قد يتعجب البعض من الجرأة في عنونة مقالي, ولو وجدت عنوانا انسب لما أقصده لما تأخرت في نسجه على حافة سطوري العليا, ولعله يعطي انطباعا خاطئا, عذرا يا قراء لنفسح المجال لمن يود معرفة الكثير عن الحرية ولكل من يقرأ, أحاول أن استسقي حبري من واقع إحساسي بالحياة وتحت حدود حريتي في صفحتي, سأحاول جاهدة وبكل كياني حياكة مقالي هذا لأدفع سطوري الحرة بحروفها, وليتني أتمكن بحريتي بصدقي وعفويتي من تحويل مقالي إلى تحفة تعلق بذهن القارئ, رغم إن التفاصيل الصغيرة في مقالاتي تتعبني حيث لا أهتم كثيرا بالطرح التقليدي, وهنا يعطيني الخصوصية والحرية في الكتابة لأبعد الحدود,فهذا النوع من الكتابة يرسم ملامحي ويهبني قهوتي عفوا ما قصدته قيمتي وحريتي بين نفسي, أعتذر لقد حاولت هنا ألا أنوه عن القهوة إرضاء لبعض القراء حتى لا أخسرهم, وعزائي إن قهوتي تعطي بصمة لمقالي, فليس من طبعي أو في نيتي استفزاز أو جرح مشاعر أحدا أبدا.
ما استوقفني ودفعني إلى كتابتي هذه, هو إنه يتراءى لي إن كل كتاباتي صادقة, لأنها تعبر عما أريد أن أقوله بالشكل الذي أراه مناسبا حقا, وأنا بكامل حريتي وما أجمل الحرية تحت هذا السماء دون تشويه.
شغلتني إحداهن بسؤال عن لماذا نكتب, رغم بساطة سؤالها أقف قليلا متسائلة فعلا لماذا نكتب؟ و أرد عليها قائلة: عندما يفكر عقلي بشيء ما لن أمنع قلمي عن الكتابة وذلك لتمتعي بحريتي الفكرية, لن أتمكن كصاحبة قلم أن أمارس حقي بحرية الكتابة إذا كانت حريتي الشخصية مسلوبة, ولكن لنبدد بأقلامنا وحبرنا كل الحريات المشوهة حيث لا أطيق أن تحاصرني زنزانة الفكر وحتما العقل حرا هنا, علي أن أمارس قناعاتي وحريتي ويا للعار ما زلنا نتكلم عن هذه الكلمة دون معرفة بالضبط ماذا نقصد, ولكن دعني أخبرك أمرا مهما هنا يخص النظرة إلى الحرية, ربما من خلاله أتلمس ردا ما عن سؤالك هل لعدم وجود مساحة للحرية هي السبب في تراجعنا ثقافيا ولكن مثلما يفكر المرء يصير, وإذا اعتبرت نفسك حرا فأنت كذلك أما إذا اخترت ضيق الأفق فتبقى محدودا ومقيدا.
حريتي أن لا اقبل أن اكتب إلا بقلمي ومن خلال فكري أتنفس حريتي دون أن أخنقها فلا أريد قيودا تقتل مواهبي وإبداعاتي التي تعيش داخلي, أحلم بحرية وبما يرسمه ديني من خطوط أسير على نهجه دون قضبان حديدية حتى لا أشعر بسجن داخلي,لن أتخذ الحرية منهجا مقرونا بالتمرد فلا بأس بجهري بأفكاري البناءة التي أرجوا صادقة ألا تسيئوا فهمي, كم من عروض جاءتني للقاءات معينة عبر التلفاز رفضتها حتى الكتابة, أرفض أن أتقيد في عمود يومي أو حتى شهري ضمن روتين معين ولكني أجد نفسي هنا حرة, وأكتب تبعا لرؤيتي دون قيد, ما دمت أدرك أين أنا من الحرية أو أين الحرية مني.
اكتب لك الآن بحرية بعد إن مارست قراءتك بالحرية ذاتها, فنحن في الغالب لا نجيد معرفتها ولا نعرف قيمتها, طالما إنها قريبة منا لا لسبب يتعلق بأفكارنا بقدر ما يتعلق بقصر نظرنا, فنحن نعاني من ذلك في مشاعرنا وإحساسنا بها, فأعذروني سأعتبر هذه الفكرة إحدى حرياتي الشخصية الغير زائفة دون اقتفاء أحدا, وطريقتي الخاصة بي إنه يجب احترام حريات الآخرين.
اعترف خلال هذا المقال كنت أشعر بأني خارج الطرح والشرح, ومن يقرأني هنا قد يظن إني لست كاتبة مقالي هذا, ولن تصدقوني بسهولة فيما أزعم, وفي خطوة أوصفها بأنها الأولى من نوعها هذا على حد وصفي أنا حرة فيما أكتب,وقررت ألا أدع أحدا يتدخل في فكري واعتبرت نفسي وحدي, وسأكتب كل ما هو مناسبا فلدي مساحة بيضاء لأقول ما أ شاء ما دامت حريتي معي . معذرة أيها القراء إني انتهزت المساحة بلحظة ضعف مني, رغم إنه يعتريني القلق كلما أقدمت على كتابة مقالا جديدا وبفكرة قد لا تليق للبعض, وأتجرأ في إقناع نفسي بأن ما أكتبه ضمن حريتي الشخصية الصادقة طالما لا أتجاوز حدودي مع قرائي الكرام.
فلسفة لم تطرأ على بالي إزاء من يسأل كيف ندرك بأن لنا حرية أو نحن أحرار لا أدري لماذا يرتدي البعض قناع الحرية ويتدثر بدثار التجاوزات ؟ هل تبرج المرأة وتمردها على دينها وقيمها الحضارية والأخلاقية حرية؟ هل الاستخفاف بكرامة المرأة في خلع حجابها وفسخ حياءها حرية؟ هل يمتلك المرء هامشا من الحرية كنقد ما لا يعجبه من الغير وإلى أي مدى ذلك؟ هل نعتبر الحرية المطلقة بأن نفعل ما نشاء وبلا حدود؟و لعله هناك مؤامرة لإفساد علاقتنا بالحرية الشخصية ألا ترى معي هذا؟ إنها أسئلة عدة قد تبقى بلا جواب, ما أقسى الشعور تحت القيود وبلا حدود نحن بحاجة لحرية القلب والعقل, لن أطلب أكثر من حقوقي ولن أنسى واجباتي هكذا أنا ومن أجل القراء الكرام لا بأس أن أقول وهكذا أنتم أيضا.
من خلال حريتي أسعى للكمال والطهر والعفة لا للنقص, و علي أن أكون قادرة لأن أكون نفسي وفي كل لحظة, وأن أكون مستقلة عن أي شيء إلا عن السلوك الأخلاقي, والحرية التي يتشدق بها الأجانب أعتبرها حرية باهتة زائفة غير واضحة وفاضحة بل هي خطيرة ومشوهه,ومن أقدس وأكمل الحريات لدينا التي
نتمتع بها هي الخشوع والخضوع لله سبحانه وتعالى وتحرير النفس من الخوف, وليس بالضرورة أن يتم ذلك على نحو تبريري.
لن أتفوه بكلمة تخرج من شفاهي ولا من قلبي فلقد انتابني قلقا عميقا في داخلي, مع تساؤل حتمي هل أصبحت الحرية شعارا يتردد هنا وهناك دون أي اعتبار؟ إن ما يدعو إلى مثل هذا التساؤل هو الإحراج الذي نصادفه عندما يمارس البعض الحريات دون قيود, ألا يكفي إننا في زمن الأقنعة؟ أليس من العبث الاستمرار بهكذا
حماقات, كم أحزن لحرية البعض المزيفة, وما أروع أن تكون إنسانا حرا دون تشويه.
أسمحوا لي أن نفترض صحة هذه الحرية, ولكن هل يبرر ممارستها من الناحية الفكرية, أكاد أجزم إنكم على إطلاع تام بحيثيات هذه الفلسفة الواقعية, لقد تمت ممارسة حريات زائفة هنا وهناك فماذا كانت الحصيلة؟ و إنني على يقين أنها مرفوضة في معظم الثقافات ومن المؤكد إنكم شخصيا لا يروق لكم ممارستها وتجاوز خطوطها الحمراء.
كم قالوا وقلنا إننا في أمس الحاجة لمعرفة حدودنا وحرياتنا, لم أتحمل فتح بابا للنقاش عن الحرية فقررت أن أقف عند بابها, فالقيود الشريفة أفضل من الحرية المزيفة, للحرية حدود لكن لا حدود للحرية, وأجمل ما في الدنيا الحرية العادلة للنفس والآخرين لأعطيك مثلا عدد المسلمين في الولايات المتحدة يكاد يفوق عدد اليهود فما الذي يمنعهم من ممارسة حقوقهم وحرياتهم الشخصية ؟ لا أحد يدرك السبب بل هو الجهل بمعنى الحرية, أخشى من يسألني على نحو ذكاء مفرط أين تقع الحرية على الخارطة؟
الحرية لا يختلف على أهميتها اثنان, والمسألة في تحديد كيفيتها أقصد في السيطرة عليها, وأكثر شخص يشعر بها الذي أفتقدها عليه أن يمتلك حرية تخصه كما يريدها, والجميع يتفق إنها حق كل واحد ومع ذلك فهي مسألة نسبية, قرأت مرة: إنني لست حرا في ألا أكون حرا, وليست الحرية في أن نؤذي ونضايق الغير كما يحلو لنا دون محاسبة النفس, ومن العار علينا أن نسيء باسم الحرية بل هي الهمجية ذاتها, ولعلني أتجرأ لأصفها بالازدواجية والتناقض فلا عجب فهي إحدى صفات العالم العربي.
اكتشفت إن الحرية الشخصية رائعة وإن حسن التعامل معها أروع, وإننا كلما كبرنا في داخلنا كلما كنا أكثر تحفظا وتقديرا للحرية مما يجعلنا نشعر بالأمان معها,وما دام باب الحرية مفتوحا أمامنا فواجبنا أن نمضي ونعتبرها سعادتنا إذا حافظنا عليها, هي ليس سوى عتبة جديدة لحياتنا و يكفي لممارستها بحدود ومحاولة فهمها كما يجب.
تسألني بعض طالباتي عما إذا كنت أدرك كل شيء عن اللغة الإنجليزية فأنفي ذلك طبعا, عندئذ تستفسرن كيف أنسجم إذا مع الكلمات ومعانيها, قد يراني البعض
منتشية معها فيظن إني عالمة بكل ما يخص اللغة, فأنا أتخيل المعنى بإحساسي وخيالي والحرية الفكرية تلعب الدور الكبير في صياغة الألفاظ قبل معانيها, وهنا تصل الكلمات لروح الطالبة قبل عقلها وتلامس إحساسها, المشكلة ليست في اللغة ولا في الطالبات أو المعلمة, المشكلة تكمن فينا نحن جميعا ما زلنا ندرك لا حرية لنا فيما لا نملك فنشعر بعدم حريتنا تجاه اللغة وبأننا الأضعف مستوى فيها.
لقد قرأت مرة عن جون لوك قائلا: إن الحرية هي القدرة والطاقة اللتان يوظفهما الإنسان لأجل القيام بعمل معين أو تركه, وقرأت مقولة أيضا عن كانت: الحرية عبارة عن استقلال الإنسان عن أي شيء إلا عن القانون الأخلاقي,حيث حرية الشخص في اختياره لنوع الحياة التي يحبها, وحتى حريته الأخلاقية يعني رغبته أن يكون طيبا بعكس الإنسان الوضيع الغير محترم, يعطي نفسه حرية تامة برفض كل القيود والقيم الأخلاقية , ولا أحد في مقدوره أن يدرك ما تستطيع الحرية أن تفعل إذا تجاوزنا الحدود معها, فنحن في مجتمع رهن الكثير من القيود والأعراف والتقاليد, ولكن لماذا نقيد حريتنا بالكبت والوجع؟حتى مشاعرنا وأفكارنا نقيدها ونكبلها بالقيود لجهلنا بماهيتها, يجب أن ندرك معناها الحقيقي وهي مسؤولية كبيرة علينا أن نكون أهلا لحملها.
عجبا من البعض يعشقون مصادرة حرية الآخرين دون تفسير! يكاد يخنقني هذا التصرف من الداخل, وكم يزعجني من يقيم سلوكنا وشخصياتنا وعلاقاتنا بديننا لوجهة نظر معينة أو مقالا ما, علينا ألا نتخذ الحرية منهجا مقرونا بالتمرد.
تثاءبت وشعرت برغبة ملحة في النوم وتركت القلم وعقارب ساعتي تعلن الثالثة فجرا, لا أريد أن أبقى أكثر و لن أصدق إنني أضع ساعتي في معصمي لأني أعتقد وما أكثر اعتقاداتي, إن لبس الساعة تعيق حريتي وتلزمني بأسلوب تقني يقيدني , أعتبر ذلك إحدى حرياتي الشخصية, التي أقسم إنها غير مشوهه بالنسبة لي فالحرية الصادقة في حياتنا تزداد صدقا كلما عرفناها أكثر, تجعلنا أكثر أحرارا مما كنا, يا إله الكون ويا الله العجب وقد ولدتنا أمهاتنا أحرار !