بأنامل ذهبية ترسم وتحيك فنونًا مختلفة، وإصرار على الوصول إلى هدفها من خلال موهبة حباها الله بها، واجهت كل العراقيل لتصل إلى حلمها وتتميز فيه، فمنذ أن بدأت موهبتها بالبزوغ في طفولتها شجعها أشقاؤها على تنميتها، ثم دعمها زوجها فيما بعد لتحقق المزيد من التقدم في الرسم، بعد أن اكتشفت ميولها للفن والرسم منذ الطفولة، حيث كانت ترسم أشقاءها والشخصيات الكرتونية بدقة عالية، مما جعلها أكثر حماسة للرسم، وازداد شغفها عندما كانت تتابع رسم والدتها بالخيوط الزاهية على ملابس الأطفال الرضع، لتبدأ في تقليدها وتنجح في ذلك.
تزامن الفن مع الدراسة
تزامنت علاقة زهراء زهراء محمد صالح هنيدي بالفن مع أول درس كتبته في طفولتها، إلا أنها تعتبر بداية عمرها الفني الحقيقي منذ نحو عشرين عامًا، أو أكثر قليلًا، منوهة بأن تلك السنوات لم تكن متصلة، لكن تخللتها فترات جمود توقفت خلالها ثم عادت مرة أخرى.
وأثقلت موهبتها الفنية بحصولها على دورات تدريبية على يد مجموعة من الفنانين منهم الفنانة حميدة السنان، لتقدم فيما بعد دورات في تعليم الرسم والأعمال اليدوية إلى المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في أماكن مختلفة من المنطقة.
تناغم خاص
انطلقت ابنة العوامية في استخدام مختلف أنواع الألوان، واستخدمتها على خامات لونية متعددة حيث استخدمت السوفت باستيل والزيتي والأكريليك والمائي، كما استخدمت الرصاص والخشبي، حيث ترى ضرورة التنوع، فـ”تجربة كل نوع على حدة أو مزج أكثر من نوع، له تناغم وجمال خاص”، على حد قولها.
وأشارت إلى أن الأعمال الفنية والأدبية تعبّر عن مشاعر الفنان، وتعكس ما يجري بداخله من شعور وانفعالات، وما يعيش فيه من محيط بيئته، وما يؤثر فيه ويتأثر به، وتابعت: “كل لون مثلًا له معنى في داخلي، وكل ضربة فرشة تشكل نبرة حس أو تعبير دقيق في أعماقي حيث تجدني في كل لوحة من لوحاتي أستخدم فيها عناصر مختلفة سواء أكانت لونية أو خطية أو ظل أو خلافها”.
ولا تنسى “زهراء” ذكرياتها مع أول لوحة رسمتها، حيث كانت لطفل يحمل أخاه الصغير على ظهره؛ لتظهر مأساة الحروب وما تخلّفه من دمار وفقر، وتشتيت للشمل وهجر للأوطان.
وعما يحفزها على الرسم، أوضحت أن حب الرسم ورغبتها الجامحة تجاهه يعد من أكثر محفزاتها، معقبة: “كلما خالجني شعور سواءً أكان مفرحًا أو حزينًا أبدأ الرسم، فعندما تتعاقب الأحداث أمام ناظري أو على مسمع مني يقوم عقلي الباطن بترجمتها إلى ألوان وأشكال فنية على لوحاتي فتجدني أسرع إلى فرشتي وألواني لأعبر عن شعوري، وتأملاتي وتخيلاتي مثلًا أثناء عبوري بين زرع ونخيل أو جلسة على رمال البحر، كما أن لضحكات الأطفال دورًا كبيرًا في تحفيزي وإلهامي”.
مشاركات وجوائز
مؤخرًا عرضت “هنيدي” 32 لوحةً مختلفة من حيث الخامات والألوان في معرض خاص بها، وتنوعت لوحاتها المعروضة من حيث المدارس الفنية، مثل المدرسة الواقعية والسريالية وفن الوحدة.
وتُعبر أغلبها عن سيرة التفاضل والتكامل عند البشر، وتفاعل الإنسان مع بيئته، كما تظهر لوحاتها الضعفاء كبار السن وصغار السن، ولا تخلو من التشويق الذي يجعل المشاهد أمام فرصة كبيرة لوضع عناوين لهذه اللوحات بنفسه.
وعن مشاركاتها الأخرى في المعارض، فقد شاركت الصعيد المحلي في بعض المراسم للفنانة حميدة السنان، وفازت بالمركز الأول في مرسم أتليه الفن التابع لمهرجان “البراحة 2″، وحققت المركز الثاني والثالث عن لوحة زيتية، ومجسمات تراثية قبل عدة سنوات في مرسم “السنان” أيضًا، بالإضافة إلى فوزها بالمركز الأول في مسابقة اليوم الوطني، في مرسم أتليه فن.
أما على الصعيد الدولي، فقد شاركت بأعمالها في بعض المعارض الدولية في مصر والأردن، وحصلت على بعض الجوائز فيها.
فنون القطيف
انضمت إلى الجماعة التشكيلية بالقطيف منذ فترة قصيرة، ورغم أنها لم تداوم على الحضور بسبب ظروف جائحة كورونا، إلا أنها تشارك معهم الرسم المباشر في البراحة.
وحول العلاقة بين الأعمال اليدوية والرسم، أكدت “هندي” أن جميعها في نظرها فنون وإبداعات تستهويها، فالرسم بألوانه والأعمال اليدوية بخاماتها الأقرب لها من أنواع الفنون المختلفة لكنها تجد نفسها في عالم الرسم أكثر حضورًا من غيره، ويليه في المرتبة الثانية الأعمال اليدوية، معقبة على ذلك بقولها: “أعمالي الفنية كلها قريبة إلى قلبي، ولكن بعضها تحمل بين طياتها ذكريات تشكّل أهمية كبيرة في نظري كلوحة الصقر الذي رسمته بالرصاص حيث كانت بداية عودتي للرسم بعد توقفي عنه فترة دامت سنوات ليمثل الصقر رمزاً لظانتصار قوة إرادتي على شبح يأسي”.
طموح وحُلم
“أطمح إلى تحقيق الحلم الذي يراودني في الوصول إلى العالمية في هذا المضمار الفني”؛ بهذه الجملة استكملت “الزهراء” الحديث عن طموحاتها، متابعة بأنها تسعى لتطوير فنها دائمًا لمستويات أفضل، كما تطمح لأن يكون لديها مرسم خاص تمارس فيه هوايتها الأخرى من نحت، وأشغال يدوية مع الرسم، إضافة إلى تحقيق حلمها بنشر الفن في عالم الطفولة، فكم تطمح إلى أن تدرّب أجيالًا من الأطفال على حب الرسم.