القلوب كتبٌ مغلقة 

كثير منا يمر بأمور مختلفة بحياته، أمور تجعله يحب أن يعيش الحياة، وأمور أخرى تجعل اليأس رفيقًا له بالحياة ولكن. لما اليأس يعترينا ويسكن نفوسنا، حينما نخسر جولة في رحلة حياتنا لما لا ننهض وبعزيمة ونقول لأنفسنا لن ننهزم ثانية.

فليس كل إنسان يفهم اللغة التي كتبت بها. صنف واحد فقط من البشر يستطيع ذلك. هم أولئك الذين يرون الناس بإحساسهم لا بعيونهم. فيعرفون ما بداخلهم من قبل أن تنطقه شفاههم. فالبحر واحد ولكن السمك ألوان. كذلك نهر الحياة واحد ولكن البشر ألوان. فهناك بشر يخففون مرارة الحياة. هم كالورود وهل تملك الورود أن تحبس عطورها عن الناس؟ وهناك بشر كأشجار مثمرة. يسعدها أن يتهافت الناس على قطف ثمارها والاستمتاع بظلالها.

لا تتحدث وتخبرني أنك تحبني، تصرف لكي أعلم أنك تحبني فالحب أفعال وليس أقوال. الحب أعمى والمحبون لا يرون الحماقة التي يمارسونها.

غريب أمر ذاك الحب
قلب ينادي قلبًا
وقلب يتجاهل ذاك القلب
وقلب تعود على الجفاء
وقلب أحب بصدق ووفاء
وقلب أماته الخداع
وقلب هوى وعشق وفي الحياة ضاع
وقلب عاش ومات على الوفا
آه من قسوة القلوب
وآه من الأشواق عندما نعشق وفي الحب نذوب
وآه من هوى سكن القلوب
ولا نقدر نتوب

الحب بطبعه عنيد، يقرب البعيد ويبعد القريب، ويحرقنا شوقاً لمن نريد أن نراه، ويجعلنا نتعثر فيمن لا هوى فيه.

الحب هذا الزائر العنيد يقف بعتبات من يخشى الوقوع فيه، ويهرب بعيدًا عمن يبحث عنه.

الحب بطبعه مشاكس، عاتٍ، عاصٍ، يأبي الانصياع، يسيرنا على هواه، ونحن أبرياء لا نقوي على العصيان فيغلبنا هواه.

كيف نستطيع التخلي عن التعلُق بالأشياء؟!
لا تحاول ذلك، فالأمر مُستحيل، التعلُق بالأشياء والشغف بها ينتهي تدريجياً عندما نشعُر فقط أنها أصبحت لا تنُاسبنا بعد الآن.

فقلوبنا كتب مغلقة مليئة بالأسرار، فلا يخفى على الجميع أن حب الوالدين لأولادهما هو حب فطري بينما حب الأولاد لوالديهم حب عملي يكتسب من تعامل الوالدين مع أولادهما فالملاحظ؛ هناك من يعتقد أن حب الأبناء لوالديهم فطري وهذا خطأ، شاهدوا كيف يتعلق الطفل بالخادمة وكيف يكون مرتبطًا بها أكثر من والديه في أحيان كثيرة! لماذا؟ لأنه يشعر أنها هي التي تحتويه، نعم الطفل يلتقط الأشياء ويكتسبها كيف لا نعيد النظر في تعاملنا مع أبنائنا ونحسن التعامل معهم حتى نستطيع كسب حبهم واحترامهم لنا، بدلًا من المصادمات أو التعنيف الذي يواجهه البعض منهم من بعض الوالدين وبالأخص في فترة المراهقة التي غالبًا ما يكون الشاب أو الفتاة ضحية لتعامل الأب أو الأم غير المنطقي في حالات كثيرة، مما يجعله يخرج للبحث عن الأمان ويجد العكس يقع في مستنقعات وأنفاق لا تخفى على الكثير منا. فسبحان من أودع الحب والحنان والبر والرحمة وكل معاني الإنسانية الجميلة، بين الوالدين والأبناء، وبين الأبناء والوالدين.

مسكين أيها القلب ماذا تتحمل؟ لذا كثر موت السكتة القلبية انكتم القلب وهو مغلق على نفسه فسكت وارتاح، لذا أوجه دعوة: لا للتكتم أطلق عنان قلبك وعش الحياة بحلوها ومرها.

الله منحنا الحب فلما نجعل الكره يسيطر على قلوبنا، واليأس يسيطر على عقولنا فالحياة جميلة ولابد لنا أن نتعلم كيف نعيش بها، وكيف نتعامل مع الغير من دون أن نتكبر أو نضع أنفسنا في برج عال، ونرى الناس من فوق، فالله لا يحب المتكبر فالإنسان لابد أن يعلم كيف يعيش حياته فالحياة لن تدوم طويلًا فهناك أشياء لابد للإنسان أن يدركها ويدرك أنها لن تدوم طويلًا بحياته فشبابه وقوته التي يتباهى بها اليوم، غدًا سيفقدهم حتمًا.

فالحياة دائمًا هكذا تعطيك ولكنها سرعان ما تأخذ منك، تمنحك السعادة وسرعان ما تجعلك تبكي فلنأخذ حذرنا ونتعلم من أخطائنا وندرك أن الحياة لن تدوم لنا.



error: المحتوي محمي