المدرسة العالية الأداء التي تقوم على عمل الفريق هي المدرسة التعاونية. وينشأ الهيكل التعاوني عندما ينسق الأفراد، بين جهودهم لتحقيق أهداف مشتركة. (ديفيد جونسون، روجر جونسون ص 2: 32).
قيادة المدرسة التعاونية
مدارس الظهران الأهلية.
كان بيننا سر خبأناه لمدة 15 عامًا، اليوم وقد رحل عنا، قررت الحديث عنه. لقد ودعنا قبل أيام المعلم الفاضل السيد طاهر آل درويش (أبو رضا) رحمة الله عليه.
الذكريات مع المرحوم أبو رضا كثيرة، فهو رجل صقلته التجارب الحياتية، فأصبح يتعامل مع شتى تفاصيل الحياة بلين وحكمة.
لقد جمعني العمل مع السيد طاهر في نادي سعد بن عبادة الصيفي لعدة سنوات، فكان السيد هو المحرك الواقعي للنادي، إضافة إلى أنه يعمل معلمًا في نفس المدرسة. وجمعتني مع المرحوم السيد أبو رضا، بعض الرحلات إلى المدينة المنورة، فكان حسن المعشر، ومؤنسًا، وكريمًا.
لا أود أيضًا الحديث عن الخدمات الخيرية التي قدمها السيد للجمعيات الخيرية. ما أود تسليط الضوء عليه، هو ذلك الأمر الذي طويناه، وضممناه إلى أجل غير مسمى كبقية الأشياء الأخرى.
بدأت الفكرة بسيطة جدًا. الوقت كان في العام 1427/ 1428هـ.. لقد بادر السيد بعمل دفتر، نجمع فيه أسماء وصور المعلمين، وتخصصاتهم، مبتدئين بمنطقتي سنابس وتاروت في جزيرة تاروت والمناطق المجاورة لها، ومع التداول مع بعض التربويين في المنطقة. فاختلفت الآراء فمن المعلمين من رأى اقتصار جمع الأسماء على منطقة سنابس وتاروت، والاقتصار عليها، بينما وسعها البعض الآخر حتى تشمل أسماء المعلمين في المملكة العربية السعودية.
رتبنا مجموعة من اللقاءات المتتالية في مكتب الفنان الأستاذ عبد العظيم الضامن.. والجلسة تتكون بشكل رئيسي من كل من (السيد طاهر درويش، وجعفر العيد، وعبد العظيم الضامن، إضافة إلى بعض المعلمات لا أتذكر أسماءهن).
أنضجنا الأفكار وتوصلنا مع بعض إلى العمل على تكوين جمعية المعلمين السعوديين. وبدأنا نقرأ عن الموضوع، ونتناقش فيه.
أهداف الجمعية تتمثل في:
1/ العمل على توطيد العلاقات بين المعلمين في المملكة.
2/ توثيق التعاون العلمي والثقافي الفني والتربوي مع المعلمين في البلاد العربية والصديقة، وبلورة آراء المعلمين وتوحيد موقفهم من القضايا التربوية المختلفة وتبنيها أمام الجهات المعنية، والعناية بالمصالح المشتركة للأعضاء وتمثيلهم لدى الجهات المختصة.
3/العمل على رفع مستواهم العلمي والاجتماعي، بالإضافة إلى وضع وتنفيذ واقتراح البرامج الداعية لزيادة كفاءات المعلمين في الإمارات، وتشجيع الأبحاث الاجتماعية والعلمية سعيًا لتنمية الكفاءات وتسهيل تبادل المعلومات والخبرات التربوية والاجتماعية والثقافية والعلمية بين المعلمين أنفسهم، وكذلك مع الجهات المعنية في البلاد العربية والصديقة.
4/ تنظيم الأنشطة في مختلف النواحي الثقافية والتربوية، وتلبية الميول والاهتمامات المختلفة للمعلمين.
إصدار مجلة تعني بالقضايا التربوية، إلى جانب إبراز اسم المملكة العربية السعودية في المؤتمرات والمحافل التربوية على كافة المستويات بالصورة المشرفة والسعي لكسب التأييد للقضايا التي تهمها، والعمل على دعم مسيرة التعليم، بالتعاون مع الجهات المعنية، وتشجيع الجهود الأهلية الرامية لتحقيق ذلك، وإبراز دور المجتمع بفئاته المختلفة في إنضاج العملية التعليمية التربوية.
• كم كانت فرحتهم كبيرة؟
بعد نقاشات مستفيضة توصلنا إلى أننا يجب أن نناقش هذا الموضوع مع الناس الذين خاضوا التجربة فقررنا الذهاب إلى إخواننا وزملائنا في جمعية المعلمين البحرينيين. وأعتقد أن أحدنا كان لديه معرفة بأحد أعضائها، بشكل عام جمعية المعلمين البحرينية لهم مقر، وهم جمعية رسمية، وتتلقى دعمًا مناسبًا من قبل حكومة البحرين.
وبالفعل سافرنا إلى مملكة البحرين، والتقينا بأعضاء الجمعية، وكانوا جدًا لطفاء معنا، ورحبوا بنا.. طرحنا هواجسنا الأولية، والتي كنا غير عارفين فيها
كانت الأسئلة الحائرة لدينا، هي: من أين نبدأ خطواتنا الأولى؟ ما هي شروط العضوية؟ من الذي يحق له الدخول؟ وما ظروف الخطاب الأول؟
لقد أزالوا الحواجز بيننا، بل لم يكن هناك حواجز، احتضنونا بدفء، واعتبروا أن هذه الهواجس حقيقية، وأجابوها وفق خبرتهم، وأبدوا استعدادهم التام لتلبية الدعوة لحضور الاجتماع الأول وانتخاب أعضاء ممثلي المعلمين في الجمعية.
وأتذكر أننا سجلنا جميع هذه التفاصيل، وكيفية دعوة المعلمين للاجتماع، وتكوين اللجنة التأسيسية في الاجتماع الأول لتمثيل جميع المعلمين.
وهنا وهو الأهم في الموضوع؛ ينبغي استبعاد المدراء والوكلاء عن تمثيل المعلمين. فقد تتناقض مع مصالح المعلمين.
أما عن المشاعر فحدث ولا حرج، أشعرونا بضرورة هذه الخطوة في المملكة العربية السعودية، وكانوا فرحين جدًا، وشعرنا أن لهم اتصالات بجمعية المعلمين الكويتية، وجمعية المعلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي اجتماع آخر ارتقينا بالنقاش عن الأفكار والطموحات التي لديهم، وأن تكوين جمعية المعلمين في المملكة العربية السعودية، وانضمامها إلى أخواتها في مجلس التعاون الخليجي إضافة مهمة.
كانت أحلامهم جميلة، ولم نكن قادرين على مواكبتها، ونحن مربكون في الخطوة الأولى، ولم يمنعنا ذلك من الاستماع لهم وهم يتحدثون عن الآمال (وبالنسبة لنا كنا نراها أحلامًا) من أفكارهم الجميلة ضم جهود هذه الجمعيات وتنظيم عملها في خدمة التعليم وقضايا المعلمين في هذه الدول (دول مجلس التعاون الخليجي).
تكوين رابطة يكون من أهدافها دعم قضايا المعلمين في دول المجلس والدفاع عن حقوقهم ومتابعتها والعمل على تأمين مستوى معيشي لائق وكريم يتناسب مع شرف مهنة المعلمين ورسالتهم، وتجميع جهود هذه الجمعيات وتوجيهها نحو خدمة العمل التربوي والارتقاء به وتوحيد مساراته في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إضافة إلى رفع شأن مهنة التعليم والنهوض بمستواها وقواعد تنظيمها ومزاولتها في الدول الأعضاء، ودراسة الموضوعات والقضايا التربوية ذات الطابع المشترك، وتبادل الخبرات في مختلف مجالات العمل التربوي، بما يوحد الرؤية التربوية بين الأعضاء، بجانب تعزيز العلاقات بين المعلمين في دول مجلس التعاون والعمل على رفع مستوياتهم المهنية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية وتقوية أواصر الأخوية والزمالة بينهم.
ومن أهداف الرابطة أيضًا وضع آليات ومعايير لاختيار المعلمين وتدريبهم قبل الخدمة في مختلف التخصصات، ووضع نظم لاستمرار تدريبهم وتأهيلهم أثناء الخدمة بما يضمن تحقيق النمو المهني والعلمي للمعلم ويكفل ارتقاء مستوى أدائهم ومواكبة التطور العلمي والتربوي، إلى جانب تأسيس مراكز تدريبية وتأهيلية للمعلمين في الدول الأعضاء إضافة إلى وضع دستور أخلاقي لمهنة المعلم.
• عندما ركنا أهدافنا جانبا!
عندما أنبش ذاكرتي، وأصل إلى هذا المكان من التفكير، يصيبني الشلل الفكري.
السؤال؛ كنا متحمسين جدًا، وذاهبين إلى أبعد حد، وكان معنا من يساندنا من أخواتنا المعلمات، والجو التربوي كان فيه الكثير من المنغصات لا مجال لذكرها.
لماذا ركنا هذه الأوراق، وتخلينا عن هذا الهدف؟ عصرت دماغي لم أتوصل إلى شيء إلا مجموعة تخمينات، سأذكرها لاحقًا. وبعد وفاة السيد أبو رضا، وانتهاء فاتحته -رحمة الله عليه-، تواصلت مع الصديق والزميل والأخ عبد العظيم الضامن، وكان مشغولًا ومسافرًا، ولم أشأ التفرد، بالحديث عن هذا الموضوع بشكل منفرد. فأنعشت ذاكرته، وتذكر الموضوع، وذكر لي بعض أسماء الزملاء في جمعية المعلمين البحرينية.
أما لماذا تركنا الجسر وغادرنا مواقعنا ومسحنا أحلامنا؟ ولماذا نحن -أتحدث عن نفسي، وأخي عبد العظيم الضامن- يصيبنا الصمم أو الشلل عن سبب تخلينا عن طموح تكوين جمعية المعلمين السعودية؟
1/ قد نكون قدمنا أو استشفينا الرأي في إدارة التعليم، فجوبهنا بالرفض.
2/ أو أن أحدنا سرب الخبر إلى أحد المدراء والوكلاء، وسرعان ما صعدها للمستويات الإدارية العليا. وهذه بدورها أرسلت تهديدًا مبطنًا، أو صريحًا.
3/ لم تكن الأجواء إيجابية، على صعيد إدارة التعليم.
4/ لم يكن الجو في ذلك الوقت مواتيًا لعمل الجمعيات للمعلمين، أو لغيرها.
5/ ويبدو لي أن جمعية المعلمين السعوديين صدرت في منطقة الرياض، دون الحديث عن ظروف نشوئها، فشعرنا أن وزارة التربية والتعليم، تميل ناحية تكوين جمعية معلمين رسمية، أكثر منها شعبية.
جمدنا أوراقنا، وعملنا في هذا الخصوص، وتركنا الأوراق عند السيد ولا نعرف ما إذا واصل السيد في الموضوع أو توقف.
أتوقع أن هذه الأيام، المملكة أكثر قبولًا لجمعيات المعلمين من أي وقت آخر.
لتأخذ أجيال المعلمين المحترمين الحاليين زمام المبادرة، هذا حق من حقوقهم.
والله الموفق.