مع الانخراط في مسوؤليات الحياة قد يفقد كل منا رفاهيته الذاتية وينغمس في عالم من الرتابة، ولا نقصد بالرفاهية الذاتية تحقيق مستوى اقتصادي معين ولا الحصول على جسم مثالي وإنما رفاهية العقل والقلب والروح التي قد تتمثل في أبسط الهوايات التي نميل لها فتؤثر بشكل إيجابي على رفاهيتنا الصحية وتكون مصدرًا لتشتيت آلامنا النفسية والجسدية.
فالهواية هي ممارسة أي نشاط نهواه في أوقات الفراغ لتفريغ الطاقة السلبية التي تشبع منها الفرد من خلال ضغوطات الحياة اليومية، فيُسهم ذلك في الترويح عن النفس، صقل الفكر، وصفاء القلب من كل ما يعكر صفو المزاج.
فالهوايات تأتي على عدة صور وكل فرد له ميوله وشغفه في الحياة ولكن هناك 3 هوايات أساسية يحتاج كل منا أن يبحث عن خبايا نفسه فيها ويمتلكها:
1- الهواية التي تحافظ على اللياقة فتحسن حينها الصحة الجسدية.
2- الهواية التي تُشعل فتيلة الشغف والإبداع فلها الأثر على الصحة العقلية.
3- الهواية التي تكون مصدرًا للرزق فتبعث على الاستقرار الاقتصادي فتحسّن الصحة النفسية.
فإن ممارسة الهوايات المختلفة تلعب دورًا مهمًا في خلق هوية ذات بصمة مميزة لكل فرد منا، كما أنها تساعد في خلق جو إبداعي مهم للمضي قدمًا لتحقيق الأهداف في الحياة لأنها تُشعرك بأن هذا الوقت مُلكك ومضمار حريتك وأنت سيد القرار فيه، فيتلاشى حينها الشعور بالروتين والالتزام، الذي قد يبعث على الإرهاق الجسدي والفكري والنفسي فتظهر حينها الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق فتتهيج الآلام الجسدية وتقل مقاومة الجسم للأمراض. ونتيجة لذلك فإن الاستمتاع بممارسة هواية محببة من شأنه أن يعزز الصحة النفسية والجسدية والعقلية ويعود على الجسم بفوائد جمة.
وفي ضوء كل ما ذُكر آنفًا فما علاقة الهواية بتشتيت الآلام المزمنة على الصعيد النفسي والجسدي على حدٍ سواء؟
لا يخفى على الكثير أن قلة كفاءة النوم لها دور كبير في تعطيل عملية الاستشفاء وتحسين الآلام، فقد وجدت الدراسات أن ممارسة بعض الهوايات تساعد على التخلص من الأرق والحصول على نوم عميق. فإن ممارسة أي هواية رياضية قبل النوم بساعتين كفيلة بتحسين جودة النوم والسيطرة على الآلام.
إن الضياع في دوامة ضغوطات الحياة والتوتر يلعب دورًا في زيادة إفراز هرمون الكورتيزول الذي يؤدي كثرة إفرازه لإضعاف الجهاز المناعي، فالهواية تساعد على تخفيف التوتر فتنضبط حينها هرمونات إدارة الإجهاد فترفع من قدرة الجسم على التشافي الذاتي من الأمراض وتحسن من شدة الإحساس بالآلام.
إن قضاء ساعات متواصلة مجهدة سواء في أداء الوظيفة أو إنجاز المهام المنزلية يرتبط على المدى البعيد بتدهور الصحة العقلية مبكرًا ويهيج الآلام العضلية في الجسم، وبالتالي فإن تبني بعض الهوايات لربات المنازل من شأنه التحكم في الآلام المرتبطة بالأمراض المزمنة، فمثلاً هواية الحياكة تساعد على نسج الأفكار وحل الأمور بشكل منطقي بينما هواية العناية بالنباتات تساعد على التركيز والاهتمام بالتفاصيل. وإن ممارسة هواية الألعاب العقلية للموظفين من شأنها تحسين المرونة العصبية للدماغ فيُصبح الشخص مبدعًا في مجال عمله وفي خلق الأفكار العملية الجديدة.
كما أثبتت الدراسات أن ممارسة الحرف والهوايات اليدوية تساعد على تحفيز مجسات الإحساس العصبية الموجودة في اليد والمرتبطة بشكل مباشر بالدماغ فتساعد على التحكم بالآلام.
فلا نتعجب من أن يكون علاجنا أحيانًا ينبعث من ذواتنا، ونتيجة لذلك فإن كنت تعاني من الآلام المزمنة التي أقلقت نومك وقللت من جودة الحياة لديك، فمن هذه اللحظة ابحث في كينونتك عن ما تهوى ومارس ما تحب أو تعلّم هواية جديدة واستمتع في ذلك العالم السحري الذي سيساهم في تشتيت آلامك بالمجان.