وظيفة بلا ملامح..

اختيار تخصص جامعي يلبّي حاجة السوق هو الشغل الشاغل لكثير من خريجي الثانوية في هذا الوقت الراهن، فخرّيج الثانوي يضع خلاصة جهد 12 سنة دراسية على كف عفريت (كما يقولون) ولا يريد أن يقضي فوقها أيضًا 5 سنوات في تخصص لا يعلم إن كان سوق العمل يحتاجه أو اكتفي منه وهنا تكمن المعضلة والمأزق.

فالذي يحدث أن السوق غير واضح المعالم وليس هناك خبير اقتصادي يتحدث بشفافية عن مستقبل وضع السوق ومدى حاجته الفعلية للوظائف ذات المؤهلات الجامعية التي تدفع بعجلة الاقتصاد للأمام، فالشباب الجامعي يدرس تخصصًا لطالما كان يحلم به منذ الصغر ولا يفكر أن يحلم بشيء غيره ولكن لا يعلم الى أين يقوده هذا التخصص وعندما تحصّل عليه وجد نفسه يتنقل حاملًا هذا التخصص على ظهره من مكان الى آخر يبحث عن وظيفة تناسب شهادة تخرجه أو أحيانًا إذا وهن عظمه رضخ أن يعمل على وظيفة بعيدة كل البعد عن مجال تخصصه وبذلك خسر كل العلم والمعرفة التي درسها طوال سنوات دراسته الجامعية ولذلك يلجأ بعض الخريجين مرة أخرى إلى خوض غمار الدراسة مع مؤهل أعلى أو تخصص آخر قد يعزّز من حظوظه لعل سنّارة الوظيفة تغمز معه هذه المرة.

وحتى لا تضيع أحلام الشباب هباءً منثورًا يجب على خريج الثانوية بالتحديد أن يعمل مسح شامل على وضع السوق ويجري دراسة وافية ومتكاملة لما يحتاجه سوق العمل على المدى البعيد قبل أن يفكر باختيار أي تخصص دراسي وهذا بالطبع منافي للمنطق لإن متطلبات السوق غير مستقرّة ومتقلبة وخاضعة لموازين القوى الاقتصادية ولكن لا مناص منه إذا كان ضمان المستقبل الوظيفي يتطلب منه هذه الاستراتيجية حتى لا يضطر في نهاية الماراثون البحث عن استراحة محارب يحتسي على طاولاتها البالية قهوة القلق والانتظار أو يجد نفسه مرغمًا على قبول وظيفة بلا ملامح لا تناسب مؤهله ورغبته ولم تكن أساسًا موجودة في الحسبان.



error: المحتوي محمي