ليس كل شابّ يركب درَّاجةً ناريَّة، يقص شعره قَصَّة غريبة، فاشل في دراسته ويدخّن، يصبح قاتلًا أو مجرمًا. من المحتمل أنَّ الشابّ الهادئ الطبع، الأنيق يخفي خلف مظهره الخادع ما يُخاف عليه وعلى المجتمع منه. لكنها الصحبة! فتشوا عنها، هي العلامة الفارقة التي نحتاج فيها إلى جلسات مصارحة ومكاشفة مع الأبناءِ والبنات. نسألهم: من أصدقاؤكم؟ مع من تذهبون وتجيئون؟ ما هي أخلاقهم وأخلاق أهلهم؟ ماذا تصنعون في هذه الصحبة؟ يكفي أن يكون في صندوق التفَّاح تفَّاحة فاسدة واحدة ويفسد التفَّاح كله!
“المؤمن كيِّس فطن حذر”، مهما يكن، لا نُخدع ولا نُلدغ من جحرٍ مرتين، ولا نتعجل النتائج! ما أسهل أن نقفزَ إلى النتيجة الواضحة ثم نكتشف أن البيّن والواضح من الأسباب كان خطأً!
حادثة في هذا الحجم لابد أن ترسل قشعريرة في العظم الفقريّ للمجتمع حتى يستيقظ ويسأل: كيف حصل؟ لماذا حصل ما حصل؟ كيف نمنعه من تكرار الحدث في المستقبل؟ لا نعتاد مثل هذه الحوادث المؤسفة، بل نطردها ونعالج أسبابها. حادثة واحدة في هذه المرارة تكفي لتكون جرسًا قويًّا يوقظنا من النومِ والخَدَر، فلا نرتاح دون أن نعرف أن أولادنا وبناتنا، ونحن بخير! قديمًا قال الآباء والأجداد: إذا رأيتها في جارك، فاحسبها في دارك.
في سنوات العمل، كثيرًا ما سمعت إطراءً ومديحًا لشبَّان “القطيف” من الشركات التي توظفهم، أمناء، ملتزمون بالوقت، جادّون في أعمالهم، مشاكلهم أقل من غيرهم! ليس لأنَّ هؤلاء الشبَّان ملائكة، من سنخ آخر غير البشر! ذلك التميز كان في زمن كانت المجتمعات تحتفظ بخصوصياتها وأخلاقيَّاتها وثقافتها، دون أن تتأثر كثيرًا بغيرها! الآن، ما يحدث في مجتمعنا هو نسخة عما يحصل في المجتمعات الأخرى. لا يحتاج الشاب أن يخرج من داره ليكون منحرفًا، المشاكل تأتيه والباب مغلق!
الرحمة من الله للمغدورين وخالص الدعاء أن يعوضهم الله خيرًا مما فقدوه من حياتهم، والعزاء للمجتمع الواسع الذي تفاعل وتعاطف، واستنكر ما حدث. والرجاء من الله أن تكون هذه آخر الحوادث، من النوع البشع والكريه.