الأعمال الدرامية الكويتية أصبحت أشبه بمصحات نفسية تفتقر للقصة المشوقة والطرفة الهادفة..
أن يشعر الممثلون ذووا الخبرة والرصيد الجماهيري بالغربة وسط الدراما الجديدة القاتمة نتيجة طبيعية للفراغ الحاشد في ماهية الطرح ورصانته. صعد الممثلون الرواد إلى القمة وتكسرت سلالم الشاشة الكويتية بشكل مباغت مخلفةً مسافات متراكمة بين القمة والقاع.
يلتفت رواد الفن الخليجي الكويتي فلا يجدون شركاء لهم في أعمال تكمل بناء السلّم الثمانيني العالي.. رأينا فنانين مثل المرحوم عبد الحسين عبد الرضا وإبراهيم الصلال وغيرهما يستعيرون ممثلين صغارا يكاد ضوؤهم يخفت أمام حضورهما الكاسح في ظل تفاوت حرج في النجومية.
عبد الحسين رغم زخمه الكبير في الوسط الفني إلا أنه وجد نفسه وحيدا في آواخر أعماله التي خلت من أبناء جيله الذين يعدلون ميزان الكاريزما والزخم الفني والتاريخي..
موجات التصفيق العالية التي عرفتها السبعينات والثمانينات بدأت تبرد لما وجدنا سعاد عبد الله وحياة الفهد غارقتين في سيناريوهات باهتة ومنزويتين كالضرتين اللتين لا تتواءمان في عمل درامي واحد لأن السماء لا تتسع لأنجم عديدة.
اشتياق وإصرار الأجيال لأعمال السبعينات والثمانينات يفرض على الوسط الفني الكويتي أن يقوم بمراجعة للأداء وثورة على الواقع البائس وانتصار للأمس المميز ومحاولة لم شمل القامات الفنية الكبيرة لاستعاذة ما فلت من الضوء..
هبوط الأدوار فجأة من الجيل المؤسس والمادة المتميزة إلى الجيل الجديد الغارق في السخافة شكل مسافة حرجة بين المشاهد والشاشة الكويتية..
أعمال درامية كثيرة تزامنت مع هجرات جماعية جماهيرية مبررة عن الفن الكويتي الذي بات مثيرا للضجر.. دراما النشاز والحزن والدموع والحائط والمخدرات واللارحمة باتت أسهما بلا أهداف يتأسف مطالعها على التركة الفنية والكتابية التي تمت بعثرتها بشكل منظم.
بين ممثلي القمة الذين انساقوا للتغيير الباهت والذين أحيلوا للتقاعد المبكر تم دفن التميز الكويتي الذي بقي شاهدا في طابور المتوفين ودموع المؤبنين.. لم يبق من أبجديات الفن الكويتي إلا غبار يسعله اليوتيوب بين وفاة وذكرى.. واقع مؤسف قد يتحمله المخرجون والمنتجون الجدد بامتياز.