ليت ليلة القدر دائمة!

ما الذي يمنع أن نجعل كل ليالينا ليلة القدر؟

ما الذي يمنع أن نهيئ أنفسنا لها وكأنها لا تغادر بأن نغتسل من الذنوب والأحقاد وأن ننبذ الخلافات ونحتضن المصالحة وأن نرتدي ثياب النقاء والأخلاق الحسنة.

لماذا لا تكون هذه الليلة المباركة شعلة داخلنا تضيء لنا الطريق إلى الله، فلا نغادر القرآن، ولا نكف عن الصلاة والدعاء وأن نقيم الليل أو بعضه بالعبادة، وليس شرطًا أن نشبه الأنبياء ولا الأولياء في ذلك، فإن الله سهل لنا الدروب وبسط الأفعال التي تقربنا إليه، وتلقائيًا سوف نستغرق فيه ونحلق له ولن ننفك لاحقًا عن الشوق له في كل الأوقات.

نستطيع أن نجعل ليلة القدر دائمة كما نستطيع أن نجعل الشهور كلها شهر رمضان، فما علينا سوى الامتثال لله سبحان وتعالى بالصوم عن نواهيه والامتثال لأوامره وأن نحي أوقاتنا بالعبادة المفروضة وبالنوافل المستحبة وبالأدعية المنتخبة وكفى.

المساجد مفتوحة ومحاريب الصلاة في البيوت مهيأة لمن يريد أن يخلو بنفسه ولا فرق بين متعلم وغيره، فيكفي المرء أن يتوجه لربه بطريقته الخاصة وبأي لغة يريد، فالله عز وجل يفهم جميع لغات عباده وما تكنه القلوب وما تتطلبه مخلوقاته بمجرد الخواطر والخلجات، فقط التوجه والتحليق في السماء وسوف نلقاه تعالى من حولنا يرحم ويتوب ويستجيب ويغدق علينا من فضله وكرمه ورضاه.

ليلة القدر هي أم الليالي وشهر رمضان هو البستان الذي نستطيب المكوث فيه والتنعم بخيراته والتنزه فيه وليته يمتد مساحة ووقتًا، فلا يغادر أو نغادره وليت ليلة القدر هي الدهر كله فلا ننفك عن إحيائها والتلذذ بتفاصيلها العبادية، فتكون الحياة جنة والآخرة خلود في النعيم.



error: المحتوي محمي