(المرايا تصيدُ من لا يُصادُ)

في الشوق لزيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.

فضح الطرفُ ما يكنُّ الفؤادُ
آيةُ العشقِ في العيونِ السهادُ

كيف يلتذُ بالكرى جفنُ صبٍّ
وهو الشوقُ جمرةٌ واتقادُ

حاصرتهُ الضلوعُ لمّا تجلى
حسبك الطيف خطفة يرتادُ

طُبعت صورةُ الحبيبِ بقلبي
كالمرايا تصيدُ من لا يُصادُ

فتنهدتُ يا ابن موسى تمهلْ
كوميضٍ أضاء منه الوسادُ

إن تكن رؤية فرؤياك حقٌ
ليس في الشمس للعيون اجتهادُ

يا ابن موسى و قد لمحتك برقًا
وجزاءُ المحبِّ منك انفرادُ

فتحنن على المحبِّ بطيفٍ
ترتوي منه مهجتي والفؤادُ

ذقتُ طعم الجوى وهمتُ اشتياقًا
وخراسان لم تصلها الجيادُ

وجناحي كما تراه كسيرٌ
كلما رفَّ قيدتهُ الصِّفادُ

فإذا صوتوا الرحيلُ لطوسٍ
نفخ الشوقُ فاستشاط الرمادُ

دفعت روحي الرياحُ وسارت
لم يحدها عن المسير الوهادُ

يا أنيس النفوسِ ما جئت بدعًا
إن للروح في الخيال عتادُ

فإذا ضنَّ بالوصالِ زمانٌ
زارني الطيف والخيالُ الزنادُ

تسرج الروحُ للقاءِ خيالا
لم تعقها حواجزٌ وقِتادُ

خلف تلك التلال طور ابن موسى
شع في الأفق عسجدٌ وقادُ

قد بلغت الحمى فقرّ عيونا
ولك البشرُ فالمعاصي تبادُ

في ثرى طوس روضةٌ من جنانٍ
وإمام قد هام فيه العبادُ

و على بابهِ أناخوا ركابًا
وحديثُ النفوسِ حان الحصادُ

يا إمام الورى و ما خاب ظنٌّ
قصد الله من سبيل يُرادُ

سيدي قد أتاك بالشعر قلبٌ
صادق الود بالشعور يُقادُ

فتقبل إن كان فيها قصورٌ
لغة العشقِ كعَّ منها المدادُ

قد سما بالقصيد ذكر ابن موسى
وبه الشعرُ نغمةٌ تستعادُ

خسئ الشعرُ أن يحيطك معنى
تتهاوى دون النجومِ الجرادُ

سيدي والنوى تسعّر وجدًا
أنت ري الظمأ وأنت المرادُ

و على القلبِ من صنيع الليالي
غيمةٌ لفها الأسى و السوادُ

إن للنارِ نظرة في البرايا
علمت بالذي يكنُّ الفؤادُ

فإذا كان عاشقًا لعليٍّ
أمسكت غيظها وعنه تُذادُ

و إذا كان مبغضًا قد تردى
نال في قعرها لهيبًا يُزادُ

سفن الآل تمخر اللجَّ حتى
تصل الشط و الشراعُ الرشادُ

فعليكم من الإلهِ صلاةٌ
كلما داعبَ الجفونَ الرقادُ



error: المحتوي محمي