن ، سعيًا في أن لا يضيع هذا الإرث الفني الدرامي والمسرحي والإذاعي ، في الاستغراق بعرض أعماله – وإن كان ذلك حسنًا وتكريمًا – ، لكنه ينبغي أن يدرسوا رواد الفن من الجيل الشاب أبجديات مدرسته الفنية . إن الفنان الإنسان عبد الحسين عبد الرضا مدرسة فنية ، اعملوا التفكير جيدًا ، كيف تستفيدون منها في قادم الأيام ، هناك شخصيات ، تكون بمثابة منهج ، يحتاج لمن يقرأه ويستوعبه فهمًا ، لينجز .


error: المحتوي محمي