على ظلّ أسلافه.. الشاعر المسكين يُجسّد القدوة في إصداره «نجيب القلب» مُتغنيًا بشخصية السيهاتي

لوحة وفرشة وألوان أدوات يستخدمها الفنان لرسم الشخصيات التي يريد تجسيدها، ولكن في الشعر الأمر مختلف، فما كان على الشاعر عقيل ناجي المسكين، سوى استخدام كلماته ولغته الشعرية البليغة، ليرسم بها شخصية الوجيه المُهندس عبد الله علي السيهاتي، ويبرزها عبر 20 نصًا من القصائد والمقطوعات العمودية على مختلف الأوزان والقوافي في أغراض المديح والثناء والتهنئة.

وفي لقاء للشاعر ابن مدينة سيهات، مع «القطيف اليوم»، تحدث عن إصداره الـ29، الذي جاء بعنوان “نجيب القلب” الصادر عن دار ريادة للنشر والتوزيع، وأسباب اختياره لـ”السيهاتي”.

قصيدة خالدة
“دائمًا يمد يد العون للمُحتاجين والمُعوزين”، بهذه الجملة استهل “المسكين” حديثه، مجيبًا عن تساؤلات لماذا اختار “السيهاتي” بالتحديد، ولعل أبرز ما دفعه لتجسيده هو إنجازاته الخيرية على مستوى سيهات والمجتمع المحلي والوطن، ومساهمته الكبيرة في بناء المجتمع عبر مؤسساته مثل: نادي الخليج، وجمعية سيهات الخيرية، ومختلف اللجان التطوعية الأهلية.

ووصفه المسكين بأنه من أهل الخير وأحد أبرز رجال الأعمال الاجتماعيين على المستويين المعنوي والمادي، فضلًا عن كونه الأب الروحي لمنتدى سيهات الأدبي “عرش البيان”، وداعمه الأول، لذا رأى أنه يستحق هذا الديوان، تخليدًا لاسمه ليس للجيل الحالي فحسب، بل للأجيال القادمة أيضًا.

وعبر “المسكين” عن سبب كتابة الديوان في هذه القطعة الشعرية، التي يقول فيها:
سيهاتُ تفخرُ بالكرامِ منَ الألَى
خدموا الفضيلةَ والمكارمَ والقيَم
بذَلُوا بكلّ شهامةٍ وتآلفٍ
منْ كل غالٍ كي نسيرَ معَ الأُمَمْ
حيثُ الحضارةُ منْ حضورِ أفاضلٍ
والدّعمُ منهمْ يستطيلُ معَ الهِمَمْ
ومنَ الألى سبقُوا الكثيرَ إلى العلا
(شيخٌ) على أوجِ الذُّرى وضَعَ القدَمْ
أكرمْ به من رائدٍ مُتوثّبٍ
يُسدي الحُنُوَّ علَى الجميعِ بلا سأمْ

تجربة جديدة
ورغم وجود شخصيات في التراث العربي خصصوا مجموعة من قصائدهم ومقطوعاتهم الشعرية، قليلة كانت أم كثيرة حول شخصية واحدة يثنون عليها ويمدحونها، إلا أنه يرى كتابة ديوانًا يحتضن بين دفتيه هذا النوع من التخصيص، حول شخصية واحدة، تجربة جديدة وفريدة من نوعها.

واستشهد بتخصيص “المتنبي” ثلث شعره في الثناء على سيف الدولة، أيضًا تخصيص ابن أبي الحديد المعتزلي لـ مجموعة من قصائده في أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب “ع”، وسُمّيت بالعلويات، بالإضافة إلى تخصيص بعض الشعراء في العصر الحديث قسمًا للمديح والثناء لبعض الشخصيات الكبرى في هذا الوطن، كالشاعر الكبير الشيخ عبد الكريم الحمود، الذي مدح ولي الأمر المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز، وله فيه عدّة قصائد.

ويؤكد “المسكين” حداثة هذا الاتجاه على الساحة الأدبية في المنطقة، كونه لم يصل إلى مستوى الظاهرة، أو الرواج الأدبي.

تجارب سابقة
وأبدع “المسكين” في كتابة قصائد المدح والثناء في تجاربه السابقة، ومن أبرزها كتابة عدة قصائد في العلامة الشيخ سعيد أبو المكارم، بل كتب ديوانًا مخصصًا لآل أبي المكارم، من آية الله العظمى الشيخ جعفر أبو المكارم -قدس سره-، وابنه الشيخ علي -رحمه الله-، والشيخ عبد المجيد، والشيخ محمد علي -رحمهما الله.

وتابع: “المنوال الشعري الذي اتخذته للثناء والمدح في شخصية واحدة، يأتي طريقًا إلى تخليد القيم والمكارم، ومحاسن الأخلاق التي قرأتها ولمستها وعاينتها من خلال الشهرة الاجتماعية، ومن خلال الاختلاط، ثمّ المعرفة، لذلك وجب عليّ أن أشهد للجيل الحالي وللأجيال القادمة، وهذه إحدى أهم بنود رسالة الأديب والشاعر في توثيق تاريخ أرضه ومجتمعه، وكل هذه النصوص تنتمي إلى المضمون الاجتماعي، ولا ينطبق عليها في القراءة النقدية إلا المنهج النفسي الاجتماعي، لأنَّني باختصار أقرأ أبعادًا من شخصية الممدوح، وأترجمها في لوحات شعرية مختلفة الجوانب والمزايا”.

ويرى أن هناك شخصيات مثل شخصية المهندس عبد الله السيهاتي، تستحق أن تكون مدارًا لموضوعات شعرية، نظرًا لكونه إنسانًا خيّرًا، ينظر بعين الرحمة والرأفة لمن حوله في المجتمع، ناهيك عن مساهماته التي تصل إلى الملايين من الريالات في مختلف المشاريع الخيرية.

على الآباء
ولأن لكلّ عمل رسالة، يقدّم “المسكين” من خلال هذا المشروع الأدبي رسالة إلى رجال الأعمال، كلٌّ بقدره، للاقتداء بهذه الشخصية المرموقة، وأن يكون المجتمع في قلوبهم، قبل أن يكون قبالة أعينهم، وأن يكونوا آباءً حقيقيين لكلّ أفراد المُجتمع، معقبًا: “ليس على الآباء تجاه الأبناء إلا الرحمة والعطف والشفقة ومدّ يد العون الأبوي المعنوي والمادي، كلٌّ بقدره”.

ودعا كلّ رجال الأعمال، وأثرياء المجتمع لأن تكون لهم مساهمات فعالة في استقطاب الكُتّاب من العلماء والمثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء، وأن يمدوا لهم أيدي التشجيع المعنوي والمادي؛ لإبراز نتاجاتهم الكتابية المختلفة، سعيًا إلى تشجيع الأدباء لطباعة رواياتهم، وقصصهم، ودواوينهم الشعرية، ودراساتهم النقدية، بالإضافة إلى دعم المنتديات الثقافية والأدبية؛ لإقامة نشاطاتهم من محاضرات وندوات وأمسيات؛ للحفاظ على الذوق الثقافي والفكري والمعرفي والأدبي لدى الجيل، والتواصل والتعارف الأممي الهادف.

إنَّه كأبي
وفي ختام حديثه، قال: “الوجيه المهندس عبد الله السيهاتي -حفظه الله ورعاه-، لن أقول بمثابة الأخ الأكبر، ولي الشرف أن يكون كذلك، لكنه بالنسبة لي كالوالد الذي فتح قلبه لي، وشعرت بذلك الإحساس الذي فقدته قبل بضع سنوات من رحيل والدي الحاج ناجي بن مدن المسكين -رحمه الله-، لقد جذبني حبّ هذا الرجل الكريم، وأشعرني بالكثير من معاني الأبوّة، ودعمه لي، ولمنتدى سيهات الأدبي “عرش البيان”، هو دعم للثقافة المُلتزمة، والأدب الرفيع، والروح الوطنية الخلاّقة، التي يتحلى بها جميع شعراء منتدى سيهات الأدبي دون استثناء، لأنهم جميعًا يكنون التقدير والاحترام له”.

يُذكر أن هذا الإصدار هو الثالث من سلسلة دواوين سيهاتية، تمت طباعتها من مبادرة المهندس عبدالله على السيهاتي الكريمة بالدّعم الذي خُصص لطبع دواوين المنتدى، حيث صدر الأول بعنوان: شوق وأمل للشاعر عبد الله آل إبراهيم، والثاني بعنوان: ضفاف أخرى للشاعر أحمد الرمضان، والديوان الرابع سيصدر قريبًا للشاعر علي مهدي المادح، وفي خطة النشر هناك دواوين لكل من الشعراء: رباب النمر، ومحمد الحمود، وحسين الشافعي، وعبدالله الجفال، وحسين التريكي، وباقر النصر، وعلي الحمود، ومحمد القطان، وفاطمة المسكين، وهلال درويش، ومفضل سهو، وحسين آل ربعان، ومحمد جعفر.

وكان “المسكين” قد تقدم خلال اللقاء بجزيل الشكر والامتنان، نيابة عن جميع أعضاء المنتدى، لـ”السيهاتي” للمساهمة الفعلية في إثراء الحركة الأدبية والشعرية في هذا الجزء من الوطن الغالي المملكة العربية السعودية، قائلًا:
وواقعكَ انطباقُ القولِ فعلًا
وذي الأيامُ تشهدُ والزمانُ
وها هُو ديدنُ العظماءٓ حتّى
أشارَ لهُمْ بذي الدنيا البَنَانُ




error: المحتوي محمي