الشبو أبو الكبائر

منذ أن سمعت بفاجعة صفوى تمثّل أمامي الشبو، فهذا الجنون لا يمارسه إلا مَن تعاطاه. الشبو يُصنّف بأنه من أخطر أنواع المخدرات، فالإدمان عليه سريع والشفاء منه صعب جدًا. لو زرتَ أي سجن عام وسألت عن أنواع الجرائم لرأيت المخدرات في الدرجة الأولى بلا منازع، وحتى الجرائم الأخرى كالسطو والاغتصاب والمضاربة والعقوق سببها الرئيس المخدرات؛ لذلك تعتبر المخدرات البنية التحتية لأغلب الجرائم. المروجون ليس لديهم خطوط حمراء، لا يفرقون بين صغير وكبير، بين صبي وفتاة، بين أسرة فقيرة وغنية، ملتزمة وغير ملتزمة. في السجن ستجد جميع الأصناف من ضحاياهم: فقراء، أغنياء، أميون، متعلمون ومبتعثون في الخارج، وحتى أبناء أسر متديّنة.

لا أريد التخويف هنا بل التحذير، ومن العجب أن نقول إننا بخير، فقط بحجة عدم تشويه سمعتنا. مكياج تحسين السمعة ستزيله أول دموع الضحايا، وعلى كل حال فهذا الابتلاء لا يخصنا بل يعمّ العالم كله. إذن من العلاج أولًا أن نعترف بالمشكلة وأنها عميقة. من العلاج أخذ المدمنين اختيارًا أو جبرًا إلى المستشفيات المختصة لمعالجتهم، فأن يذهب إلى المستشفى كمريض خيرٌ من أن يُؤخذ إلى السجن كمجرم.

من العلاج تكوين جمعيات مختصة في الإدمان والتعافي إضافة إلى الموجودة حاليًا، فالداء اتسعت رقعته. من العلاج أن تُكثّف المحاضرات الإرشادية في المدارس إضافة إلى التفتيش المستمر وعمل فحوصات دم عشوائية للتأكد من عدم التعاطي. من العلاج ما تقوم به مكافحة المخدرات وهو أمر مهم والأهم من ذلك ألا يتم الاكتفاء بالسجن بل ما نأمله أن تهتم السجون بتكثيف العلاج السلوكي والفكري للمدمنين، فكثير ممن تعاطى ما إن يخرج من الباب حتى يعود عبر الشبَّاك.

من العلاج أن تتعرف على هذه الأنواع من المخدرات خصوصًا المنتشرة كالكبتاجون والشبو وآثارهما، وذلك من باب:
عَرَفتُ الشَرَّ لا لِلشَر لَكِن لِتَوَقّيهِ
وَمَن لَم يَعرِفِ الشَرَّ مِنَ الخَيرِ يَقَع فيه

معرفتك لهما ولآثارهما ستمنحك حصانة منهما وستجعلك ملتفتًا لمن حولك، وإذا ما وقع أحدهم في الشِباك فالتدخل السريع في الإنقاذ سيسهل المهمة عليك وعليه. ويبقى العلاج الأهم هو الوقاية، والوقاية تكون بمراقبة من أنت مسؤول عنهم، وعند اشتباهك في حالةٍ ما فلا تتردد في استشارة المتخصصين، لا تخجل أبدًا، فربما خجلك ستكون أنت ضحيته ومن أحببت!

ومن العلاج أخيرًا عندما ترى أحد المروجين فلا تتردد ولا لحظة عن الإبلاغ عنه، فهذا من أعظم النهي عن المنكر، إنك بذلك لا تعلم كم روحًا أنقذت! “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا”، ولربما كانت أول روحٍ أنقذتها هي روح ذلك المروِج. وكما يستخلص الطبيب دواءه من سم الأفعى، أملي أن نستخلص من سمِّ هذه الفاجعة العلاجَ ولو بعضًا منه، وكلِّي أمل أن مجتمعنا يمتلك تلك الحذاقة.



error: المحتوي محمي