البحاري تودّع خادم الـ65 عامًا للمنبر.. عبدالله آل سويد بدأ مقدّمٍا بـ«إن كان عندك عبرة» وفي الـ 15 صدح بحب آل البيت ناعيًا ومؤلفًا

غيّب الموت اليوم الثلاثاء 4 رمضان 1443هـ، الخطيب الملا عبد الله بن عباس بن علي بن حسن بن محمد آل سويد، بعد 65 عامًا في خدمة المنبر الحسيني اقتطعها من عمره المناهز لـ77 عامًا.

ولادته
ولد الراحل آل سويد سنة 1365هـ، وسطًا بين أخويه جاسم وحبيب، في بلدة البحاري، البلدة التي احتضنت نشأته ورعايته، وأمه هي ابنة عم والده العبدة ابنة الحاج مهدي آل سويد.

عن أسرته..
ينتمي الملا عبدالله لعائلة آل سويد، وهي عائلة من سكنة البحاري، وبحسب ما ذكره المؤلف لؤي محمد شوقي آل سنبل في الجزء الثاني من كتابه “على أعتاب الحسين عليه السلام”؛ فإن أصل العائلة يقال بأنه يعود إلى بلدة عنيزة، ومنها انتقلوا إلى قطر ثم إلى (البحرين) وأخيرًا قطنوا القطيف، واستقروا في البحاري.

وأضاف آل سنبل في كتابه أن أصول عائلة آل سويد كانت تعرف بـ آل الشيخ، لكن متى انتقلوا؟ ومتى عرفوا بـ آل سويد فهذا ما لا تحدده النقولات السماعية.

في الكتاتيب
وكأغلب المتعلمين في عمره كان “الكتّاب” بدايته في نهل العلم، حيث تعلم فيه القرآن الكريم عند الملا علي بن الملا حسن آل ربيع.

والتحق بكتّاب الملا علي بن رمضان، ولم تطل دراسته عنده حيث تعلم فيه لمدة أسبوعين فقط، ليتجه بعدها إلى القديح ويلتحق بكتّاب الملا مهدي آل درويش.

ماذا بعد الكتاتيب
ولم تقف خطوات آل سويد في طلب العلم عند حد الكتاتيب بل التحق بعدها بالدراسة الأكاديمية، فأنهى الدراسة الابتدائية في مدرسة الفلاح، وكانت دراسته فيها ليلية، بعد أن ضاقت المدرسة بالطلاب، فقسم الطلبة إلى قسمين؛ قسم نهاري وآخر ليلي، وكان هو ممن اختار الدراسة الليلية، رغم عدم توفر الكهرباء في ذلك الوقت، والاعتماد في الإضاءة على الفانوس ثم الإتريك.

ودرس -رحمه الله- عند العلامة الشيخ عبد الحميد الخطي “الأجرومية”، مزاملًا في دراسته للسيد عباس الزيداني.

صعوده المنبر
بدأ طريقه للصعود إلى المنبر الحسيني في عمر يقارب الثانية عشرة بتقديمه لـ الملا علي آل ربيع، ليشجي قلوب المستمعين بأول قصيدة له في ذلك المشوار، وهي القصيدة المعروفة
إن كان عندك عبره تجريها
فاذهب لوادي الطف كي نسقيها

وحفِل مشواره الأول في طريق الحسين بالتقديم لعدد من الخطباء لمدة سنتين تقريبًا منهم؛ الملا علي آل توفيق والملا مهدي آل درويش والملا عبد الله الزين، والملا هلال حميدان، والملا أحمد محيسن، والملا عباس الزيداني -رحمهم الله جميعًا.

وفي عمر الخامسة عشرة استقل بالقراءة، وقد بدأ قراءته -بحسب ما ذكره آل سنبل- في منطقة الوسادة.

قافية ولائية
تعطر لسان آل سويد خلال حياته بحب أهل البيت عليهم السلام، ليس فقط في اعتلاء المنبر، إنما في نظم القصائد وتأليف الكتب.

يذكر كتاب آل سنبل: “للملا عبد الله نتاج شعري ونثري ومن الجميل أنه محافظ على ترتيب أغلب نتاجه، فكوّن له عدة دواوين شعرية وبعض الكتب”.

ويضيف: “في الجانب الشعري له شعر كثير فصيح وشعبي وأغلب شعره في أهل البيت (ع)، وله شعر في بعض العلماء والمناسبات الاجتماعية، ولديه مجموعة من الشعر القصصي الفكاهي”.

وكما كان استقلاله في اعتلاء المنبر في عمر الخامسة عشرة؛ أيضًا كانت بدايته في كتابة الشعر في ذلك العمر، وقد كانت البداية قصيدة شعبية في وفاة النبي قال في مستهلها:
مات النبي المصطفى خير البريه
وناحت على موته الخلق كلها سويه

أما قصة كتابتها فهي كما قال آل سنبل: يتذكر أنه كتبها في أحد البساتين التي كان يقرأ فيها، ومن الطريف أنه كتبها على “كربة”؛ أي أصول السعف، وكتبها بقلم الرصاص.

في عمر الخامسة والعشرين جادت قريحته بالشعر الفصيح وبدأ كتابته إلا أنه لم يجمعه في ديوان كما هو حال شعره الشعبي الذي جمع أغلبه المتعلق بأهل البيت عليهم السلام في عدة دواوين.

ما خطته يمينه
جمع آل سويد خلال حياته حبه لآل البيت في عدد من الداوين ذكر بعضها آل سنبل في كتابه، ومنها؛ أحزان المؤمنين في رثاء النبي محمد وآله الطاهرين وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء، وديوان سفينة المؤمنين في رثاء النبي وآله الميامين وقد طبع في عام 1433، وديوان الدموع السواجم في الغريب القاسم وهو ديوان خاص بالقاسم ابن الإمام الكاظم (ع) وقد نشر هذا الديوان سنه 1430.

أما نتاجه النثري فيتمثل في عدة مؤلفات منها؛ أزهار البساتين وعطور الرياحين وهو كشكول صغير جمع فيه بعض القصص والعبر واللطائف والشعر، كما له مجموعة مواليد هي؛ النور المبين في مولد أبي الفضل ابن أمير المؤمنين، ونور العباد في ذكرى ميلاد السجاد، والنجم الزاهر في مولد الإمام الباقر، وزهرة الوادي في ذكرى مولد الإمام الهادي، وقد ضمن هذه المواليد بعض أشعاره.

ميراثه حب المسجد
ورث الملا عبد الله عن عائلته ولاية مسجد الشيخ عزيز وهو مسجد قديم في بلدة البحاري، وترجع ولاية آل سويد له منذ 150 عامًا أو أكثر.



error: المحتوي محمي