في لقائه بـ هاني المعاتيق.. محمد الخنيزي: حفلات الطلاق من سلبيات السوشيال ميديا.. ومشاهيرها يصنعهم المطبلون

استشهد هاني المعاتيق في حديثه عن “وسائل التواصل الاجتماعي بين الإيجابية والسلبية” بدراسة صادمة طرحها الدكتور السعودي محمد الحاجي عبر حسابه على سناب شات شملت 30 دولة، وقاست مدى تعلّق المجتمع بوسائل التواصل الاجتماعي، إذ طلب الاستبيان من مؤديه؛ الاختيار بين صديق حميم أو التخلي عن وسائل التواصل؛ فكانت النتائج مخيبة للتوقعات، حيث فضّل 50% التخلي عن أصدقائهم الحقيقيين، والحميميين من البشر على ترك مواقع التواصل.

وكشف المعاتيق خلال لقائه مع المدرب محمد الخنيزي عبر قناة أنستجرام مساء الإثنين 25 شعبان 1443 هـ، عن الإحصائيات الهائلة لما يخص عالم الشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل الاجتماعي؛ فقد بلغ عدد البشر المتصلين بالإنترنت أكثر من 5 مليار متصل، بزيادة سنوية تبلغ 7% لمستخدمي التطبيقات التي تحتل مساحة كبيرة في الوسط الاجتماعي.

عالميًا
وأشار إلى أنّ هناك تفاوتًا ملحوظًا في الاستخدام العالمي للتطبيقات؛ ففي حين يحظى الفيس بوك بالنسبة الأعلى في الدول الأجنبية بنسبة 3مليار مستخدم، إلا إنه لا يحقق المتابعات ذاتها لدينا، ويأتي الأنستغرام واليوتيوب بمرتبة واحدة بما يعادل2 مليار مستخدم، ثم الواتس اب الذي قد يكون أكثر التطبيقات استخدامًا في مجتمعنا، وفي حين يعتقد الكثيرون أن التطبيق الأصفر السناب شات هو الأعلى نسبة حاليًا، إلا إن 500 مليون مستخدم لهذا التطبيق لا يمكن مقارنتهم بمليار مستخدم للتطبيق الحديث التوك توك الذي شهد الإقبال منذ بداياته بـ 90 مليون مشترك على الرغم من تصنيف معظم الكبار له كتطبيق لهوي يستقطب المراهقين وصغار السن؛ ليتضاعف الرقم في وقت قصير أضعافًا مضاعفة وصولًا إلى المليار، منبهًا أن السناب شات قد يكون هو الأحظى بالمتابعة خليجيًا عن بقية البلدان.

ماذا لو؟
وأجاب الخنيزي عن السؤال العميق للمعاتيق إياه بـ ماذا لو كنت صاحب القرار في إطلاق وسائل التواصل الاجتماعي أو حجبها ومنعها؟ إن جميع قنوات التواصل الاجتماعي تعتمد بالمقام الأول على مستخدمها؛ فهذه القنوات سيفٌ ذو حدين بإيجابياتها وسلبياتها، فنحنُ لا يمكن أن ننكر ما حققته بعض هذه القنوات من خدميات مجتمعية، ومنافع لا حصر لها، في مقابل قنوات أخرى لا تتناسب للأسف مع مع قيمنا، وعاداتنا، وتقاليدنا، وديننا، وهويتنا، ولو كان مفتاحها بيدي حتمًا سأمنعها، وبلا تفكير.

وتابع: وهنا أنوّه بدور أولياء الأمور، ومسؤولياتهم الجسيمة في متابعة كل التطبيقات على أجهزة أولادهم، ومنعهم منعًا باتًا لما ينبغي عدم تحميله منها.

الأسوأ
وعدد الخنيزي الأسوأ في سلبيات تطبيقات التواصل، مبتدئًا بالكم الكبير من المعلومات التي تردنا من خلالها، ولا نستطيع لكثرتها استيعاب المزيف، والصحيح منها، وفلترة هذه المعلومات، إلى الدرجة التي أصبحت فيها هذه التطبيقات مرتعًا خصبًا لتمرير هذه السلبيات بطريقة كارثية، حيث يعتادها الإنسان بصريًا لتكرارها ويتقبلها على الرغم من خطورتها؛ فالمثلية المحرمة، والتهكم على الزوج أو الزوجة بطريقة ساخرة، والاستهزاء والتنمر على الآخرين بطريقة هزلية للإضحاك، وكل ما يماثل هذه المفاهيم المحطمة للمجتمع وقيمه، أصبحت اليوم أنماطًا عادية يتقبلها البصر بسبب تكرارها في جميع القنوات بصورة أو بأخرى؛ فتغيرت مفاهيم، وتكسرت قيم بسببها.

لا خصوصية وسرقة ماهرة
وأكدّ الخنيزي أن قنوات التواصل انتهكت خصوصيات الإنسان بصورة ملحوظة، ولذلك نجد إصرار البعض على إخفاء حالة ظهوره في الواتس اب، نظرًا لتعرضهم لمضايقات المتطفلين، أو غير المتفهمين لظروف الشخص في حالة عدم رده الذي لا يكون متعمدًا مطلقًا؛ بسبب انشغالهِ بأمور مهمة أو محادثة مهمة لا يستطيع تجاوزها لمحادثة عادية.

وأضاف: تسرق القنوات بكل مهارة وقتًا ثمينًا من الإنسان لا يشعرُ بمرورهِ في أكثر الأحيان، وتبعده عن أهلهِ وذويه، وتغيّب إنجازاتهُ الحياتية، كما تجد الخلافات، والنزاعات، والصراعات، والقيل، والقال مكانها الخصب وسط هذهِ القنوات، مواقع التواصل الاجتماعي تشهد بذلك وأكثر.

37% ضد 10%
وأبان المعاتيق أن نتائج الاستبانة التي نشرها على سنابهِ الخاص؛ لتقييم وسائل التواصل الاجتماعي كشفت عن 37% ممن تيقنوا بأنها ساهمت في هدم القيم، والتقاليد والتخلي عنها، و10% فقط يرون بأنها ساهمت في البناء المجتمعي، والنشر النافع، في حين كان لـ 52% رأيهم المحايد بكون الغالبية لم تستفد منها بالشكل الصحيح، بل استفيد من جانبها السلبي بكل أسف.

من بالخلف؟
وحول سؤال المعاتيق للخنيزي عن تلك النتائج، والمسؤول الحقيقي الذي يقف خلف سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي أجاب الخنيزي مؤكدًا أن المجتمع بأكمله هو الدائرة الكبرى التي تقف خلف الجيد والرديء معًا من هذه القنوات، لكنّ الأسرة هي المركز الحقيقي لهذهِ الدائرة الكبرى؛ فمتى ما كان الوالدان يمثلان القدوة الحسنة لأبنائهما في استخدام هذه المواقع والتعامل معها، ستكون النتيجة جيلًا مبصرًا بعمق لهذه المواقع، وقادرًا على الإفلات من مصائدها.

رجال الدين
وأرجع الخنيزي أسباب ضعف التواجد لرجال الدين على هذه المواقع إلى انشغالهم بدراستهم والتزاماتهم وبحوثهم، وعدم قدرتهم على إدارة هذه القنوات ومتابعتها باستمرار وجدية؛ ففتح قناة خاصة أمر سهل ويستطيعهُ الجميع دون استنثاء، لكنّ المؤثرين ورجال الدين يحتاجون الإدارة الحقيقية، والذاتية لقنواتهم، والرد على متابعيهم، واستفساراتهم، وإلا فإنهم سيفقدون المتابعين بغيابهم أو تواجدهم المتقطع.

وعقّب المعاتيق على الخنيزي قائلًا: إن هناك مساحات كثيرة في هذه المواقع إذا لم تمتلئ بالصلاح شُغلت بالمفاسد، وافتتاح رجال الدين لقنواتهم تكريمٌ لهم، لا تقليلٌ من شأنهم، فكلما افتقرت وسائل التواصل لوجودهم وغابت هالتهم، انتشرت المفاسد وتتابعت بلا قيد، ولا مانع أن يؤسس رجال الدين فريقًا خاصًا له يعمل على نشر مقاطعهِ ومحاضراتهِ؛ ليكون دوره موجودًا بقوة ومستمرًا على الساحة، فهناك نماذج لرجال الدين حاضرة في هذه القنوا، ولها متابعينها بالتأكيد والمساهمين في نشر ما يبث فيها، لكننا نطالب بمضاعفة الأعداد.

إثراءٌ ديني
واستدرك الخنيزي على رأي المعاتيق، بأنّ الكثيرين ينادون في زخم الغث الذي تمتلئ بهِ قنوات التواصل الاجتماعي بفتح قنوات رجال الدين لقنواتهم، ولكن هذا الدور ليس الدور الرئيس لرجل الدين في عالمهِ المكلل بالبحوث، والدراسات، ولكن من الممكن للمؤثرين في المجتمع، وأبناء المجتمع الصالحين إثراء مواقعهم وتغذيتها بهذا الغذاء الروحي من محاضرات، ولقاءات، وبرامج، وغيرها بمقاطع منتقاة، ومختارة تصل للمتابعين، وتفيدهم، وتجعل وجودهم حاضرًا وقويًا.

فخ
وحذّر الخنيزي من الفخ الذي قد يقع فيه بعض الأشخاص بما ينشرونه من مفاسد بدوافع عدة قد ترجع إلى ما تقدمهُ بعض القنوات من مبالغ مالية ضخمة إذا زاد عدد المتابعين، أو نسبة المشاهدة للمقاطع، أو قد تكون إثارة الفتنة أو الصراعات مع شخص أو فئة معينة دافعًا آخر، والأدهى أن تكون الرغبة بالظهور والتواجد على حساب قيم المجتمع ومبادئه هي الدافع الخبيث وراء ذلك كله، ويعظم الأمر سوءًا حينما يجد هؤلاء المطبلين والجهال لقنواتهم ، فتأخذهم الأنا الداخلية، ويزدادُ الطين بلة.

طرق ملتوية
وشدد الخنيزي على ضرورة اليقظة الفكرية، والتريث العقلي الفاحص لما يمرر إلينا من رسائل ظاهرها الحق وباطنها الفساد، مقدمها باطل وإن كان مؤخرها صدق، وضرب لذلك مثالًا بقولهم:” هو لا يصلي، لكنه لا يؤذي أحدًا”، فرسالة كهذه وأشباهها تهدم قيمنا المجتمعية، بل وتزلزل ثوابت دينية، ويبدو الأمر في الرسالة لا غبار عليه، وللأسف فقد أصبحت هذه الرسائل، والمقاطع المرئية مقبولة ومُحتذاة في مجتمعنا؛ فأصبحنا نسمع عن حفلات الطلاق، والخيانات الزوجية، والتفكك الأسري والعقوق، وكأنها أمر معتاد لا إشكال فيه.

عاهد نفسك
ودعا المعاتيق كلّ فرد منا أن يعاهد نفسه بأن يكون عضوًا نافعًا في مجتمع التواصل الاجتماعي وإن قلّ متابعوه أو انحصروا في محيطه، متسائلًا عن السر في بخل الفرد بمنشورات نافعة في بوستاتهِ تتضمن أية معلومات هادفة وإن اختلفت وتنوعت ما بين التدريب، أو اللغة، أو الطبخ، أو الدين، أو المعلومات الأسرية والتربوية، منبهًا إلى ضرورة انتقاء ما ننشره والتيقن من صحته لا سيما في تداول الروايات الشريفة.

فلتر أكاونتك
ووجه الخنيزي رسالة مهمة منبثقًا من الهاشتاچ المعروف فلتر أكاونتك، نصح فيها كل موجود في عالم الميديا بانتقاء ما ينشره، واختيار من يتابعه، فكل إضافة لأحد المشهورين التافهين أو من يقدمون محتوى سيئ، هي مصدر قوة لهم.

وأضاف: لا تعتقد أنك رقم واحد غير مؤثر، فواحد مع واحد يصل بهِ للآلاف، ووجودك معه في قناتهِ هي اشتراك معه في الرذيلة أو السلبية.

احذر
ونبّه الخنيزي والمعاتيق من الإخلال بالمسؤولية لدى المرسل والمستقبل في تصوير أو نشر المقاطع المسيئة وتداولها، وخاصة بما يمس مجتمعنا، وصورتنا أمام الآخرين، فما حصل بنشر المقطعين المسيئين في ليلة النصف من شعبان لأكبر الأدلة على ذلك، فالاحتفاء بهذهِ المناسبة جرى في كل الأمكنة بما يليق بقدسية هذهِ الليلة، وبما اعتدنا عليه، وليس من الإنصاف مقارنة تصرف 20 شخصًا مسيئًا وغير مسؤول، أو حتى 200 شخص بمليون مواطن قطيفي يدرك جلال هذه المناسبة، متعجبين من عدم نشر المقاطع المرئية للأماكن العبادية التي أحيت هذهِ الليلة بكل روحانية وتوجه.

رسالة سوداء
وحذر الخنيزي في ختام حديثهِ من الوقوع ضحايا للنصب والاحتيال بالرسائل المنتشرة في وقتنا الحالي المنتحلة لجهات كبيرة كشركة الكهرباء أو الاتصالات أو البنوك، والتي تطلب منك تحديث بياناتك الشخصية، أو الإفشاء بمعلوماتك الخاصة، وقد بلغت المهارات الرقمية لهؤلاء المنتحلين، والهكر والمزيفين أن تأتيك الرسالة المنتحلة من ذات الرقم الذي اعتدت عليه من الجهة المرسلة، وبالنهاية تجد نفسك ضحية نصبٍ ضخمة سرقت أموالك بمساعدة شخصية منك دون أن تدري، مشيرًا إلى وقوع الكثير ضحايا لعمليات نصب هائلة تصل لمئات الألوف، وتضيّع سنوات من العمل والجهد والكدّ في لحظات مكيدة إلكترونية.



error: المحتوي محمي