عندما تقرأ الكثير من الروايات الواقعية والخيالية والفلسفية ونصوص الشريعة والقرآن الكريم تشعر بحصاد السنين، فعليك الحفاظ عليه في ذاكرتك وسلوكك اليومي الذي طالما اكتسبت الكثير من الخبرات أثناء حياتك، فهو يعزّز ثقتك بنفسك بلا شك، ويتضخم العقل بتلك المكتسبات والقراءات، وتشعر كأنك عابر للقارات والكون معًا، وتشعر أيضًا كأنك تستطيع أن تواجه الكثير من المعضلات الحياتية، هذا مع الإيمان بكلّ كلمة أخلاقية وإنسانية.
يُحدّثك عقلك بالمتشابهات والمتناقضات التي لا تنتهي، تسحبك الميول العاطفية مكونة الفكرة العقلية التي دخلت أو استقرّت في عقلك الباطن، تنهض متى شاء القدر أن تصادف ذاك الموقف المتشابه، تشعر بأنّ الكثير من النجاحات المبنية على التجارب سوف تتحقّق مع الوقت.
سمعت أحد الأصدقاء يقول: زارني شاب يافع في مكتبة بيتي، عندما رأى الكم الهائل من الكتب التي أمامه؛ سأل: ما فائدة الكتب التي قرأتها؟! سؤال صادم، أمام مكتبة جدّي، لم أقرأ كتاباً بالفعل خلال السنوات العشر الماضية، بقيت قليلًا من الوقت أفكّر في جواب، أجبت بلغة بسيطة: حتى تصبح “خوش آدمي”.
ابتسم الشّاب بعد قبول هديته: “كيف تقرأ”، إنّها طبيعة البشر، حتى لو قرأت مليون كتاب، سوف تجد صعوبة في مدى تغيير نفسك مع ضآلة قدرتك على مواجهة جاهل عنيد ومعاند يطلق الصّيحات وعبارات الاستفزاز والشتائم المتواصلة، تقف حائرًا في الاختيار؛ إمّا مقابلته بالمثل أو الانسحاب، هذا يتوقف على حجم الاستيعاب التلقائي مع مهارات اللغة والمحادثة، وحجم الاستجابة الإيجابية تأتي من البيئة، والمكتسبات، والخبرات يصاحبها الكثير من الكتب التي قرأتها، وما بين العلم والفلسفة قاب قوسين؛ مرضٌ اسمه “الجهل” حيث حدّد بعض العلماء أنواعه بين الجهل البسيط والمركب، الأول: يدرك حقيقة جهله، والآخر: تختفي حقيقته مع نفسه، لكنّ الجهل أيضًا سمة ضرورية متلازمة في ميدان المعرفة، حيث ترتقي الثقة بالنفس في تعزيز الأفكار الجديدة، لكنّ البشر مختلفون وإن ظهرت عليهم علامات القدرة، إلّا أنك لابُدّ أن تسقط في البئر عدّة مرات، عندها يبدأ جلدك الذاتي النفسي في الطحن، كيف؟ ولماذا كنت هكذا؟
لولا الأضداد لما قرأنا وكتبنا، عندها علمت أنّ الأضداد هي مكونات المعرفة، ويمكن أن نسمّيها متلازمة المعرفة، هذا يفسّر أنّ إعادة هيكلة الأفكار ليست سهلة، فهي تحتاج للكثير من الجهد والقراءة والخبرة حتى تصبح “خوش آدمي”.
قال الإمام علي (عليه السّلام): “لو سكت الجاهل ما اختلف الناس”.