إهداء لروح أخي حسن

حين تحاصرني الفكرة وألتقط اللحظة التي أجلس فيها لأكتب نصي، حينها أفقد ذاتي لحظة الكتابة ويقوم مقامها صوتي الداخلي، الذي يأتي من خلال تجربة روحية وإن كانت عفوية! هنا قررت أن أتجول بين حروفي البيضاء، لأكشف بوحي ونبض قلبي حيث أحاول إيصال إحساسي هنا.

فالمواقف العميقة تواجهني كثيرًا، تأتي وتذهب لكن ما يبقى هو قدر الاستفادة منها، حيث أضافت لي الكثير وتعلمت أن أصنع بعض النجاحات من الفقد والجرح والألم كي أستمر! نعم أنا واقعية بامتياز حيث أجيد تمامًا التسكع داخل جراحي، حيث لا أفهم كيف تنتابني نكهة الحزن بامتياز أيضًا، ولكن هناك أمور كثيرة لا تُفهم في هذا الكون! فأنا امرأة لا تحترف النسيان بل أجيد احتراف حب الحياة رغم فقد الأحباء، حيث أحاول دومًا أن أغسل وجهي بماء الورد لعل روحي تهدأ من الضجيج حولها.

منذ فترة أجد نفسي شحيحة وبعيدة عن الكتابة، مازلتُ أتساءل لماذا تمردت على قلمي وحرفي وارتأيت أن أتجه صوب الصمت، وأتساءل أيضًا ما سبب عجزي وأنا في قمة ربيع فكري؟! حيث الصدق والإحساس كلاهما لا يحتاجان إلى دليل ولا مبرر لثبوتهما، لاسيما أنني أكتب بإحساسي دون تردد، وأيضًا لا أصيغ نصوصي على مزاجي ولكنها تداهمني ذات لحظة، فيبعث البياض النص بصدقه، مدركة كيف طوى الصمت العديد من الحكايا التي كانت تحي أفكاري رغم الجراح، وهنا يحضرني قول لحكيم عربي قديم حيث ذكرته من قبل: الناس قد يرون الجرح الذي في رأسك لكنهم لا يشعرون بالألم الذي تعانيه، أما إذا شعر بعض الناس بذلك الألم، فهذا دليل على إنسانية أولئك الناس وعلى إنسانية صاحب الجرح، فالجرح لا يثير تعاطف الناس إلا حين يكون جرحًا إنسانيًا.

كل عام وفي إطلالة شهر رمضان المبارك أستقبله باستعداد روحي عميق، لكن هذا العام حيّرني لأنه كان مختلفاً تمامًا، وفي هذا اليوم أخذتني الخلوة الخاصة مع ذاتي، وقد عبرت عنها وعن كل ما يختلج في صدري وبكيت بقوة، حيث لم أنس (أخي حسن) الذي فقدته منذ شهور، وفي هذه اللحظة من الوقت وأنا أترنح بين وجعي وجرحي ويلفني الحنين لأخي الراحل حسن! سأهدي هذا النص العفوي لروح شقيقي الراحل حسن، وأقول: له ما زلت حيًا في قلبي. وكم أفتقدك أيّها الشقيق العزيز! طوبى لروحك هذا الرقاد وهي بين يدي الله وفي ذمته، مادام الله معك فلا تخشى وحشة القبر، وهناك بيني وبين رحيلك حكاية بقلبي ليس إلا. أو ليس أمرًا طوعيًا أن أختنق لفقدك! وإن كنت مرغمة على الصبر والسكينة، فأين المخرج وإلا ما سر هذا الحزن الشديد؟ لعلي عاجزة عن البوح وأنا أتذكر وأتحسر لفراقك! هذا هو قدري أن أمضي هكذا دون أن أفقد إيماني وصبري.

شكرًا أيها القارئ لقد منحتني الفرصة لأن أكتب إحساسي وشكرًا لسعة صدرك، كم أستمتع بطلتك على سطوري وأنت بكامل احترامك، وتقديرك حزني ووجعي فألتمس العذر منك، حيث لا أستطيع أن أكتب نصًا لا أعيشه.



error: المحتوي محمي