حتى الرِّجال يطربهم الثناء!

كنَّا في وليمة زواج ابنٍ لأحد الأصدقاء، وفي هذه المناسبة حضرَ كثيرٌ من الأصدقاءِ القدامى، لم يرَ بعضنا بعضًا منذ مدَّة طويلة، فكانت المجاملات والضحكات كثيرة، الملابس والعمر والنشاط وغيرها من أحاديث الإطراء والمديح. طبعًا، كما هي الأيَّام تفعل ما تشاء، بعض الأصدقاء كبر وصار أجمل، وبعضهم لبس النَّظارة فصار أوسم، ومنهم من كبر الأبناء والأحفاد فصار له في الحياةِ عزّ وسند.

من الجائز أن النساء يطربنَ أكثر لسماع المجاملات، الفستان، الشعر، الزينة، وغير ذلك من أدوات الإطراء التي تكثر في عالم النساء. إلا أن الإطراء – أيضًا – يبعث في نفوس الرِّجال طاقةً إيجابيَّة وشعورًا بالمحبة، كما يحصل عند النساء. الرِّجال ليسوا مخلوقات دون مشاعر، أو من كوكبٍ آخر، إذ تحت تلك القشرة الصلبة والمظهر الخشن مشاعر حيَّة تتحرك، تتأثر بما يحيط بها من حفاوةٍ ولطف. يكاد بعض الثناء يخلق عندهم أجنحةً يطيرون بها نحو السماء!

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “إذا أحببتَ رجلًا فأخبره بذلك فإنه أثبت للمودّة بينكم”. كلمات قليلة وابتسامة تخلق حالةَ حبّ لا تنسى، سؤال عن الحال، عن العيال، مدح الملابس، مدح الأخلاق، كل ذلك لا يكلف شيئًا، بل يصنع العجائب. عادة جميلة رأيتها عند الغربيين، يديمون مدح اللباس، فإذا التقى صديقان أوّل جملة تقال “ملابسك جميلة” أو “تبدو أنيقًا للغاية”.

أحد المعارف يقول إنه فعلًا ينظر إلى وجهه في المرآة ويرتاح نفسيًّا إذا قال له أحد أصحابه إنه لا يزال شابًّا! هذه المجاملة مطلوبة “التودد إلى النَّاس نصف العقل”، تبقى في القلب مدةً طويلة، بها تحسن العشرة وتَدوم المودّة. إنَّ فعل الكلمة إمَّا في مثل بردِ الثلج أو في حرارة النَّار، بعض الكلام يخلق حالة إحباطٍ وفتور، وبعضه يخلق حالةَ فرحٍ وسرور.

“إن المتحابين في الله يوم القيامة على منابرَ من نور، قد أضاء نورُ أجسادهم ونور منابرهم كل شيء، حتى يُعرفوا به، فيقال: هؤلاء المتحابون في الله”، من أمارات وعلامات الحبّ الكلمة الحلوة الشهيَّة والمجاملة الطيبة.



error: المحتوي محمي