لم يعلم هشام سلمان باقر حبارة، أن أسماك الزينة التي اقتناها عن طريق الصدفة ستشاركه مشاعر الفرح والحزن والوحدة في غربته أثناء دراسته خارج المملكة؛ لتأنس بها روحه ويستمتع بجمالها، ويشاركها يومياته، ويبدأ معه حكاية مليئة بالشغف والأسرار، تنتهي بإطلاق مشروعه “القنديل البحري”.
«القطيف اليوم» أبحرت مع الشاب “حبارة” في تفاصيل شغفه بأسماك الزينة منذ 19 عامًا، ومشروعه الخاص بأسماك الزينة.
مُعين على وحدتي
“حكايتي مع الأسماك بدأت بعدما تسللت مشاعر الوحدة إلى نفسي وأنا مغترب عن وطني بعيدًا عن أهلي وأحبابي لاستكمال دراستي الجامعية في المملكة الأردنية الهاشمية”، بهذه الكلمات بدأ “حبارة” المنحدر من مدينة القطيف، حديثه معنا، موضحًا أنه كان يسكن بمفرده ويشعر بالضجر والملل في قضاء ما تبقى من يومه بعد عودته من الجامعة، إلى أن اقترح عليه جاره الأردني اقتناء أسماك الزينة ليعتني بها، وبالفعل قام بشراء حوض أسماك ليتحول شعوره بالملل إلى حب وفضول للتعرف على كل ما يخص عالم الأسماك.
وتابع: “منذ اللحظة التي اقتنيت فيها حوض الأسماك قمت بالاعتناء بها ومراقبتها ومتابعة تحركاتها، والتعرف على أنواعها وطريقة الاهتمام بكل نوع من خلال البحث عبر شبكة الإنترنت وقراءة الكتب”.
أبهرني عالمها
ويرى “حبارة”، الذي عشق عالم الأسماك، أن عالمها يشبه عالمنا كثيرًا، حيث لكل نوع منها صفات وطباع مختلفة ومُميزة.
وعن سبب اختياره لتربية أسماك الزينة وتعلقه بها، واصل قائلًا: “لقد استهوتني كثيرًا وأبهرني عالمها المليء بالخفايا وجمال أشكالها وتنوع ألوانها، ومن خلال متابعتي لحركة كل سمكة تعرفت على الأسماك التي تحب السباحة في وسط الحوض، والتي تُفضل السباحة في الأعلى، والأنواع الأخرى التي تستهوي السباحة في القاع”، وأشار إلى أنه أصبح ينصح أصدقاء مشروعه “القنديل البحري” بأنواع الأسماك التي يمكنها أن تعيش في الحوض الكبير ليكون مليئًا بالحياة، وكذلك أنواع الأسماك التي تتعايش مع بعضها والعكس.
رؤية تثقيفية واستضافة
وبالنسبة لأبرز ما يميز مشروعة “القنديل البحري”، قال: “جميع المشاريع في المنطقة جميلة ولها ما يميزها وفي القنديل البحري، كانت لنا رؤية تثقيفية فحرصنا على تعريف العملاء بأنواع الأسماك ومن أي بلد، وطريقة الاعتناء بها”، لافتًا إلى إعداد برامج خاصة عن الأسماك للأطفال الذين كان لهم نصيب الأسد في دور الضيافة والروضات وكذلك المدارس، فضلًا عن إضافة خدمة استضافة الأسماك في أوقات السفر، أو غيرها من الظروف التي يتعذر فيها على صاحب الحوض التفرغ له.
هدايا للأطفال والكبار
وأشار إلى أن وجود أسماك الزينة في المنزل لها فوائد كثيرة، وقصته معها أكبر دليل على ذلك، حيث أثبتت الكثير من الدراسات ومنها التي ذكرت في مدونة “ريت ماي فيش تانك” الأمريكية التي تقدم نصائح لتربية الأسماك والطرق الآمنة؛ لتنظيف الأحواض، أن أسماك الزينة لها فوائد عديدة وليست مجرد شكل جمالي بالمنزل، بل تساهم في تهدئة الأطفال وخاصة من يعانون من مشاكل في الحركة، أو تشتت التركيز والانتباه، وكذلك تعمل على خفض مستوى التوتر وتحسين النوم من خلال مراقبة حركة الأسماك، وأيضًا خفض ضغط الدم وانتظام ضربات القلب، كما أن هنالك دراسات عن أهميتها في علاج مشكلات تتعلق باضطراب التوحد، وأخرى لكبار السن تُشير إلى فوائد أسماك الزينة لهم، ناصحًا بتقديم أحواض السمك كهدايا للأطفال أو المرضى أو كبار السن لأهميتها وفعاليتها الإيجابية.
أنواع وعمر افتراضي
وأوضح أن لكل نوع من الأسماك طريقة واحتياجات للتكاثر، وأن أكثر الأسماك تكاثرًا هي سمكة الجوبي وسمكة المولي بأنواعها، مشيرًا إلى أن عدد أنواع أسماك الزينة يزيد على 537 نوعًا موزعين على جميع مناطق العالم، بحسب ما صرحت به شركة “تترا” الألمانية، إضافة إلى السمكة الذهبية التي تزيد فصائلها على أكثر من 500 فصيلة.
وتطرق “حبارة” إلى الحديث عن أهمية النباتات الطبيعية في حوض سمك الزينة، قائلًا: “إنها تُضفي شكلًا جماليًا وتوفر الأكسجين للأسماك، وتكون مخبئًا لصغارها، وتبعث الحياة الطبيعية في الحوض”، لافتًا إلى أن الاهتمام بكمية الغذاء، وتوفير بيئة نظيفة، وتثبيت درجة الحرارة بين 20-29 درجة مئوية، وتقليل وقت تشغيل إضاءة الحوض المباشرة، يحمي أسماك الزينة من النفوق.
وأضاف أن العمر اللفتراضي لأسماك الزينة يختلف من نوع إلى آخر، فعلى سبيل المثال سمكة الجوبي متوسط عمرها 3 سنوات، وسمكة البيتا فايتر 4 سنوات، بينما تعيش السمكة الذهبية لـ14 سنة، منوهًا بأن هنالك أنواعًا كثيرة من الأطعمة المخصصة للسمك، وأفضلها الذي يعتمد على زيادة نسبة البروتين لأنه يُعطي السمك زيادة في الحجم، ويمنحها اللون الزاهي.
وعن كيفية اختيار أنواع وأشكال الحوض، ذكر أن هناك أنواعًا كثيرة وأحجامًا مختلفة، منها الزجاجي ويتوفر بها جهاز فلتر وإضاءة وأكسجين، ومنها البلاستيكية، مستطردًا بأن الاختيار الأفضل يعتمد على خبرة المُربي أو العميل وإمكانياته، حيث إن لكل حوض مزايا وعيوبًا تعتمد على المربي واختياراته، وأيضًا تعتمد على الديكور وميزانية المنزل المخصصة له.
وبالحديث عن الاحتياطات الصحية التي تتعلق بأسماك الزينة، أكد “حبارة” أن ذلك يتطلب تجهيز الحوض بالاحتياجات الأساسية، وبعدها بيوم يتم إحضار الأسماك بكميات قليلة وذلك من أجل استقرارها في الحوض، وإبعادها عن أشعة الشمس المباشرة، مع التأكد الدائم من درجة حرارة الغرفة.
وبيّن مدى أهمية جهاز تنقية مياه الأحواض؛ لسحب الأوساخ العالقة من الحوض، وإدخال الأكسجين للأسماك، والذي يمكن الاستغناء عنه، إذا تابع المربي الحوض باستمرار للتأكد من توفر الأكسجين ومتابعة التنظيف بشكل دوري.
ليست أسماكًا وحسب
يضم مشروعه “القنديل البحري” أغلب الكائنات البحرية كالسلاحف، والحلزونات، والروبيان، والنباتات المائية، وكل ما يتعلق بها من إكسسوارات وأدوية وأحواض وأدوات تنظيف وفلاتر وغيرها، وتشكل الديكورات الداخلية للحوض مخبأ للأسماك، ومقر اختباء للأنواع الخجولة منها مثل سمكة الشبح الأسود، أو كما تسمى سمكة الريشة، بحسب ما قاله “حبارة”، معقبًا بأن أهم الأمراض التي تُصيب الأسماك هي الفطريات والبكتيريا، ويتطلب علاجها تغيير درجات حرارة الماء، منوهًا بأنه يمتلك أحواضًا خاصة لعلاج الأسماك.
إقبال رغم الغلاء
ورغم الغلاء وارتفاع أسعار بعض أنواع أسماك الزينة، إلا أنه لم يمتنع عن شرائها، حيث قام بشراء سمكة الأروانا الذهبية بمبلغ 2750 ريالًا، واللخمة (نهرية) بسعر 650 ريالًا، لإرضاء شغفه وحُبه للأسماك والاستمتاع بعالمها الذي يستهويه دائمًا، وأكد أنه لا يثنيه أي شيء عن قراره بشراء أنواع مميزة حتى وإن تطلب ذلك السفر، فقد سبق له السفر إلى بعض دول الخليج، والتواصل مع شركات استزراع سمكي في سريلانكا وإندونيسيا؛ لإحضار أسماك مميزة الشكل والحجم والنوع، لاستيرادها عدة مرات وبيعها في “القنديل البحري”، وبعض مناطق المملكة.
لُغة متبادلة
يصف “حبارة” علاقته بأسماكه قائلًا: “هناك لغة متبادلة بيني وبين أسماك الزينة، وأُلفة نتيجة عنايتي واهتمامي بها، كما تعلمت منها أن أعمل بهدوء وأكون أكثر إيجابية”، داعيًا كل من يحب شراء أسماك الزينة أن يتعمق في معرفة أسرارها قبل الشراء.