من قال ان من يفتقد شيئاً لا يمكنه أن يهبه للآخرين وبسخاء ؟
وفاقد الشىء يُعطيه لكل من يحب و كل من يعرف و احياناً لمن لا يعرف بمحبة و سعادة ..يعطي ببذخ و كرم متناهي لأنه يشعر كم أن فقدانه مؤلم لمن يحتاجه .
و لأن من جرب افتقاد شيء أراده هو بالتأكيد أدرى الناس بمرارة فقدانه و لوعة الأمنية حين تولد من قسوة الفقد و لوعة الاحتياج.
ليس أجمل من أولئك الذين ينتظرون الضيف على قارعة الطريق يجلسون على عتبات منازل ربما تكون خيمة لا تحمي من حر أو قر أو بيت شعبي تهالك من تقادمه روحاً من الزمن ، و ليس لديهم سوى ما يسد الرمق و يهدئ البطون الخاوية و يعين على مواصلة الرحيل فيؤثرون ضيفهم على أنفسهم و يغدقون عليه من جميل أخلاقهم و حلو حديثهم بوجوه مشرقة ببشرها فيتلاشى كل تعب ذلك الضيف المسافر و ينسى كل وعثاء السفر التي كان يعاني منها
ذلك هو الاستعداد للبذل العطاء و ان كان بلا وفرة .يكفي انه يسد حدود الكفاية و يغني عن السؤال
و ما أروع ذلك اليتيم الفقير الذي جمع أطفالاً مشردين يفتقدون حتى الهوية قد انساهم بؤس الحياة و فقدان المأوى أسرهم و اسماء آبائهم فيكون ذلك الصدر الحنون لهم و الحضن الدافئ الذي يجمعهم في أسرة واحدة فتشرق أحلامهم من جديد و تتألق أمنيات الحياة في أعينهم و تزهر ورود الإبداع بين جنبات حياتهم .
ذلك الكافل لهم قد فقد كثير مما فقدوا و لكنه أعطاهم أضعاف ما افتقد .
من فضلكم توقفوا عن قول فاقد الشيئ لا يعطيه فأنتم لم تروا صوراً جميلة من الحياة الإنسانية تدحض هذا القول و تبطله
أجمل العطاء هو الذي يأتي بمبادرة محبة و برغبة أكيدة في المشاركة الوجدانية و الاحساس بالآخر و بثقة عالية أن ما تهبه للآخر أياً كان نوعه يرتد إليك مماثلاً في النوع و مضاعفا في القيمة المعنوية ..ذلك هو سحر العطاء.
صباحكم سعادة العطاء و جمال التراحم و سحر المحبة الصادقة