في أمنيات البشر الكامل، لا طلاق أبدًا، اثنان يحبان بعضهما، يكبران ويتزوجان، ينجبان بنين وبنات، ولا يفرقهما إلا ملك الموت هادم اللذات! ولأن هذا مستحيل، نرى في مجتمعنا – وفي غيره أيضًا – يطلق الرجل مرَّة واحدة، اثنتين، عشر مرات، ويتزوج لا تثريبَ عليه، وإن كان فيه ألف منقصةٍ ومنقصة! أما الشابَّة إذا طُلقت، وإن كان ليس الذنب منها ولا العيب فيها فهي محظوظة إذا جاءها من في عمرها ودون مشاكل أو أهداف مخفية! أو بعد مدَّة تتوج البنت بلقب “مطلقة” ليصبح اللقب أكبر وأعظم من أخلاقها ودينها وجمالها!
أليس المجتمع والعرف في هذه الحالة سببًا في عدم استقامة الفتيات، والفتيان أيضًا، الذين يرغبون في الزواج من مطلَّقات؟ لا يكفي النعامة أن تدسّ رأسها في الرمل وتجزم أنها تأمن الصائد، فإذا ما أردنا أن نفككَ مشكلةً علينا أن نتحدث -جميعًا وبجرأة- عن حلول عمليَّة لها! شبَّان في الثلاثينات عزاب، ومطلَّقات في أوائل العمر دون أبناء، هل تكون المطلَّقة واحدة من الخيارات المحتملة؟ هل يقول لهم المجتمع على البركة، وإن اختلف العمر لصالح المرأة بقليل ويعينهم على تيسير الزواج؟ أم يبقى لازمًا على الرجل أن يتزوج امرأةً بكرًا وأصغر منه سنًّا؟ صديقنا انفصل عن زوجته وآخر اختارَ الله زوجته إلى جواره، وعزم على الزواج مرَّة أخرى، هل يفكر في الزواج من مطلقة، أم لا؟
مشكلة لن تحلّ لأن أطرافها، الرِّجال والنساء والمجتمع، صنع من إغفال المطلَّقات عرفًا مسيطرًا وقاهرًا، ومن يدعي أن عنده حلًا لهذه المشكلة، هو إما ساحر أو مجنون، وحتى طرح المشكلة والنقاش فيها ممنوع في العلن! ما من مشكلة إلا ولها حلول، وإن لم تكن نهائيَّة وقطعيَّة، فما لا يدرك كله لا يترك كله. بالحديث وعصف الأذهان يستطيع المجتمع أن يبتكر بعضَ الحلول العمليَّة، ويزيل -بعض- العوائق ويضع الحوافز؟ أم لا تعنيه المشكلة ولا يعنيه الحلّ؟
عن رسول الله (صلى اللهُ عليه وآله): “أكثر ما تلج به أمتي النَّار الأجوفان: البطن والفرج”، فمن أين تأتي هذه الكثرة وما أبوابها إن صح الحديث؟! كيف يتحاشى المجتمع ناري الفرج في الدنيا والآخرة؟! وحتى ذلك العصر الذي تجد فيه كل روحٍ توأمها: اللهم ارزق شبَّاننا عفَّة يوسف الصدِّيق عليه السلام وشابَّاتنا طهارةَ مريم عليها السَّلام!