ميرزا الحسن .. وداعًا يا صاحب الابتسامة

يتقاطع بنا الزمن، وتنهكنا الأيام، بأخبار مفجعة هنا وهناك، والأشد إيلامًا حين نفقد عزيزًا، ويغادرنا بصمت.

عصر هذا اليوم الطقس لا يطاق، انعدام رؤية ترهق الأنفاس، غبار خانق، الجو مكفهر، والمزاج مخنوق، زاد الأمر قتامة، ووحشة بتوالي الأخبار عن رحيل زميلنا ميرزا الحسن.

آه يا هادم اللذات يا مفرق الأحباب، ارتجاف ألم وأوجاع قلم مرتبك في يوم رحيلك أيها الزميل العزيز، ماذا أتلو، وماذا أقول، وأي المواقف أستحضرها لصحبة جمعتنا معًا في رحاب المدرسة الابتدائية بالربيعية، على مدى عشر سنوات، جمعتْ معلمين من أخيار البلد، تقاسمنا معًا الحصص والزاد، وتبادلنا المعرفة، والنكات.

كم تخرّج على يديك من طلاب، قدر لك أن تعلم ثلاثة أجيال في نفس المكان، أبلغتنا بأنك درّست جيلًا ثم أولادهم، وأدركت الأحفاد قبل أن تتقاعد ببضع سنين، حظ لم يُتَح إلا للقليل، ربما بعض أجيالك من دفعات معهد المعلمين، وشهادة نطق بها أحد طلابك الذين أصبحوا معلمين فقد أشار إلى ذلك يوم حفل تكريمك قبل ثلاثة عشر عامًا.

أيها المدرس اللطيف كنت تعرف ألقاب الطلاب الجدد دون أن يخبروك بشيء، ونسألك كيف عرفت ذلك؟ وتجيبنا بابتسامة “دمه يشبه أبوه وجده”.

يا صاحب النفس الكبيرة، تواضعك جم دون كلفة ولا تصنُّع، كنت قريبًا من الصغير والكبير، مع الطالب، ورجل الشارع، ولاعبي الحواري، تقاعدت، ولعبة كرة القدم لم تتخلَّ عنها، كل صحبك ودعوها منذ زمن إلا أنت اتخذتها تسلية، وحشر مع الناس، تمريراتك مارستها بين أقدام أجيال مختلفة، ولم تتحرج من أحد، لأن قلبك كان يسع الجميع.

أنت لاعب مخضرم، شاهد على عصر انبثاق نور سنابس، وانطفاء منار تاروت سنة 1970م، منذ ذلك التاريخ برزت لاعبًا في خط الوسط سايرت كوكبة العصر الذهبي لنادي النور، لوجودك ثقل، حركاتك مدروسة، توزيعاتك متقنة، تذكرني باللاعب الكويتي فاروق إبراهيم، تمثلت حتى في طريقة لبس قميصه، لم تمنعك بنيتك الضعيفة من السرعة والاستحواذ على الكرة، مراوغاتك رشيقة بين الزحام، تصليحاتك مكّنت المهاجمين من إحراز أهداف وأهداف، لم تعرف طريقًا لإيذاء أي أحد سواء في الملعب أو خارجه، مسالمًا مع الكل، متصالحًا مع الجميع، دربت فرقة النور برهة من الزمن، فخدمت النادي لاعبًا ومدربًا.

لأحاديثك طلاوة، سردك لا يمل عن قصص وحكايات، كنت تتحسس الكلمة الأدبية، وترتجل المايك دون لحن في الكلام.

يا أبا مجدي، كنا نناديك توددًا يا أبا المجد؛ لأنك كنت مجدًا في دنيا الأصحاب، والأحباب،
أيها الزميل، والصديق، أيها المربي الفاضل، صورك ألبوم عشق لأيام خلت مليئة بالذكريات العذبة، واللحظات السعيدة، تحايا، وسلام على روحك السمحة المتسامحة؛ فوجهك مرايا ابتسام، انعكاس لجمالك روحك .

وداعًا يا أبا المجد، نم قرير العين؛ فالمحبون لك كثيرون.

عزائي لأسرتك الكريمة، وجميع أقاربك، وأنسابك، ومعارفك، وكل منسوبي مدرسة الربيعية الابتدائية وأعضاء نادي النور، وجميع طلابك بما فيهم أولادي وأولاد الزملاء، عظم الله أجوركم جميعًا.

وداعًا ايها البشوش؛ فصدى ضحكتك تؤنس وحشة أيامنا الحالكة، ذكراك طيبة عبقة في نفوسنا.

رحمك الله يا أبا المجد رحمة واسعة، وحشرك الله مع محمد وآل محمد الطيبين الأطهار.



error: المحتوي محمي