الصراعُ حقيقي في بيت الزوجية بين الأم والزوجة وإن خفّت حدّتُه عن السابق لانفراد السكن وارتفاع مستوى المعيشة لكنه لايزال يمثل خطرًا بقوة في الساحة الاجتماعية والضحية طرف أو أكثر وأحيانًا يمزق البيت العائلي بأكمله ويؤدي إلى شتات الأسرة الواحدة. إلا إن ساد العقل وتم تفعيل الحكمة في الموقف والأبرز هو دور الزوج وتفهم البقية ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وإن تطور الأمر فنتائجه تكون وخيمة لا تُحمد عقباها تصل لعقوق وطلاق وضياع أطفال – وهذا لا يعني في مجمله العام السلبي والإيجابي كل الأمهات والأزواج والزوجات إنما البعض وينشأ أغلب الشجار من كلتيهما – وإن كانت التوجهات مختلفة والفوارق نسبية.
أولًا: (1) جزى الله أمهاتنا خيرًا فهن يقمن بالتربية ويتحملن المتاعب سهر بالليل وعناءٌ بالنهار كلما كبر الولد تتمنى أمه يوم أن تراه عريسًا ولكن ما إن يتحقق حلمها حتى تتغير وتميل بها الظنون أن الزوجة أخذته منها عنوة وخيبت آمالها؛ حسب نظرتها القاصرة فتتحول من أم حنون إلى مراقبة شرسة متابعة خطوات ابنها وتحركاته حتى تبسمه لزوجته تعتبره جرمًا بحقها وفي أفعاله وأقواله – وهي ليست كذلك إنها وساوس شيطانية – قد تكون هي من اختارت له الزوجة. لا أدري لو كانت معارضة لزواجه منها ماذا تفعل؟ كم مِن زوجة تعاني من ظلم أم زوجها وهي صابرة محتسبة!
(2) بعض الأمهات تعتبر زوجة ابنها بنتًا لها وأمًا لأحفادها يسعها قلبها قبل بيتها لا تكلفها بعمل البيت إن كانت معها وتقدم لها ما حلا وطاب إن قدِمت لها من خارجه ودومًا توصي ابنها بعدم التقصير في حقها، وتقول: لا تتلاعب بها فهذه بنت ناس، وإن سعادتك من سعادتها وراحتك من راحتها وتعاملها الزوجة بالمثل فما أجملها من أم عاقلة محبة لابنها وما أروعها من زوجة ترد بالمعروف.
ثانيًا: (1) زوجة ترى أن زوجها مُلك يمين بيدها لا نصيب لأمه فيه بعد اليوم وربما منعتها من حضور مراسم الزواج لأن وجودها لا يشرف وحال تزوَّجها؛ عليه تلبية كل مطالبها ولو على حساب الأم المتلهفة لعناق ولدها ليلة زفافه. لا ترضى بالإقامة ولا مؤقتًا معها في بيت واحد كم من زوجة ألحّت على زوجها بإخراج أمه من بيت كانت تسكنه معه وإن استقلت لا تسمح للمسكينة أن تزوره ولا هو يذهب لزيارتها لا ترافقها في سفر ولا تجالسها في حضر لا يذكرها في معيشة أو يقضي لها حاجة وقد تجد المرأة مطيعًا لأوامرها. تعست من زوجة هذه معاملتها ومَن أطاعها. كم أم تمنت لو أنها لم تلد هذا ويتزوج من هذه.
(2) وأخرى تعتبر أم الزوج أمًا لا تسمح بتركها. تخدمها إن كانت معها في سكن وإن كانت خارجه تواصل الرواح إليها تتفقد أحوالها إن كانت كبيرة السن تنظف وترتب فراشها وتغسل ثيابها وتحث الزوج باستمرار على الإحسان إليها وفي الأسفار لا تتركها وتسأل زوجها دومًا هل مررت بأمك؟ ما حالها؟ ما نواقصها؟ وأم الزوج تستوحش إن غابت عنها طويلًا اشتياقًا لرؤيتها. شتان بين هذه وتلك. أنعم بها من زوجة صالحة وفية وأم حبيبة. ترُبتْ يدُ من ظفر بهاتين.
ثالثًا: (1) البعض ما إن يتزوج حتى يقطع صلته بأمه ويضيع حقوقها ويميل بكامله لحبه المستجد – وقد يكون مزيفًا – يُصدّق ما تنقله زوجته عنها ويعاقبها على أفعال وأقوال لم تصدر منها وإن صدرت – جدلًا – فهي أم لا تُجازى بقول زوجة وتهان أمامها. مثل هذا خسر أمه شهوة وغدًا يتركه أولاده انتقامًا.
(2) من الأزواج من يظلم الزوجة ويمنعها من حقوقها لحساب أمه ويريد منها خدمتها – اعلم أن زوجتك غير ملزمة بما أمرت وإن أردت منها ذلك فاملك قلبها بإخلاصك وأداء حقوق وإكرام فإن خدمت أمك فتفضلًا منها لا وجوبًا إنما لتسعدك – ينفذ كل ما تقوله الأم ويعاقب عليه دون دليل وشاهد وقرينة ويحمّلها ما لا تطيق وعليها أن تطيع أو تضيع. كم من زوجة تعاني من ظلم زوجها الجاهل واملاءات أمه. هذا التوجه غير صحيح ومرفوض جملة وتفصيلًا كما هو حال الأول وأن اختلفا هدفًا. من غير شك للأم حق وللزوجة حقوق بخصوصيات مختلفة. لأجل الحلول المرضية نحتاج لدور الابن البار والزوج المنصف العادل النصوح وصاحب الحكمة التوافقية وهو إعطاء كل ذي حق حقه دون تضارب أو تعدٍ على طرف لحساب آخر – ومثل هذا كم معاناة ومتاعب يمر بها يدخل البيت دموع أمه تتقاطر قالت وفعلت زوجتك وفي غرفته الخاصة زوجته معولة هذه عمائل أمك وما عيرتني به أو صراخهما للطريق يسمعه الجيران والمارة والقائمة تطول ولكن في وجه كل هذا تقف الحكمة وتعالج الحدث – على الأم أن تراعي ابنها حتى لا يرتكب ظلمًا وعندها بنات لا ترضى بظلمهن إذا تزوجن أو بطلاقهن.
على الزوجة ترك التعصب ولا تحمل زوجها على العقوق وأن تتغاضى عن بعض الأمور التي بتركها قوام الأسرة ولا تنسى متاعب الحياة والنظرة الثاقبة لما هو آت اليوم زوجان ثم يرزقان أولادًا فلا يضيعوا. وعلى الزوج ألا يتهاون في حقوق أمه ولا يفرط أو يظلم زوجته ولا يستخدمها فيما لا يعنيها. الحقوق مُصانة بالشريعة والقانون. اسأل عما لا تعلمه حتى لا يكون تصرفك خاطئًا – لا تَظلم حتى لا تُظلم – الأم مدرسة تتعلم منها الأجيال فكوني خيرة المدارس. الزوجة مستورة فلا تنكشفي وسكن فلا تبقي من غير سقف.