بين أروقة «جدل أم الحمام».. حليمة بن درويش تُفصّل ليالي عاشوراء في «يُبصرونك في الأفق»

دشَّنت الكاتبة حليمة كاظم بن درويش إصدارها الثاني تحت عنوان “يبصرونك في الأفق”، بمكتبة جدل بأم الحمام، مساء الأربعاء 2 مارس 2022م، بحُضور نُخبة من المُهتمين بالشَّأن الأدبي والثقافي، والتوستماسترز، بالإضافة إلى عدد من الإعلاميين، كان منهم: الشَّاعر عقيل المسكين، والسَّيد فاضل الشعلة، والكاتب حسن ال حمادة، والناقد والكاتب محمد الحميدي، ومحمد عيسى، والقاص حسين السَّنونة، والشَّاعر حسين آل عمار، الشَّاعر محمد أبو عبد الله، والشَّاعرة رباب آل إسماعيل، والكاتبة إيمان البناي، مبارك الميلاد، وعبد الودود الزيداني، وحميدة بن درويش وهناء آل صباح، ومصمم ومخرج الكتاب، الكاتب بشير البحراني.

وجاء حفل التَّدشين، ومقدمه الشَّاعر علي مكي الشَّيخ، حاملًا مُفاجأة لم تكُن بحُسبان الكاتبة “بن درويش”، أو تتخيلها، حيث أبصرت طيف والدتها يقترب مشاركةً لها الحفل.

حكت “بن رويش”: لم يخطر في بالي أنَّ أمي ستحتضن ابنتها في الحفل الثاني، ولم أتوقع حُضورها بحكم أنَّ التوبي فيها فاتحة الشاب العمير، وهو من الأهل وأعز الجيران، بالإضافة أنَّ مكان التَّدشين له خصوصيته، بكونه في مكتبة ثقافية معرفية، وليس مكانًا عامًا، كالتَّدشين الأول، وتعرف بأنَّ العدد محدود.

وعبرت من خلال «القطيف اليوم» عن الشُّعور، الذي انتابها، وهي تبصر تقدم والدتها السيدة نجيبة العلوي، لتُعانقها في الحفل، وعن ارتعاشة قلبها، وذكريات طُفولتها، وتجليات دعاء والدتها والاستجابة، لتبعث كلماتها إلى أمها، مُستحضرة ذهنها في الحفل وتبُوح: ذاكرة الحُب أسكنتني إياكِ مُنذ ركضت نحوكِ أمي، تصُّب في حضرتك كلّ تفاصيل الدعاء، ترفض أن تُشكلها صنائع الشَّك، ولو للحظة تتماهى في حسرة الغُربة، وبُعد الأهل والوطن.

وأضافت: تقف عندك شامخة، وداخلها يقين لا يتزعزع، أن هبني طمأنينتك واثقة بأنَّ تلك الطفلة، التي تتأرجح بين حياة وموت، تفصلها عن العودة تمتمات الدعاء، أن امسح بيدك الحانية يا عطر السَّماء..، لم يكن اسمها مُرتبطًا بك في لوح القدر إلا مشيئة تُغرقها بالنّعم..، و كم هي ثمينة تلك اللّحظات، التي طافت بها الأمنيات حولك مُلبية، وعلى كف الرجاء كانت أمي تُغرق في عالمك وحدك وأنا..، أنا التي أُسكنت في فضاء التلبيات روحي، لعلي أحظى بحنانك في كلّ مرة أقف على أعتابك.. .

وذكرت بن درويش، أنَّ بوحها في إصدارها الثاني الذي جاء في 104 صفحة من الحجم المُتوسط، الصادر عن دار دراية للنَّشر والتوزيع، عبارة عن خواطر أدبية في تفاصيل ليالي عاشوراء، حيث لكلّ ليلة في كربلاء حديثها الوجدانيُّ الخاص بها.

وأشارت أن حكاية الإصدار، بدأت مُنذ عام 1443هـ حين شاركتْ بكتابة مُقدمات اللّيالي العاشورائية، التي تُلقى قبل أن يرتقي الخطيب المنبر في مسجد الرسول الأعظم “ص”، واستمر ذلك في السَّنوات التي تلتها، مُضيفة: هكذا الحال في كلّ مُحرم، وكلّ لحظة يُذكر فيها اسم الحسين “ع”.

وقالت: من هُنا، بدأت حكاية العشق، فنحن أحببناه وعشقناه صغارًا قبل أن نفهم القضية الإصلاحية الإنسانية، والعالمية التي خرج لأجلها مجاهدًا، ومن خلال “يُبصرونك في الأفق”، أدينُ لوالدي.

وأفادت أنَّ العنوان، يحمل في طياته المعنى، الذي يناسب الواقعة، لافتة أنَّه كان الاختيار الأصعب بالنسبة لها؛ لأنَّ الكتابة في الحسين “ع”، ليست أمرًا عاديًا؛ فالهيبة حاضرة في كلّ مرة يُتحدث عنه رغم حنانه المُفرط؛ لذلك كان اختيار العنوان إشارة إلى حبه، ومعرفته بإدراك البصيرة العاشقة المُطمئنة، وليس ببصر العاطفة فقط.

دلالية اللّغة

وقدَّم النَّاقد فريد النمر قراءة نقدية، عنونها بـ”يُبصرونك في الأفق”، انتقل من خلالها مع الحُضور إلى عمق النُّصوص، والأشياء التي تكتنزها…

وأوضح النمر، أنَّ الكتاب أسلوبي أدبي، يمزج بين الخطابية السَّاردة، وبين اللّغة في تصويرها القُرآني، والمأثور من دعاء، وكلمات حول القضية العاشورائية المُتمحورة حول شُخوصها المقتسمين الليالي العشر حتى الأربعين عبر أحاديثها المتعددة في عناوينها المتكئة على بلاغة اللغة، وفداحة المُصاب، وتراجيدية المواقف.

وأردف: إنَّ الكاتبة، تسبر حليمة أغوار هذه اللّحظات موج المُصاب بروح الناصر، الذي يدرع صوته، وقلبه، وأهله فداء للحسين “ع”، المظلوم، مُستدعية في كلّ لفتة استدعاءاتها الخاصة، ومشاهداتها، التي تفضي لتأسيس خطاب لغوي، يمزج بين أدبية اللّغة، ومكنونات الخطاب في التوسل بالألفاظ الدلالية، والمدوية في نفس الوقت، التي تلح من خيمة الحدث لا مُخيلته، ومن تاريخه المروي، والانتمائي لا مظهره العام.

وبيَّن أنَّ “بن درويش” مُنشغلة بالبعث الحسي، كظاهرة كتابية، تنطلق من عنصري الرؤيا، والتأويل والسَّرد، التجديد لمتن كتابي، يرسم هندسة الكلمات، وتناصها القُرآني، والمأثور عبر نداءات الإمام الحسين “ع”، المُجدد لبوصلة الحياة نحو الطهر، والعدل المُطلق.

وقال: نجد الكاتبة اعتمدت على أثر التَّصوير، والنّداءات لمشاعرها الداخلية، التي نصبتها خيمة تدير فيها أحاديثها القلبية، والفكرية، مُوضحًا أنَّ هذا التمثل في طبيعة الفعل اللّغوي، والانفعال الشُّعوري لتصوير الفكرة، من بعدها التقريري، والتعليلي، هو بوح عالي الجُرعة مُختلف اللّغة، ومدركة بهذا أنَّها تُجسد الواقع المُحتمل منه.

وتخلل حفل التَّدشين إلقاء الكاتبة بعضًا من نصوص كتابها؛ ليزدهر الحفُل بتَّأملات ليالي عاشُوراء؛ وبعدها يُوقع الإصدار، فَتفاجأ الكاتبة بقدوم السَّيد عباس الشَّبركة، بعد وصوله الوطن قادمًا من مسقط، ولم ينفض عنه غبار السَّفر، مقدمًا لها درعًا تذكاريّا من دار دراية للنَّشر والتوزيع، تعبيرًا عن تقدير الدار، لكلّ ما ينتمي إلى اليراع والفكر.

وأهدت عبر «القطيف اليوم» باقة ورد، طرزتها بكلمات الشُّكر والامتنان، قائلة: لكلّ من دعم وساند من قريب أو بعيد، من غمرني بلطفه ورأيه ونُصحه، وتقييمه، ونقده، لكم مني خالص الشُّكر والتقدير والثناء والامتنان، لأمي، وزوجي، وعائلتي الصغيرة، كذلك عائلتي الكبيرة المُمتدة بالأحبة، والأصدقاء، ودائرة الأحبة، التي تُحيط بي، ولمن حضر من الصديقات، ومن اعتذر عن الحُضور لظروفه، لكنَّه حاضر بروحه، مُمتنة لكم جميعًا ولمُساندتكم.


حليمة كاظم بن درويش، من بلدة التوبي بمحافظة القطيف، باحث تنمية اجتماعية، ورئيسة نادي ميسان توستماسترز، كاتبة وإعلامية وناشطة اجتماعية..، صدر لها “عاريةٌ إلا منك”، عن دار مركز الأدب العربي.




error: المحتوي محمي