أمِّي تحب عليًا!

أمِّي -رحمها الله وأمهاتكم- امرأة من عامَّة النَّاس، تصوم وتصلي فروضها وحجَّت مرَّة واحدة. أميَّة لم تقرأ ولم تكتب، وتعتبر حبَّ الإمام علي سُنَّة واجبة. تحتفظ بكتيب صغير من الورق الأصفر فيه معاجز للإمام عليّ عليه السلام، تخرجه في بعض ليالي الجمعات، وعندما تتأزم الأمور، وتطلب منِّي أو من أحد إخوتي قراءة الكتاب. بعد قراءة الكتاب توزّع على الحاضرين بعض الحلوى والسكاكر. في ذلك الحين كنا نستمتع بالقصص وبالحلوى أيضًا، وكأنّ ذكر عليّ والحلوى توأمان لا ينفصلان في الزمان!

طيَّب الله ثراها وثرى أمَّهاتكم، كلما ذكرتْ عليًّا قالت عنه إنَّ فيه قوى عجيبة، يساعدها ذكر هذه القوى والمعاجز على عبور المحن والأحزان. من يسمعها يظنّ أنها تبالغ ومغرمة في حبِّه، ليس إلا! لكن كتب الأحاديث فيها أقوى مما كانت تقوله أمِّي في حبِّ الإمام عليّ عليه السلام بكثير!

حبّ عليّ يأكل الذنوب كما تأكل النارُ الحطب، عنوانُ صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، وغير ذلك من المأثور عن النبي محمد صلى الله عليهِ وآله في محبة الإمام عليّ بن أبي طالب.

عليّ بن أبي طالب الذي يصادف يوم اغتياله في مسجد الكوفة على يد الخارجيّ عبد الرحمن بن ملجم في التاسع عشر من شهر رمضان، سنة ٤٠ هجرية، كان مفتاحًا فريدًا في انتصارات المسلمين والإسلام في معاركهم كلها دون تمييز، حتى ورد في فضائله “لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي”.

غمرها الله وأمهاتكم برحمته، كانت على الفطرة السليمة تحب عليًّا. عندما قرأتُ بعضًا مما ورد في حبِّه عذرتها وشكرتها على تلك المقدمات، التي شجعتنا على حبّ عليّ عليه السلام والقراءة والاطلاع على سيرته. كانت تحب عليًّا في الله “إن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور أجسادهم ونور منابرهم كل شيء، حتى يعرفوا به، فيقال: هؤلاء المتحابون في الله”.

أفضل وأقيم الهدايا التي قدَّمتها لنا أمهاتنا هو حبّ عليّ الخالص في الله ومن أجلِ الله. من المحتمل والجائز أن كنا سوف نصل إلى هذا الحبّ والتقدير لعليّ عليه السلام، ومن المحتمل أن نتيه عنه ولا نصل إليه دون هذه المقدمات من حبّ الأمهات! جاء عن النبيّ صلى اللهُ عليه وآله: أدّبوا أولادكم على ثلاثِ خصال: حبّ نبيكم، وحبّ أهل بيته، وقراءة القرآن.

عرفوا الأبناءَ والبنات حبّ علي عليه السلام، سوف يشكرونكم عندما يكبرون ويقولون عنكم خيرًا “ما نحلَ والدٌ ولده أفضل من أدبٍ حسن”.



error: المحتوي محمي