سولفة شوق

حين تنتظر غاليًا على قلبك فأنت حين تستقبله لا تستقبله بالأحضان فقط فحتى كلمات روحك تحتضنه من فرط شوقك إليه.

وقد لا تنتظر ليأخذ نَفسَه ويرتاح بأول لحظات اللقاء بل قد تُخرج له كل ما بجعبتك من سوالف صادفتك بغيابه فترى أن وقتك يمضي بسرعة عجيبة وكأنها ثوانٍ معدودة بين محبوب وحبيبه، ليحين وقت مغادرته دون أن تنتهي من حديث شوقك الذي تعلن فيه عن حبك إليه.

أحد عشر شهرًا بيني وبينك وكأنها موعد ولادة متأخرة ننتظر مولودها بفارغ الصبر ولا نعلم أكان المولود سيبتسم في وجوهنا التي امتلأت برموز القلوب حين يرانا باستقباله أم لا؟

ربما بالواقع لا أعلم كمية حنانه العظمى ولكن قطعًا أعلم أنه أحنّ علي من أمي، وبالمقدار الذي لا يبخل بإهدائي ابتسامة تبهج روحي أبدًا والتي تنتظر الفوز بوسام من يبلغ أيامه وتتأمل من الله استجابة دعائها في أن تتنفس ولو شيئًا بسيطًا من أنفاس أيامه ويبقى أثرها لمدى طويل بموازين الآخرة.

شهر رمضان أتسمح لي أن أقول لك إني أحبك حتى لو كان يمس تعبيري بعض الكذب حين أغفل عن وجودك ولا أعطيك هيبتك واحترامك ولا أنتبه إلا بمفارقتك بآخر أيامك بالماضي من الأعوام.

اسمح لي أن أعقد معك علاقة جديدة نتشارك فيها أنس ذكر الله وآل الله فيك وبكل يوم.

ليس جنونًا أن أحادثك وأرسل لك رسائل الشوق حتى بوجودك وكأنك من بني البشر، لكن أتعلم من ألهمني للحديث معك؟

إنه صاحب زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت (ع) هو من تحدث لهلالك فكان حديثه دعاء يتلوه كل من ينظر لهلال خيرك وبركتك ليقتدي به ويسجل معه نقطة دخول لعالم الرحمة ويقول: أيُّها الخَلقُ المُطيعُ الدَّائِبُ السَّريعُ المُتَرَدِّدُ في مَنازِلِ التَّقديرِ المُتَصَرِّفُ في فَلَكِ التَّدبيرِ، آمَنتُ بِمَن نَوَّرَ بِكَ الظُّلَمَ وَأوضَحَ بِكَ البُهَمَ وَجَعَلَكَ آيَةً مِن آياتِ مُلكِهِ وَعلامَةً مِن علاماتِ سُلطانِهِ، فَحَدَّ بِكَ الزَّمانَ وَامتَهَنَكَ بِالكَمالِ وَالنُّقصانِ وَالطُّلوعِ وَالأُفولِ وَالإنارَةِ وَالكُسوفِ، في كُلِّ ذلِكَ أنتَ لَهُ مُطيعٌ وَإلى إرادَتِهِ سَريعٌ سُبحانَهُ ما أعجَبَ ما دَبَّرَ مِن أمرِكَ وَألطَفَ ما صَنَعَ في شَأنِكَ، جَعَلَكَ مِفتاحَ شَهرٍ حادِثٍ لأمرٍ حادِثٍ، فَأسألُ اللهَ رَبّي وَرَبَّكَ وَخالِقي وَخالِقَكَ وَمُقَدِّري وَمُقَدِّرَكَ وَمُصَوِّري وَمُصَوِّرَكَ أن يصلّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأن يَجعَلَكَ هِلالَ بَرَكَةٍ لا تَمحَقُها الأيامُ وَطَهارَةٍ لا تُدَنِّسُها الآثامُ، هِلالَ أمنٍ مِنَ الآفاتِ وَسَلامَةٍ مِنَ السَّيِّئاتِ، هِلالَ سَعدٍ لا نَحسَ فيهِ وَيُمنٍ لا نَكَدَ مَعَهُ ويُسرٍ لا يُمازِجُهُ عُسرٌ وخَيرٍ لا يَشوبُهُ شَرٌّ، هِلالَ أمنٍ وَإيمانٍ وَنِعمَةٍ وَإحسانٍ وَسَلامَةٍ وَإسلامٍ.

هو مولاي زين العابدين (ع) وصحيفته التي يصدح من نور كلماتها أصوات الداعين والمقتدين بصوت دعائه الخاشع هو فاتحة الشوق التي أتمنى دخول بوابة استقبالك منها.

هو من اخترته ليُعنون حديث تمرة إفطاري ليومي الأول فيك ليكون يومي وإفطار جسدي وروحي كله برعاية كريمة من يُمن يده التي تُعطي في ظلمة الليل كل محتاج وفقير.

مولاي يا سيد الساجدين (ع) أنا الفقير الحقير الذي توسم بوسم الأبعد من يكون من شهر الله فهلّا تمد لي من زادك مددًا يُنعش روحي الميّتة بغفلتها لتُعينني على سجدة شكر أشكر فيها واهبي القدرة على التنفس والذي بلطفه جعله بهذا الشهر له تسبيح تصديقًا لقول نبيه وقول جدك رسول الله (ص) حين قال: “وأنفاسكم فيه تسبيح؟”.



error: المحتوي محمي