قادت الصدفة السيد فاضل الشعلة ليكون صانع أفلام بعد أن وقع في حبها، ومشاهدتها، ليتحول بعدها من مجرد مشاهد مبهور بما يراه على أشرطة الفيديو إلى صانع مسيرة مهنية رائعة في عالم صناعتها.
تلك المسيرة استرجعها “الشعلة” خلال حديث “حوارية إنتاج الأفلام بالقطيف”، مع ديوانية مكرمون بالخويلدية، عائدًا بذاكرته إلى عام 1405 حين كان يسمع فقط عن مجموعة تنتج الأفلام تسمى “البدر” لباسم الدهنيم يختصون بصناعة الأفلام في القطيف، لكنه لم يشاهدها لعدم توافر إمكانيات عرضها في ذلك الوقت.
ومضى السيد فاضل في الحديث عن تلك الذكريات قائلًا: “مرت 20 عامًا، وبالتحديد عام 1425، بعد أن كنت عائدًا مع أحد الأصدقاء إلى منزله، يومها أهداني شريط فيلم “اليوم المشؤوم”، لمجموعة تدعى “القطيف فريندز”، وهو فيلم رعب وكان الجزء الثانى منه، وقتها انبهرت بالتمثيل والقصة، ووجدتهم متأثرين بهوليوود، حتى كتبت عنهم جريدة الحياة “فيلم رعب على نمط هوليوود”.
مع ترانيم
تعرف الشعلة بعد ذلك على المسؤولين عن مهرجان “ترانيم للإنشاد”؛ وهو مهرجان كان يقام بشكل دوري في محافظة القطيف، وعرضوا عليه الانضمام معهم، وبالفعل أصبح مسؤولًا عن الإنشاد والمسرح فيه، إلا أنه لم يتوقف عند الإنشاد فقط، فقد بدأ يفكر في إدخال الأفلام إلى المهرجان، فبدأ التنسيق مع “مجموعة قطيف فريندز” على عرض فيلم في مهرجان ترانيم العام التالي.
“رب ارجعون” بـ10 لغات
اشترك السيد فاضل مع وزوجته هاجر التاروتي في كتابة فيلم “رب ارجعون”، وترجم لأكثر من 10 لغات، وظل يرصد ردود أفعال الجمهور حينها، والظريف -حسب قوله- أن أول عرض للفيلم كان “فاشلًا” حيث عُرض في مهرجان ترانيم وقد حدثت مشكلة تقنية أثناء العرض، وطلب من الجمهور الحضور في اليوم التالي لمشاهدة الفيلم مجانًا.
يسرد تلك الذكرى: “أتى لنا حضور أكبر في اليوم التالي، وطلبوا منا عرض الفيلم في أماكن أخرى، وعرض بالفعل في عدة أماكن داخل وخارج المملكة مثل مسرح مشرف بالكويت ليحصد أكثر من عشرة آلاف مشاهد في عدة ليالٍ، وعرض أيضًا في قطر والإمارات والبحرين ودول أخرى، وتم ترجمته لعدة لغات، ليفتح مهرجان ترانيم الباب للاهتمام بالأفلام آنذاك، وبدأت مجموعات في البلد تهتم أكثر بالأفلام، وكان المهرجان من أهم المواقع المهيأة لاستقبالها، حتى وصلنا في سنة من السنين لعرض أكثر من 50 فيلمًا”.
القطيف والأفلام
وصف “الشعلة” القطيف بأنها من أوائل المهتمين بالأفلام وعرضها، ثم بدأت المجموعات في الظهور، حيث قال: “في القطيف الكثير من المبدعين الذين ينتظرون أن يقرع الجرس، والجيد في الأمر أن الكفاءات والمواهب موجودة وبعض هذه المجموعات بدأت في استنساخ الفكرة، بعضها استمر، وبعضها انتهى كون إنتاج الأفلام جماعيًا حيث يختلف عن الإنتاج الفردي، بمعنى أن الفيلم يحتاج فريقًا يتكون من مؤلف ومونتير ومسؤول إضاءة وممثلين وجرافيكس وتصوير وإخراج وغير ذلك، وأي شخص من الفريق فيه ضعف سيؤثر على باقي المجموعة”.
عرقلات أوقفته
وعن سبب توقف معظم هذه المجموعات لاحقًا لفت “الشعلة” إلى المعوقات التي واجهتهم بسبب عدم وجود مختصين في التصوير والإضاءة على سبيل المثال، إضافة إلى عدم توافر الدعم المادي لهم، فأغلب العاملين في الأفلام من الهواة ويمكن أن يتوقفوا في أي وقت؛ لذا خسرت القطيف الكثير من المبدعين على مدار الوقت.
مشاركات وفوز
وفي عام 1429 شارك “الشعلة” مع القطيف فريندز بفيلم بقايا طعام في مسابقة أفلام الإمارات وحصل على المركز الأول خليجيًا في فئة الأفلام القصيرة، كما شارك في أول مسابقة رسمية للأفلام في السعودية، قائلًا إنهم شاركوا حينها في جدة والدمام والأحساء وحصلوا على المركز الأول، وكان فوزهم وتواجدهم يتزامن مع بداية التأسيس الرسمي للمسابقات في السعودية.
قيثارة
وحول تأسيس مؤسسة “قيثارة”، أوضح أنه في عام 1430 قرر بمشاركة فريق القطيف فريندز تأسيس هذه المؤسسة والحصول على تصريح رسمي وسجل تجاري إضافة إلى تحديد مقر ثابت لها، ليتغلبوا على مشكلة عدم الاستمرارية، وبذلك استطاعوا الاستمرار في العمل حتى الآن.
“حج العاشقين”
وتوالت الإبداعات ليصدروا بعدها فيلم الأنيميشن “حج العاشقين” عام 1431 عن مناسك الحج، والذي يلقى أصداء واسعة لمعالجته أكثر الصعوبات والأخطاء التي تحدث سنويًا في الحج، وحصل على تقييمات عالية في استبيانات الحجاج، ليقرروا إصدار تطبيق “حج العاشقين” بعدها، وهو أول تطبيق في العالم لخدمة حجاج بيت الله به مساعد الطواف الذكي؛ لحساب عدد الأشواط للحاج آليًا عبر تقنية الجي بي إس، مع عرض للأذكار المستحبة وإتاحة الوصول للأحكام الفقهية طبقًا للعديد من أحكام الفقه بسهولة.
وأوضح “الشعلة” بأنه يعمل حاليًا على تحويل الفيلم إلى “عمرة العاشقين”، ليستفيد أكبر قدر ممكن نظرًا لأن العمرة المفردة متكررة أكثر من الحج، لذا يتم تعديل السيناريو وتصوير بعض الجمل الخاصة بالعمرة، مشيرًا إلى أن الفيلم مدبلج ومترجم إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية من قبل دكتور عراقي في كندا، وسيتم ترجمته إلى اللغة الفارسية هذا العام.
من اليهودية إلى الإسلام
ومن أبرز المواقف التي لا تُنسى في مخيلة “الشعلة” هو إسلام شخص يهودي بعد مشاهدته وتعليقه لفيلم “رب ارجعون”، معلقًا: “هذا الشخص فكّر في دخول الإسلام رغم أن الفيلم ليس تبشيريًا، ولكن ربما فتحت أمامه عدة استفسارات بحث عنها واقتنع وأعلن إسلامه”.
بلا طائفية
وتحت شعار “ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا”، تعرض “الشعلة” لأزمة الطائفية من خلال أعماله ومنها فلاش “الطائفية مستقبل أسود” عام 1439، علاوة على اهتمام فريقه بالأعمال الإنسانية من خلال تنفيذ عدة أعمال أبرزها “هو أجمل بدون قناع”، و”هو بقربك” والذي انطلق مع حملة جمعية “كافل اليتيم” في القطيف والتي خصصت اليوم الثامن من محرم كيوم خاص باليتيم بالقطيف.
أعمال
وأجاب “الشعلة” عن السؤال حول أعماله الأخيرة بأن فريقه شارك في عدة أعمال العام الماضي منها فيلم “ولكني بدأت” الذي ترجم لـ8 لغات تقريبًا، مبينًا أنهم حرصوا على وضع نهاية سعيدة لبث الأمل في النفوس، وبالفعل لاقت ترحيبًا كبيرًا من الجمهور.
وطرحت “قيثارة” فيلمًا آخر العام الماضي، بعنوان “جراحات” شارك فيه أكثر من 100 شخص من أم الحمام والربيعية والقديح ومناطق أخرى، رغم أن مدته لا تتعدى الربع ساعة؛ وذلك لأنه عمل تاريخي يجمع بين الماضي والحاضر.
واختتم “الشعلة” حديثه معربًا عن تمنيّاته مواصلة الاهتمام بإنتاج الأفلام، حيث إنها لغة عالمية تساعد في التواصل مع الآخر بلغة فنية راقية.
الحوار كاملًا: