
قبل عام 2019 م في داخلِ قنينة عطرهِ اختبأت حكاية إلهام، ونجاح لم يكن يعرف تفاصيلها في ذلك الحين؛ فنفحاتهُ العطرية المنعشة كانت تجبر الكثيرين ممن يلتقيهم بكل لطفٍ، ولهفة على سؤالهِ عن عطرهِ الخاص الذي داعبَ أنوفهم، ورغم أن أسامة الحر الدبيسي لم يكن عالمًا في تركيبات العطور ولا حتى بائعًا لها، إلا أنه حين يعزِف أيُّ عطرٍ لحنهُ عند أنفهِ سيعرف حتمًا إيقاعهُ ولأيّ ناحيةٍ ينتمي.
كان أكثر ما يميّز الدبيسي انتقائهِ للغتهِ الصامتة المتمثلة بعطرهِ الخاص بشخصيتهِ، وتكرار سؤال من حولهِ عن ذلك العطر ومكوناته، فكانت تلك الاستفسارات التذكرة التي أطلقت رحلة “dubaisi perfumes” في عالم العطور؛ ليصبح براندًا سعوديًا مختصًا في صناعة، وعالم العطور منذ عام 2019م.
من هنا الحكاية
بدأت قصة الدبيسي مع العطور بدأت بفكرة استهوته منذُ عام 2018 م، وفي بداية عام 2019 م بدأ مشواره في عالم العطور بعد أن حركته أسئلة الجميع له أينما ذهب عن اسم عطره، أو مكوناته، ومكان بيعه، ومن هنا ولدت الفكرة.
يقول: رغم أن عملي في استخراج النفط في”الرقوق” لا علاقة له بعالم العطر، إلا أنني قررت طرق هذا الباب، وبدأت بالبحث عن الزيوت، وأسماء الشركات، وكيف يمكنني التسجيل في هيئة الغداء والدواء، ولأصدقكم القول فقد كان المشوار صعبًا في البداية بحكم عدم معرفة الجميع عن مصادر العطور والشركات، ولكنّ الشبكة العنكبوتية جعلت كل شيء مُيسرًا ولله الحمد، فخرج مشروعي للنور وأصبحت خطوتي الأولى خطوات ممتدة، وتوسعتُ فيه بفضل الله.
وأضاف: من أكثر الأمور التي تلفت النظر للإنسان دون كلام أو ردود أفعال هي رائحة عطرية تدخل إلى أعماق الروح، فتبعث فيها خليطًا من مشاعر مختلفة تبدأ بأمر وتنتهي بآخر.
زيادة طلب
اتّخذ الدبيسي قرارهُ الأكيد بالبدء في حلمهِ الجديد، فبحث في الشركات؛ لتسجيل عطورهِ بشكلٍ نظامي، وجعلَ من وسائل التواصل الاجتماعي مروّجهُ الصدوق، فعمل له صفحات خاصة على الفيس بوك، والانستقرام، والسناب شات خاصة بالعطور، واستخرج لهُ رقمًا خاصًا للعمل.
اشتهر بعد ذلك في حدود منطقتهِ، وأصبح معروفًا لدى الجميع، فبدأت المبيعات تكثرُ وتتزايد، حتى اقترح عليهِ أحدهم عرض عطورهِ في محله الخاص مع براندات كبيرة، وبالفعل تمّ ذلك، وأصبحت عطوره حصرية في ذلك المحل، ولكن مع زيادة الطلبات قرر الدبيسي أن يفتح متجره الخاص أون لاين؛ لتغطية جميع مناطق المملكة، فاكتسب شهرة، وثقة وأصبح يشحن لجميع مدن المملكة؛ ومنها جدة، والرياض، وغيرها.
لوجو خاص
أطلق الدبيسي مشروعهُ باسمهِ الشخصي”أسامة الدبيسي” لكنّ تطوّر المشروع ألجأهُ لاعتماد تصميم لوجو خاص بهِ، وتمّ تغييرهُ كليًا في عام 2022م؛ ليظهر مجهودهُ بالصورة التي ترضيه وتشرّفه.
وسام
ويعمد ابن السنابس لإطلاق أسماء أفراد عائلته على عطوره، وقد كان عطر وسام هو الأول في مجموعته اللاحقة التي ضمت ستة عطور مختلفة تناسب الذائقة المختلفة للزبائن، وأول عطر كذلك يحمل اسمه قبل العلامة التجارية، وهو بصدد إطلاق عطر جديد آخر يجري العمل على إنجازه، وضمّ إلى مجموعتهِ العطرية 3 مجموعات عطرية أخرى خاصة بالمفارش، ومعطرات الجو.
وِدّ
تصدّر عطر وسام مجموعة الدبيسي للعطور في كونهِ الأكثر طلبًا، ومع كونهِ عطرًا شخصيًا، إلا إنّه كان بداية موفقة بفضل الله في مجموعته، يليه عطر وِدّ، وعطر جنتل مان.
ولكنّ الدبيسي وعلى صعيدٍ شخصي يفضّل خلطات العود، والياسمين والمسك؛ لأنّها فواحة، وتجذب المستهلك، وتختلف ميول الناس في الصيف فالعطور الصيفية حمضية عادة وخفيفة، بينما تكون العطور الشتوية فواحة وقوية، وتعتمد غالبًا على العود، واللذر والباتشولي.
عامٌ ونصف العام
يتطلّبُ إنتاج الخلطات بالعطور لدى الدبيسي الكثير من الوقت والجهد، فكلّ خلطة تستغرق من 6 أشهر إلى عامٍ كامل؛ للوصول إلى نتيجة مرضية، ويتفاوت المجهود بين عطر وآخر، وعلى اعتبارهِ يتمّ تحديد السعر حسب التكاليف والجُهد، وعطر وِدّ من العطور التي تطلّبت منه الكثير من الجهد، والوقت المُضاعف حتى إطلاقه.
براند سعودي
وعن سؤالهِ عن براندهِ الخاص ورؤيتهِ له، تحدّث الدبيبسي
لـ «القطيف اليوم» قائلًا: أنتجتُ براندي الخاص في العطور بعيدًا كلّ البُعد عن تقليد البراندات الأخرى أو مقاطع اليوتيوب مثلًا، نعم، من الممكن الاستفادة من تجاربهم في هذا المجال على أرض الواقع، وليس استنساخ إنتاجهم، فكلٌّ لهُ بصمتهُ الخاصة، والمميزة في هذا المجال.
وأضاف: أفضّلُ في عملي الاعتماد على ثقة الناس، وذوق المستهلك فمن خلالهما استطعت توسعة مشروعي الشخصي، وأصبحتُ أملكُ علامة تجارية معروفة.
وقال: تتبّع ذائقة الناس أخذتني شرقًا وغربًا، فأنتجتُ العطور بالنفحات الفرنسية والشرقية، وتركتُ الانطباع الممتاز لكلّ من تعامل معي، وسمعتُ المديح المثلج لصدري بفخامة عطوري وثباتها من مستخدميها، وأنا الآن بصدد إنتاج بخور معطّر أيضًا.
شتاء تاروت
شارك ابن السنابس بمجموعتهِ العطرية في مهرجان واحد، هو “شتاء تاروت”، ولم يحالفهُ الحظ في غيرهِ من المهرجانات الأخرى، لكنّهُ قريبًا سيكونُ موجودًا في معرض العطور في الخبر، ويأمل أن تكون له مشاركات أخرى في المنطقة بمهرجاناتها النوعية والمختلفة.
سعادةٌ عطرة
عشق الدبيسي عالم العطور، والروائح، والتركيبات الفوّاحة البعيد تمامًا عن مجال عملهِ في استخراج النفط في”الرقوق”، والبعيد كذلك عن حلمهِ الشخصي بإكمال دراستهِ الجامعية في مجال”الأمن السيراني” إلا إنّهُ وجد في هذا المجال سر سعادتهِ العطرة التي تشاركَ فيها الحب، والدعم من والدتهِ، وزوجتهِ المحبتَين، وحقّق من خلالها حُلمًا طفوليًا لطالما راودهُ في الصغر أن يكون له عطرٌ مُتوَّج باسمه، وشخصيته.