
عالج الكاتب والمخرج المسرحي حسن علي آل مبارك مشكلة ارتفاع أسعار العقار بحبكة مسرحية مدروسة وأحداث مشوقة مليئة بالحس الفكاهي والتفاصيل المشوقة؛ في مسرحية “بالمتر المربع” التي تتمحور حول معالجة القضايا بطريقة كوميدية، مستعرضُا خلال مشاهدها تعامل أصحاب العقار البشع مع المستأجرين وارتفاع أسعار الإيجارات وما يتعلق به من ملحقات بين المستأجر والمؤجر، وفواتير الماء والكهرباء والمخالفات وغلاء أسعار المواد والأراضي والبنيان.
وتحكي المسرحية عن تمكُّن الطمع والبخل الشديد من فرض سلطته على سيدة أعمال من خلال عملها بالعقارات وسيطرتها بالكامل على عمارة تمتلكها بالتعاون مع زوجها الذي ينصاع دائمًا لأوامرها دون تردد أو تفكير ورفع الإيجار على المستأجرين واستغلال العامل الأجنبي مقابل سعرٍ زهيد، وكذلك رفضها أن تتوظف ابنتها الجامعية لتجعلها تُدير أملاكها، وقيامها بشراء بلك لتربة غير صالحة للبناء والتحايل بأوراقها ليكتشف ذلك مُفتش البلدية الذي تقمص شخصية تنكرية عند بحثه عن شقة يستأجرها، لتحط سيدة الأعمال شباكها وتجعله يتزوج ابنتها من باب الترادي.
وتتناول الأحداث خلال المسرحية إقدام استشارية عظام على البحث عن شقة تستأجرها تملكها سيدة الأعمال تلك؛ تتفاجأ بطلب غريب من هذه السيدة بالموافقة على زواجها من زوجها لتصدمها الأخرى بأن يتزوج صديقاتها الاستشاريات الثلاث، فتوافق سيدة الأعمال على شرطها، وتطلب من زوجها أن يُطلقها ويتزوج الاستشاريات الأربع وتضمن بذلك دفع إيجار الشقق على المدى البعيد، إضافةً إلى تجسيد شخصية “القمر الصناعي” الذي يكتشف مخالفات تسريب المياه والضغط والعبث والتلاعب بالعدادات دون جدوى خصوصًا بعد طرح فكرة الطاقة الشمسية لحل مشكلة ارتفاع أسعار فواتير المياه والكهرباء.
وكان لـ«القطيف اليوم» وقفة خاصةً مع الكاتب والمخرج المسرحي آل مبارك ليتحدث عن استعداداته لمسرحيته “بالمتر المربع” وبداياته وسيرته الإخراجية الحافلة بالأعمال الهادفة والقضايا الاجتماعية.
وبدأ آل مبارك بالحديث عن استعداداته للمسرحية التي قام بتأليفها وإخراجها، مبيّنًا أن الترتيبات تمت على قدم وساق بشكلٍ عام موزعةً على الجميع وأيضًا اختيار الزمان والمكان؛ حيث تم الاستعداد للعمل قبل شهر رمضان بشهرين، وقال: “الفكرة بدأت بأن يكون العرض بنادي الصفا بمدينة صفوى وحال تأخر خطاب رعاية الشباب من إقامة العرض فيها وتغيرت الوجهة إلى جمعية الثقافة والفنون بالدمام”.
وأشار إلى أنه لم يواجه عقبات وصعوبات كما يُطلق عليها الكثير قبل عرض المسرحية، مؤكدًا أن هذا العمل لم يخل من عثرات طفيفة كتأخر خطابات الموافقة، معقبًا بأنه من الممتع أن يتم تنفيذ العمل بشكل رسمي بعد موافقة جميع الجهات المختصة وتقديم العروض المسرحية بكل أريحية.
وقال: “نطرح “بالمتر المربع” أحداثًا معينة لتسليط الضوء على كل ما يختص بأزمة السكن والعقار وما تحتويه والصلة الوثيقة بالماء والكهرباء ومُعاناة المستأجرين بقالب اجتماعي كوميدي”.
وأوضح بخبرته في المجال المسرحي التي امتدت لأكثر من 20 عامًا أن أبسط ما يكون هو اختيار فريق الممثلين ومهندس الصوت والإضاءة، لافتًا إلى أنه لا يميل إلى استهداف أي طبقة بالمسرح إن كان هناك مثقفون أو غير ذلك من مهتمين وغيرهم، حيث يرى جميع الطبقات بجميع المسرحيات التي قدمها، واصفًا جمهور المنطقة بأنه بشكل عام لا غبار عليه.
وشارك ذكريات دخوله عالم المسرح قائلًا: “كانت البداية بإذاعة المدرسة بالمرحلة الابتدائية، والفعلية عام 1992م، بالمسرح المدرسي بالمرحلة المتوسطة، حيث بدأت بالتمثيل حتى تطرقت للإخراج بالمرحلة الثانوية والكتابة”، مؤكدًا أن بناء الشخص لنفسه بنفسه يحتاج الكثير من الوقت وهذا المجال لا يحتمل المُجاملة.
وبيّن “آل مبارك” أن الحركة المسرحية تحتاج إلى تسهيلات ودور عرض مُهيأة، وانسجام ما بين الفرق المسرحية إن كانت لا تزال هناك فرق متماسكة كالسابق وتعاون ما بين الكُتاب والمخرجين، فالحركة المسرحية بالمنطقة خاصةً ليست عرجاء أو مُتهالكة والسنوات السابقة تشهد على ذلك، وقال: “لدينا الكثير من الممثلين المتميزين وظهور العنصر النسائي أضفى بصمات واضحة، ولِما لا نكتفي بما لدينا من طاقات محلية، وأخص بالذكر إيجاد فرص للمسرحيات المحلية، مُثنيًا على هيئة الترفيه التي تُساهم في رفع مستوى المحتوى المحلي ودعمه”.
واستشهد بأن مشاركة المسرح السعودي في المهرجانات العربية والدولية وحصده بعض المراكز خير دليل على أن المسرح مازال يتنفس حتى بوسط موجات الغبار.
وعبر عن أنه يرى أن المسرح في الفترة الأخيرة بحالة نعاس وبحاجة إلى الإنعاش، مشيرًا إلى أن الإخراج حس فني، حيث إن المتفرج يعتمد على زووم مباشر وهي عيناه ومشاعره وحواسه حاضرة، وليس الممثل فقط من يمتلكها بل المتفرج كذلك.
وتابع: “أنا كمخرج يهمني إيقاع العمل وترابطه بجميع المقاييس من الكالوس حتى ختام المسرحية، وطبيعة الإخراج التي تشد الاهتمام بأن أشعر بالحقل المغناطيسي وألتمس حس المخرج بالعمل”.
وقدم “آل مبارك” أعمالًا رصدت الواقع الحالي ومنها: مسرحية الدوخلة سنتر، ومسرحية شياطين الأرض، ومسرحية المحطة، ومسرحية نهار أسود، ومسرحية طلاق بالجملة، ومسرحية والحل، ومسرحية لا كازارونا، والكثير، وحاليًا مسرحية بالمتر المربع من تمثيله ومشاركة مهدي آل مرهون، وإلهام علوي، وعبدالله العيسى، وسوسن آل دريس، وفاطمة الخلف، وحوراء آل هزيم، وجهاد السادة.
وأوضح أن “بالمتر المربع”صوتيات زهراء آل خزعل، وإضاءة بنين آل دهيم، تصوير فوتو سوزان، وديكور حسين آل دهيم، مشيرًا إلى أن العروض بدأت يوم الأربعاء 4 مايو 2022م، وتستمر إلى يوم السبت 7 مايو 2022م، على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام حيث تعرض عند الساعة التاسعة مساء.
وتحدث عن آخر نشاطاته المسرحية والتي كانت بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” بمسرحية “المحطة”، ومسرحية “لاكازارونا”بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، وكذلك فيلم “كاتليست” لمهرجان أفلام السعودية، و”بالمتر المربع” التي تعرض الآن.
وذكر “آل مبارك” أنه ساهم بأعمال مسرحية، وأوبريتات تركت بصمة لدى المشاهد وأثرًا إيجابيًا ومتعةً للجمهور ومنها: مسرحية الأطفال شرشور، ومسرحية الأطفال غيمة فرح، ومسرحية الكريكشون لرائد مسرح الطفل الدكتور عبدالله المحسن، ومسرحية جرة الذهب ومسرحية ناصر ومنصور للفنان عبدالناصر الزاير، بالإضافة إلى أوبريت “فإنك بأعيننا”، وأوبريت “الانتظار”، والعديد من المسرحيات.
وأعرب “آل مبارك” في نهاية اللقاء عن طموحاته في مسيرته كمخرج مسرحي مختصرًا الحديث بقوله: “سأستمر، وأواصل المشوار”.