على الرغم من أن الموت حق، وأنه سُنّة الله في خلقه، وكلنا سائرون في دربه، إلا أن فقد الأبناء ورحيل الشباب يعد من أصعب الفواجع التي تواجه الإنسان. فعندما نفقد شابًا يانعًا وابنًا عزيزًا غاليًا يصبح الألم مدفونًا ومسكونًا داخل النفس، ويكون وجع الرحيل مؤلمًا، ولا يمكن مواجهته إلا بالصبر والاحتساب والإيمان بالقضاء والقدر.
أصابتنا فاجعة أليمة ومصيبة كبيرة، وواجهنا خطب جلل، وغمرنا حزن عميق عندما فاضت روح ابن أختي وصديقتي (سامي مكي آل منيان) فجر يوم الثلاثاء ٢٢ فبراير ٢٠٢٢. فقد تفاجأت وفجعت عندما عرفت أن روحه الطاهرة قد انتقلت إلى بارئها، وقد فارقت روحه الدنيا الفانية بهدوء كما عاش فيها بهدوء.
الجميع يذرفون الدمع السخي على فراقه الصعب وعلى شبابه النضر وأخلاقه النبيلة وسمعته الطيبة وأدبه الجم، وسيرته العطرة وأعماله الصالحة.
إن القلم يرتجف وإن القلب يتقطع ألمًا وحزنًا على فراقك يا سامي، وإني لأجد غصة في قلبى عندما هممت أن أكتب كلمات لرثائك. لقد رحلت ورحل معك الوجه المشرق المتلألئ بنور الإيمان وطاعة الرحمن. لقد رحلت عن الدار الفانية وثكلتك والدتك الإنسانة المؤمنة الصابرة وأهلك ومحبوك واكتسى الحزن العميق كل من عرفك وتعامل معك وقابلك، وعرف فيك الطيبة والسماحة والتواضع والسيرة العطرة. لقد كان التعامل الإنساني من سماتك الرائعة، وكنت محبًا للجميع يبادلونك الحب بالحب، والوفاء بالوفاء، وبلا شك فإن محبة الناس قبس من محبة الله، ومن أحبه الله فقد ظفر وفاز في الدنيا والآخرة. فهنيئًا لك بمحبة الله ومحبة الناس لك. وأشهد أن معاني الإنسانية والأخلاق الكريمة المتمثلة في عفة اليد واللسان وسلامة الوجدان وصفاء السريرة قد تأصلت في شخصك الوفي. لقد فقدنا ابنًا فاضلًا، عزيزًا، عطوفًا، بشوشًا، وباراً بوالدته المؤمنة الصابرة على قضاء الله وقدره.
وأخيرًا نقول وداعًا يا زين الشباب، فإن غبت عنَّا بجسدك فإن ذكراك ستبقى خالدة ما دمنا على قيد الحياة، وداعًا يا رمز الأدب والحياء، وداعًا يا طيب القلب، وداعًا يا صاحب الخلق الرفيع، وإلى جنات الخلد مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
اللهم عوض شبابه بالجنة وأكرم نزله واغفر له وارحمه ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أجرنا في مصابنا الجلل وألهمنا ووالدته وابنته وشقيقاته وأخيه واعمامه الصبر الجميل. إنا لله وإنا إليه راجعون، إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الله، وإنا لفراقك يا سامي لمحزونون.