غسان شخصية عطاء نادرة

يرحل الناس فيخلفون وراءهم سمعة طيبة إن كانوا على خلقٍ واستقامة، الحاج غسان النمر “أبو مصطفى” من الشخصيات التي كرست حبها في نفوس الآخرين، فعل ذلك لأنه يؤمن بأن الأخلاق مقدمة على المال، كنا نرى عن قرب كيف يتصرف الحاج غسان في مكتبه أو في مجلسه الخاص أو مزرعته مع الناس، سمة التواضع لا تغيب عنه أبدًا، فهو الشخصية البشوشة التي يمتعك حينما تجلس معه بطريقة حديثة ودماثة خلقه الرفيع.

حينما تحتك مع شخصية كبيرة كشخصية الراحل الكبير تتعلم منه أفكارًا عدة، فهو مدرسة حياة في الاقتصاد أو في الجانب الاجتماعي، محب للخير وفعله يشجع – بسلوكه لا بقوله – على فعل الخير ومساندة الآخرين، هذه التوجهات النابعة من قلبه جعلت له محبين كُثر في المملكة بكل مناطقها، فهو لا يميز في عطائه بين منطقة ومنطقة.

تصادف أثناء جلوسي معه في مكتبه ورود اتصالات مجهولة الرقم في هاتفه، مع ذلك يرد عليها ويقطع حديثنا (لحظة بن عمي) يرد فإذا المتصل في حاجة ماسة للمساعدة، لا يتعجل العطاء، ويطلب التثبت من الحالة عبر إحدى الجمعيات الخيرية التي تشهد بحاجة الشخص أو عبر شخصية دينية موثوقة لتزكي المحتاج.. بعدها تتم مساعدته عبر الجهة التي يتعامل معها الراحل في مثل هذه الحالات.

كان حريصًا جدًٌا على المساعدة لهذا المحتاج ويصر عليه بالتواصل معه للتأكيد من حصوله على المساعدة وإن احتاج أي شيء… هذا على الصعيد الفردي، أما المؤسسات في المجتمع فهو داعم لها.

للراحل مواقف عطاء كبيرة؛ إذ دائمًا ما يفيض عطاؤه لمناطق المملكة كافة، وهو داعم لأندية ولجهات ومؤسسات في المجتمع، والراحل في بلدة العوامية مثلًا من الشخصيات المقدرة والمحترمة؛ إذ إنه من ضمن أعضاء الشرف في نادي السلام، وهو داعم قوي للنادي، وهذا ليس بمستغرب على شخصية عطاء.

حقق الراحل نجاحات وطنية اقتصادية كبرى يشار لها بالبنان، وهنا أتذكر أني قلت له (بن عمي) أنت تجربة اقتصادية ثرية وصاحب رأي مهم في الاقتصاد لذلك ألح عليك بأن تنقل تجربتك إلى جيل الشباب والشابات من رواد الأعمال، فلم يبخل بمعلومة قطُّ عنهم عبر صحيفة الرياض التي تشرفت بأن يكون ضيفي في تقارير اقتصادية كثيرة نشرت، واستفاد منها الجمهور الاقتصادي، كما أن حضوره الإعلامي التوعوي الاقتصادي كان مهمًّا في القنوات الفضائية والراديو… كان شخصية يرتاح لها الصحفيون.

عرفت الحاج غسان النمر، قبل عقود وتطورت علاقتي به حتى صار أخًا لي وصديقًا عزيزًا، ولم أجد منه إلا الاهتمام والسؤال عن أحوالي وأحوال أسرة النمر في بلدة العوامية، التي تربطه بهم علاقة قوية جدًّا، فهو من الأشخاص الذين يحرصون على التواصل الاجتماعي، وهو دائم السؤال عن أصدقائه وأحبائه في المناطق كافة.

وأتذكره تمامًا وهو متكئ في مزرعته وهو يعرفني على الأشخاص المتواجدين معه من الوجوه الجديدة التي لم ألتقِ بها، كان محبًّا للجميع، جامعًا لهم، فهو شخصية قيادية تلم الشمل لما فيه تعزيز الجانب الاجتماعي بين الناس، ومن النادر في الحقيقة أن نجد مثل هذه الشخصيات الاقتصادية التي حققت نجاحات اقتصادية ضخمة وأصبح أسمها لامعًا في عالم المال والأعمال.

كان متواضعًا جدًّا، حتى إن الشخص الذي لا يعرف الراحل لن يتعرف عليه في الجلسة، فهو أخ الجميع في نقاشه وحديثه وضحكاته التي لا أزال أتذكرها.

وحقيقة الكلمات لا تفيك حقك يا أبا مصطفى، وإنا على رحيلك لمفجوعون. رحمك الله وأسكنك الفسيح من جنته وحشرك مع محمد وآل محمد.



error: المحتوي محمي