هل وصل قبل هلاله؟!

قد تستعجل بعض المحلات وصول شهر رمضان بعرض ما يعده البعض من رموزه كمصابيح وأوانٍ يُطبع عليها اسمه، واستعجالهم ليس قبل شهر من وصوله بل قد وجدت بعض المحلات من شهر رجب وهم يعلنون عنها، لا بل قد لا أصدق نظري حين أرى لوحات التهنئة بوصول شهر رمضان ولايزال هلاله لم يولد من بطن الزمان.

دعك عن مجال الإعلانات التي من شأنها التسويق المسبق قبل الحدث لكن العجيب أن البعض يضع بحسابه تهنئات وصول الشهر الكريم ودعاء الاستهلال على بُعد أيام ونحن بعد لم نشهد ذلك الهلال الذي ننتظره بلهفة الانتظار وشوق اللقاء ونتمنى حقًا أن نقول حين يهل علينا بنوره: “اللّهمَّ أهلّهُ علينا بالأمنِ والإيمان والسلامةِ والإسلامِ والعافيةِ المجلّلةِ والرزقِ الواسعِ ودفعِ الأسقامِ، اللّهمَّ ارزقنا صيامَه وقيامَه، وتلاوةَ القرآنِ فيه، اللّهمَّ سلِّمهُ لنا وسلِّمنا فيه” لا بل الأدهى من يضع منشورات للعشر الأواخر!

إضافة إلى من يبارك لك بالشهر الفضيل من قبل أيام منه لدرجة قد تشك بنفسك أكان التقويم لديك فيه خطأ وقد وصل شهر رمضان حقًا على الناس دون أن يصلك؟

أكان إبريل جاء مستعجلًا ليصدق الناس تلك الكذبة الموسومة فيه ويعلنون وصول شهر رمضان قبل أن يهل نور وجوده على أرواحنا.

صحيح أن شهر رجب وشعبان هما بوابتان لدخول البوابة العظمى لشهر الله الكريم وفرص تهيئة لتلقي أكبر قدر ممكن لمنح رب السماء، لكن شهر رمضان له من الخصوصية التي يتغير بوصوله قوانين كل شيء لتغدو حتى أنفاسنا التي نأخد أكسجينها بشكل تلقائي ودون تعب أو مجهود هي عبادة.

كرم شهر رمضان وعروضه لا نستطيع مقارنتها أبدًا بعروض البشر التي قد تكون موهومة أو مقتصرة على إنقاص بعض الريالات لتدخل بقائمة العروض الرمضانية.

ليتنا قبل استعجال التهنئة به كنا قد استعجلنا التهيئة له ليس بالتهيئة الظاهرية وشراء مؤونة عام كامل لأيامه وزينة وملابس فالأولى تهيئة القلب لينبض بروح تحيا بذكر الله وتموت بالغفلة عنه.

ليتنا نسارع لعروض السماء فيه واستغلالها قبل انتهاء مدته كما نسارع لأبسط عروض قبل انتهاء وقتها.

ليتنا ندرك كل المعاني التي صدح بها رسول الله (ص) عنه حين قال: “هو شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب. فسلوا الله ربكم بنيات صادقة، وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حُرِم غفران الله في هذا الشهر العظيم”.

رزقنا الله وأياكم بلوغه بخير وبصحة وسلامة لا فاقدين ولا مفقودين و الانتهال من بركات السماء فيه والتنعم بنعمة صيام نهاره وقيام ليله.



error: المحتوي محمي