رسالة طلب!

هاهي وصلت أول جُمعك ولله الحمد أنا مازالت أتنفس أنفاس قداستك، وكُتب لعمري أن أشهدها لأكتب لك ما يجول في خاطري من أمانٍ.

بالطبع أنا لا أكتب لك لغرض الحاجة فأُنس الحديث معك له معنى عجيب لروحي يغنيني حتى عن الحديث مع أقرب الناس، ولكن هي حاجة واحدة قد أتجرأ فيها خاصة بليالي جمعك وستعذرني عليها وبالتأكيد أنت تسمع دقات خوف قلبي حال طلبها.

والخوف يأتي من عدم قبول الطلب وعدم الموافقة عليه لأني بعد لست أهله، حتى لو كان رجائي واثقًا أنه “لعل الذي أبطأ عني هو خير لي” ولكن نحن بين خوف ورجاء وربما يطغى الخوف لسرعة جزعنا وطول الانتظار بنظرنا.

لكن سأدخل بأول جُمعاتك برجاء أرجح لأن صوت كلام الله أعلى بأذني ينادي: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) أفلا أنتهز هذه الفرصة التي لا تُرد؟!

هنا تذكرت شيئًا يا شهر الله قبل مجيئك إلينا صادفتنا مناسبة ميلاد إمامنا وصاحب زماننا (عج) بالنصف من شعبان وأنت تعلم أنه تكثر بمناسبته ذكره ونُغيب ذكره بالأيام الأخرى، إلا إذا وسعتنا الرحمة وذكرناه بيوم جمعته والمخصوص باسمه والذي يُتوقع فيه ظهوره بإذن الله.

نعم بتلك الفترة نشرت أحد المنشورات لأحد العلماء الأعلام وهو السيد حسين دستغيب (قدس سره) يُسأل فيها كم مرة كتبتم رسالة إلى الإمام المهدي (عج) وضعتموها في مرقد أو نهر؟ فكانت إجابته كتبت الكثير من الرسائل ودومًا احصل على الإجابة وتفتحت أمامي الأبواب بشكل عجيب وبلغت مرادي فيما أحب وأريد وختم المنشور بالحث على كتابة رسالة إلى الإمام لنيل التوفيقات والإجابة.

إحداهنّ كانت تسألني هل يعني أن تكون رسالة طلب من الإمام ليعطينا مرادنا؟ فكان من المفترض أن أجيبها بـ”نعم” بمقتضى المنشور، ولكن لأني لا أحبذ أن تكون علاقتنا علاقة طلب وحاجة فإذا ما انقضت نسيناه دهرًا لهذا كنت أقول إن الرسالة هي مرسال حب وشوق له بالبداية قبل أي طلب.

بالقطع الطلب هو نوع من الاتصال لأن لا ملاذ لنا إلا هو ولولا وجوده وسلامته لساخت علينا الأرض، ولكن أيعقل أن يكون هو غرض الاتصال الوحيد؟

نحن بحياتنا العادية نمّقت من لا يعرفنا إلا وقت الحاجة وينسانا بجل أوقاته، حتى لو كانت حاجته صورة من صور النعم مع هذا لا نحبذ هذا التصرف لأنه ينم عن الأنانية والتفكير بالنفس فقط.

فإذا لدينا مريض أو أسير أو مشكلة متعسرة نحن ندق بابه ونكتب له رسائل طلباتنا وإذا كنا نعيش الراحة فلاداعي للحديث معه!.

بالقطع هو يعلم حوائج قلوبنا وهمومها قبل أن ننطقها، ولكن تكفي المبادرة لطلب الإذن منه للحديث معه وإرسال رسائل الشوق التي لا تزال تنتظر طلعته البهية متى تلوح لأنظار العالمين.

حتى بأيامك يا شهر الله كم ننساه على موائدنا ونأكل ما لذ وطاب ونجتمع بعوائلنا دون أن نتذكر وحدته وغربته ودون أن نعرف أين يُفطر وماذا يُفطر؟

أتراه يكتفي بالماء القراح أم أن حتى الماء يمر مغصوصًا بحلقه حين يتذكر عطش جده.

حين تأتي جُمعتك فلا مكان يخطر ببالنا لحضوره فيه سوى كربلاء لأن لا مكان يتسع لبكائه إلا هي، لهذا هي أمنيتي فيك لتأخذ لي منه بطاقة موافقة لدخولها قبل الممات.

بنهاية أول جمعة منك سأبكي لاستحالة وصول جسدي هناك، كما بكى حبيب حين انتهت حروبه مع أمير المؤمنين (ع) ولم يحرز الشهادة معه، لكن بكاءه وشوقه للشهادة جاء له بالبشارة لإحراز الشهادة بصورة أعظم مع الحسين (ع) ليكون صاحب اللواء المذخور للحسين وشيخ أنصاره ومسجل زواره.

قد لا أستطيع الوصول لمقام الإمامة وطلب الإذن منه لقذارة لساني ولكن سأوكل الطلب لحبيب ليسجل اسمي لا كرامة لي أبدًا ولكن كرامة لمن تسميت باسمها فاطمة.

إفطاري اليوم وتمرته عليك يا حبيب فكن حبيبًا لأمنية القلب ورفيقًا بها وعلمني الانتظار وتحمل الشوق وأعطني دروس الخدمة والنصرة لإمام زماني كما خدمت ونصرت إمام زمانك الحسين (ع) وواسيته لدرجة تتمنى العودة للدنيا فقط لتبكي عليه بمجالسه.



error: المحتوي محمي