(في رثاء من فقدناهم من آل العباس مؤخرًا، السعيدة سعدى الصيرفي (١ شوال ١٤٤٣هـ) ثم ابنتها زهراء محمد العباس (١٦ شوال ١٤٤٣هـ) رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته. وإنا لله وإنا إليه راجعون[١]).
واليومَ في حُزْنِي أُنادي يا حَسَنْ ** أنتَ المؤملُ والكريمُ المؤتَمَنْ
قلبي كعهدِكَ في تعلُّقِهِ بِكُمْ** فالحبُّ حيثُ القلبُ مُلْكٌ مُرْتَهَنْ
ملأ الجوانحَ ما بهِ دَخَلٌ ومِن** يومِ الوداعِ كما عَهِدْتَ
بلا وَهَن[٢][٣]
أنتم لنا في كلِّ رِزْءٍ سَلوةٌ** حتى غدت بكم الحياةُ لنا وَطَنْ
يا سيِّدي وفدتْ عليكم “سعدةٌ”** والقلبُ يحضنُ طِيبَهُ وقدِ اطمَأنْ
لِسَخائِك الميمونِ يَا ابْنَ الأكرَمِيـ** نَ وأَنْتَ أَخْيَرُ مُجتبًى يومَ الفِتَنْ
فبحقِّ فاطمةٍ ومَن فطمتْ نَدَا** كَ لها تجوز بهِ صِراطًا كالشَّطَنْ[٤]
تمشي على أرضٍ يبَاسٍ رَحْبَةٍ** في خِفةٍ مِن خطوِها حينَ اتَّزَنْ
والمنتهى للجائزينَ كَ “أُمِّ جا** سمِ” جنةٌ والمصطفى فيها عَدَنْ[٥]
دارُ الهناءِ لِمِثْلِها وهناكَ زَيْـ** نبُ حَيْدرٍ تشدُو “هُنا أمُّ الحَسَنْ”
يا سعدُ أهلِكِ والْأَسى..”زهراءُ” قد** تاقتْ لِحُضنٍ كان أوَّل مَنْ حَضَنْ
هذا الرحيل كوى قلوبًا ما تعا** فت بَعْدُ مِن آلامها فنما الشَّجَنْ
إذ أثقلتْ حزنًا لأهلٍ تَسْتَكِيـ** نُ بِهم لَدَى الأحبابِ أوجاعُ المِحَنْ
مَن ذا أتى بمشورةٍ أو فاتَ مُخْـ** تارًا؟ كما قهرًا أتى.. قهرًا ظَعَنَ
ما المرءُ إلَّا راكبٌ أجلًا بِلا *** حذرٍ قضى في يقظةٍ أو في وَسَنْ
للراحلينِ بلا غِيابِ مفارقٍ** أزكى سلامِ مُودِّعٍ أثنى فَحَنْ
هذا حنينٌ مِن محبٍّ عارفٍ** الأهلَ في الدنيا حِمًى ضِدَّ الزَّمَنْ
ما حظُّنا منها سوى قربى فإن** رحلوا فقدنا بعدهم سِتْرَ المِجَنْ[٦]
وأحبتي مِن “آل عبّاس” الكرا** مِ مظلةٌ والأصلُ مِن ذاكَ الفَنَنْ
“عبدُ الْحُسينِ” وفي الرِّجالِ لهُ مها** بةُ طلَّةٍ وجهٌ صبوحٌ قَد مَزَنْ[٧]
و “صفيَّةٌ” حرمٌ صبورٌ رافقتْـ** هـُ وأكملتْ مِن بعدهِ ما قد وَزَنْ
يا سيّدي.. هُم أهلُ أُمِّي لا يشو** بُ هُيَامَهم فيكم مِراءٌ أو دَخَنْ[٨]
والكلُّ يرضعُ حبَّكم من أُمِّهِ** وأبٌ يُباري زرعهُ حتى الزَّكَنْ
فالسَّعد في وجه الرحيلِ لِرحمةٍ* حيث المُنى ..حيث الوَفا ..حيث السَّكَنْ[٩]
الهوامش
[١] جائني خبر وفاة أم جاسم (زوج خالي محمد رحمهما الله) وأنا أدندن في مراجعة لقصيدة “أحبك يا حسن”، انظر الرابط: (هنا).
فصارت هي الخلفية العفوية لقصيدة الرثاء هذه… لخواطر طفلٍ داخلي هرب لحظتها لبيت جده في الربيعية في تاروت. وبعد أسبوعين تم تعديلها بسبب وفاة ابنة الخال زهراء (رحمها الله).
[٢] دَخَل: من دخِلَ يَدخَل ، دَخْلاً ودَخَلاً ، فهو دخِل، دَخِلَ الشَّيْءُ : فَسَدَ دَاخِلُهُ، ودَخِلَ الأَمْرُ : أَصَابَهُ عَيْبٌ أوْ فَسادٌ.
[٣] عَهِدَ الشَّيْءَ : عَرَفَهُ، و فيما أعْهدُ: في علمي، على حدِّ عِلْمي.
[٤] الشّطن: الحبال.
[٥] عَدَن: أَقامَ، تَوَطَّنَ، قَطَنَ، لَبِثَ، مَكَثَ.
[٦] المِجَن: جمع مجان، الساتر لصاحبه من ضربة السيف ونحوها، كالترس ونحوه.
[٧] مَزَن فلان: ضاء وجهه.
[٨] دَخَن: فساد، ويقال هُدْنَةٌ على دَخَن: أي صُلْح على فسادٍ باطِن.
[٩] مصداقًا للآية الكريمة: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} [البقرة: ٢٨١].