ترتكزُ إدارةُ المؤسساتِ الْخدميةِ وغيرها سواءً كَانَتْ تابعةً للقطاعِ العامِ أو الخاصِ في عدةِ ضوابطِ تنظيميةٍ تخضعُ لها؛ للوصولِ إلى ما تريدُ أَنْ تنجزهُ مِنْ أهدافٍ تسعى لتحقيقها على المدى القريب أو حتى البعيد، وَمِنْ أجلِ الوصولِ لتحقيقِ الرَّشد الإداري المنشودِ المتصفِ بالمهنية الصِّرفة والْحرفية العاليةِ لا بدَ مِنْ الوقوفِ والالتزامِ بمعاييرِ عدة وإرشادات نابعة مِنْ تجاربَ تراكميةٍ؛ وتوظيفها في التحسينِ والتطويرِ الدائمِ والمستمرِ.
فالإدارةُ الناجحةُ تكونُ في اتِّباعِ كافة الطرقِ للربطِ بين أهداف الفرد وأهداف المؤسسة، حيث يتوجب على قائد المؤسسة أَنْ يتبع عددًا من المقومات لكي يدير المؤسسة بشكل فعّال، حتى يحققَ الأهدافَ المنشودةَ، ومن أجلِ تحقيقِ تِلْكَ الأهداف لابد مِنْ اتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب والتي تشكل نقطة فاصلة في تاريخ المؤسسة؛ وهذا يحتاج إلى مدير شجاع قادر على استخدام المعطيات التي أمامه بشكل سليم ومن ثم التنبؤ بالنتائج، وعدم التَّسرع في اتخاذِ القرار الذي يجعلُ من الممكن للمؤسسة أَنْ تخسرَ الكثير، كما أنه منْ الممكن أَنْ يجعلَ المؤسسةَ تدخلُ في منحدرٍ تستمرُ فيهِ عددًا مِنْ السنواتِ، أما في حالةِ القراراتِ الصَّعبة فيتوجبُ قيامُ المديرِ باستشارةِ أكثرَ مِنْ شخصٍ مِنْ الأشخاصِ الأكفاءِ الذين يمتلكونَ الخبرةَ والبصيرة.
قد تحول مفهوم الإدارة الناجحة من السيطرة على الموظفين وإخضاعهم لتنفيذ قوانين العمل وتحقيق أهدافه إلى بث الروح الإيجابية وخلق روح من الإلهام والإبداع للموظف. إذ يقع عدد كبير من المدراء في خطأ كبير وهو تنفيذ عدد من القواعد الصماء بهدف إحكام السيطرة على الموظفين وذلك لتقليل هامش الخطأ، يترتب على ذلك نتيجة عكسية ليست في صالح المؤسسة. إذ يتسبب هذا المنهج في خلق جو من الفوضى وانعدام التفاهم والحوار، يجب على القائد المحنّك أن يتبع عددًا مِنْ الخطواتِ لتحقيقِ أهداف المؤسسة.
تُسمى النشاطات التي تساهم في تحقيق الأهداف المنشودة بكل مؤسسة بعناصر الإدارة الناجحة والتي من أهمها السيطرة والتوجيه. فالسيطرة هي حشد موارد المؤسسة لتنفيذ أهدافها من خلال قياس الأداء واتخاذ القرارات المناسبة لتصحيح أي خطأ. وتعتبر السيطرة من الوظائف الأساسية والمستمرة للإدارة، حيث إنها تعني إدارة الوظائف المهمة في المؤسسة، كما تعمل على تقييم نتائج الأعمال بشكل دائم ومستمر. أما التوجيه فيعتمد على ترتيب المهام الوظيفية لكل إدارة في جدول، كما يقوم بمتابعة الموظفين أثناء تنفيذ تلك المهام. يعمل التوجيه على خلق بيئة مناسبة وفعالة للإنتاج، كما يعمل على وضع الفرص المناسبة والجيدة أمام الموظفين والتي تعمل على تحفيزهم. يتميز التوجيه بأنه يعمل على التأثير في جميع إدارات المؤسسة، كما أنَّ لهُ السلطة على كافة القطاعات داخل أي مؤسسة. يساعد التوجيه على وجود اتصال بين جميع الوظائف بجميع مستوياتها في أي مؤسسة.
أهم عوامل الإدارة الناجحة تبرز في التنظيم والتخطيط؛ فأما التنظيم فيكون في الاعتماد على التنسيق بين مسؤوليات الأفراد، كما أنه يقوم بتحديد كافة الخدمات والمهارات المطلوب توافرها في كل قسم وفي كل إدارة من إدارات المؤسسة. يقوم التنظيم بتوزيع العمل وتقسيمه على كل شخص بما يتناسب مع قدراته وإمكانياته لتحقيق أهداف الإدارة المختلفة وبالتالي تحقيق أهداف المؤسسة في النهاية. أما التخطيط فهو الذي من خلاله يتم تنفيذ أهداف المؤسسة ومهامها، يكون ذلك من خلال وضع الخطوات الصحيحة التي يسير عليها الموظفون في الأيام القادمة.
التخطيط من أهم مسؤوليات الإدارة، يسير التخطيط على نهج تحقيق الأهداف المنشودة للمؤسسة على المدى القريب والمدى البعيد يرمز التخطيط إلى التفكير وترتيب المهام قبل تنفيذ أي مهمة من مهام كل موظف بالمؤسسة. يحرص التخطيط على مراعاة التغييرات التي تحدث في البيئة المحيطة، كما يحرص على وضع القرارات التي تتماشى مع تلك التغيرات. يعتمد التخطيط على التنبؤ بأهم العوامل التي من الممكن أن تطرأ على الوضع الحالي في المستقبل.
هناك أنماط مختلفة للقيادة فمنها النمط الكلاسيكي الذي يعني منح القائد الموظفين الذين يعملون في المستوى الإداري الأدنى منه سلطات لتسيير العمل، يحتاج هذا النمط موظفين مدربين وذوي مهارة لكي يقوموا بما أسند إليهم على أكمل وجه. وهنالكَ النمط التحويلي الذي يقوم من خلاله القائد بعمل تغييرات وإجراءات قد يراها الموظفون غير مناسبة ولكنها تخدم رؤيته المستقبلية في النهوض بالمؤسسة ولتحقيق أهدافها، يجب أن يتحلى الموظفون بعدد معين من المهارات حتى يحققوا رؤية قائد المؤسسة حتى في حالة عدم اقتناعه بوجهة نظره، هنالك نمط المشاركة وينجح هذا النمط في حالة واحدة وهي إن كان سير المنشأة في أكثر من تيار لا يؤثر عليها، حيث يقوم القائد باستغلال خبرة الموظفين، كما يمكّنهم من المشاركة في صنع القرار وبالتالي لا يتحمل القائد نتيجة قراره بمفرده بل يتحمله معه موظفو المؤسسة بالكامل. ويعتبر هذا النمط من الأنماط الديمقراطية التي تحقق نجاحًا باهرًا في بعض الأوقات ومن الممكن أن تجلب الخسارة للمؤسسة.
يوجد عدة مستويات للإدارة بأي مؤسسة كبيرة، تعمل كافة المستويات الإدارية على تحقيق رسالة وأهداف المؤسسة من خلال استغلال كفاءة كل موظف، تنقسم مستويات الإدارة إلى عليا ووسطى وتشغيلية. فالإدارة العليا تعتبر أعلى جزء في الهرم الإداري وتتكون من رئيس مجلس الإدارة، يليه المدير العام ثم المدير المالي ثم المدير التنفيذي، أما الإدارة الوسطى والتي تضم كل مسؤولي الإدارات، وعلى سبيل المثال مدير التسويق ورئيس قسم المشتريات ورئيس قسم المبيعات، وغيرها.
ونأتي أخيرًا للحديث عن الإدارة التشغيلية التي تضم المشرفين ومديري الفروع ويطلق عليها اسم الإدارة الدُنيا.
المصادر:
1- المعجم اللغوي
2- موقع المقال