شــكرًا للحسيني ومرحبـًا بالقـرنـي

نتقدم لرئيس بلديتنا المحبوب والشاب الوطني المخلص سعادة المهندس محمد بن عبد المحسن الحسيني بخالص التهاني لترقيته إلى منصب أعلى ووظيفة أرقى، وهي وكيل الأمين لشؤون البلديات في أمانة الشرقية.

وهذا الخبر يحمل وجهين:
الوجه الأول: هو الفرح والسرور لترقية هذا القائد المميز والمخلص في عمله، الذي يعمل دون كلل، بوجه مبتسم متفائل ُيشعر من حوله بأن الوقت يداهمه إن لم يضاعف في سرعة العمل والإنجاز.

وهذا يُذكرني حينما قدم من رئاسة بلدية حفر الباطن وباشر عمله في يوم الأحد 2 شعبان 1440هـ فكان أول تصريح لـ «لقطيف اليوم» لهذا الشاب اليافع الذي تولى رئاسة بلدية محافظة القطيف – وهي عبارات من ذهب: “سنترك أعمالنا تتحدث عن نفسها”.

والوجه الثاني لترقية الحسيني وتركه بلديتنا: هو الحزن والأسى لغياب هذا الرجل العظيم؛ حيث لم يمض عليه في عمله سوى ثلاث سنوات، فقد وجد على طاولته في أول يوم عمل “ملف التحديات” للأعمال والمشاريع المتعثرة والمعطلة، وهو ملف للأسف الشديد تزداد أوراقه مع تعاقب روؤساء البلديات السابقين، وقد كانوا ينظرون إليه ولا يحركونه، بل كلما جاء مشروع متعثر وضعوه في ذلك الملف لكي يخلفوه للرئيس القادم، وهكذا دواليك، ما جعل محافظة القطيف مع تعاقب السنين تتخلف عن بقية مدن ومحافحظات المملكة، حتى أصبح دور البلدية محدودًا في تراخيص البناء ونقل القمامة وما أشبه.

وحينما تأسس المجلس البلدي بدأت بعض المشاريع البسيطة والشوارع الحديثة ترى هنا وهناك بشكل خجول، ويتألم المواطن القطيفي حينما يخرج من الحدود الإدارية للمحافظة ليرى نفسه في عالم مختلف …. مدينة متطورة من التنمية وشوارع حديثة واسعة ونظيفة تزينها الأشجار والزهور وأعمدة الإنارة الحديثة والجميلة، وكأن لسان حاله يقول لماذا محافظة القطيف خارج جغرافيا المملكة؟

هذا ما أستشعره الرئيس الحسيني نفسه حينما تولى مهام البلدية، ولأنه رجل كفؤ وجندي مخلص لقيادة هذه البلاد أعزها الله، فهو أينما توجه يأتي بخير ولا ينظر لأهل وساكني المحافظة التي يعمل فيها بمنظار التمييز الطائفي ولا المناطقي، بل يراهم أخوة سواء في الرفيعة أو حفر الباطن أو القطيف أو غيرها. وحينما بدأ مسيرة العمل القصيرة في بلديتنا وضع له ثلاث ركائز أنطلق منها لكي يحاول ويسعى أن يضع المحافظة في الطريق الصحيح للتنمية، ولكي تأخذ حقها من التطور أسوة ببقية مدن ومحافظات الشرقية.

الركيزة الأولى: خصص يوم أو يومين وفي ساعات محددة يمكن لأي مواطن أن يقابل الرئيس ويشتكي إليه عن معاملته الخاصة أو يتلقى مطالب ومقترحات، ما يساهم في نجاح عمل البلدية، وقد حضيتُ بلقائه أكثر من مرة، وكان يترك مقعده ويجلس بجانب صاحب الطلب ويسمع منه دون أن يقاطعه أو يزجره، وبعد أن يفهم مطلبه يأخذ إجراء في معالجة طلبه، وربما يستدعي الموظف المختص ويكلفه بإنهاء الأمر.

الركيزة الثانية: ترتيب البيت الداخلي، حيث قام بتوزيع الأدوار والمسئوليات على الكفاءات، وإسناد المهمات لهم واختيار روؤساء بلديات البلدات التابعة للمحافظة، ومن ضمن العمل الإداري أنشأ بلدية وسط القطيف وعين عليها مهندس، لأنه ينطلق من مفهوم أن الإدارة هو العمل من خلال الآخرين وليس حكرًا عليه، ولم ينفك من الاجتماعات مع كل الإدارات والوحدات، وقام يوجه ويتخذ القرارات الحازمة، ولا ينسى المتابعة مع المواضيع المطروحة حتى تكتمل، ولا يعني هذا أنه لا توجد هفوات – الكمال لله – وإعادة تنظيم الهيكل الإداري ساعدته كثيرًا في تسيير الأعمال ومتابعتها.

الركيزة الثالثة: دراسة وتنفيذ ومتابعة المشاريع على الأرض وأحيانًا تنفيذ أكثر من مشروع في زمن واحد، لذلك أنجز العديد من المشاريع خلال فترة وجوده القصيرة وهي على النحو التالي:

1- الاهتمام الكامل بتشجير الشوارع، مما يعكس ذوقه وحبه للبيئة وأثر الزراعة النفسي على مرتادي الطريق، كما شدد على مقاولي النظافة بإلزامهم بالعدد المتفق عليه في العقد، فظهر أثر ذلك على نظافة الشوارع الرئيسة والعامة وشوارع الأحياء السكنية وكأنه وجه رسالة مبطنة للمواطن بأننا قمنا بدورنا بنظافة الشوارع من الأتربة وخلافه وبقي عليك أيها المواطن والمقيم بالتعاون مع صحة البيئة بالبلدية برمي المخلفات وغيرها في أماكنها المخصصة.

2- إكمال وتحسين كورنيش المحيسنيات ودارين وسنابس واتخاذ قرار قوي وحازم بإلغاء أحد المخططات لتنفيذ امتداد الشارع العام شمال المنيرة وربطه بشارع شمال الناصرة وكورنيش شمال المنطقة الصناعية وهو الطريق الثالث الذي يربط جزيرة تاروت المحروسة بمدينة القطيف العزيزة، وقد جهز هذا الطريق ليرتبط بشارع الملك فيصل الجديد، وهو حقًّا مشروع مهم جدًّا لفك الاختناق وربط بلدات ومدن المحافظة.

3- امتداد شارع سلمان الفارسي شمال بلدة عنك الغالية مساحة نصف كيلومتر تقريبًا بعد أن تم نزع ملكية البساتين، وجعل هذا المشروع الحيوي يربط شارع القدس بشارع الملك عبد العزيز وشارع زين العابدين مع طريق الظهران الجبيل السريع، وهو أحد المشاريع الرئيسة لربط مدينة القطيف بالطرق السريعة المهمة.

4- تمتداد شارع الملك عبد العزيز بوسط مدينة القطيف، حيث عمد إلى إزالة جزء من “قلعة القطيف الترفيهية” ليمتد الشارع شمالًا باتجاه مدينة صفوى الحبيبة وهو مشروع حيوي ومهم، ويعتبر أقصر الطرق بين مدينة القطيف ومفترق صفوى ـ رأس تنورة ـ مطار الملك فهد الدولي، وربما يظهر أثره بعد توسعة شارع الملك عبد العزيز – إن شاء الله تعالى.

5- مخطط النسيم بسيهات الجميلة. واقعنا الروتين الممل ومن يعلق الجرس؟ والكل يلقي بالملف على الجهة الأخرى ما تسبب في تأخير هذا المخطط السكني الذي يتعطش أهله لإنهائه، حتى أصابهم اليأس فأخذوا يدعون في جوف الليل أن يسخر الله لهم من يعينهم، فقوض الله لهم الرئيس الحسيني المحب للوطن، كل الوطن، ليذلل لهم الصعاب ويأمر بالإنجاز . وبصراحة استخدم هذا الرئيس صلاحياته بكل قوة وحزم حتى يشعرك وكأنه وزير وليس رئيسًا، وهذا هو الصواب؛ لإنه يمثل الوزير في التنفيذ على الأرض، وهو شخصية عملية حقًّا؛ إذ لا تجده كالروؤساء السابقين جل ما يفعله هو التأشير على الخطابات بعبارات يفهم منها الموظف المحال له أنه وضعها تسيرًا مع المعاملات الأخرى، فهو لن يسأل ماذا أنجز ولماذا لم ينجز؟

والحسيني – حفظه الله – فهم موظفيه بأنك إن لم تعمل وتنجز ستحاسب وتعاقب، وهذا ما جعل العاملين معه يدركون أخطار إهمالهم وتقاعسهم. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا الجهاز الحكومي “البلديات” لا يعمل موظفوه بجد واجتهاد إلا إذا كان على رأسه رجل شديد وحريص في المتابعة؟ لماذا لا يكون مثل بقية الدوائر الحكومية الجميع يعمل دون سياط وأوامر ونواهي؟ لذلك لا نجد رئيسًا يتعب نفسه ويجتهد في عمله، ومما يزيد الطين بله – كما يقال – أننا لا نرى أحدًا من رجالات البلد أو الناشطين يذهب لمقابلة الأمين أو الوزير وينقل له امتعاض الناس وعدم رضاهم على أداء الرئيس، ومطالبتهم بالمشاريع الحيوية والتنموية للبلد.

6- تقاطع شارع الرياض مع طريق الخليج وإلغاء الدوار الكبير وإحداث إشارات ضوئية بتقاطعات ومداخل ومخارج لمرفأ القطيف وسوق السمك الجديد، ولا شك أن هذا العمل الجبار يستحق الشكر والثناء، على الرغم من أنه أزعج الكثير من الناس لطول المدة، ولكن إعادة البنية التحتية للصرف الزراعي المار أسفل الدوار وإحداث ممرات جديدة والتخلص من الدوار سيء الصيت أراح أبناء القطيف فعلًا. وجيد إن وفقنا في رئيس شجاع يحاول قدر الإمكان إنجاز المشاريع المفترض إنجازها في السنين الماضية.

7- سوق السمك المفرد والجملة. فللأسف هذا المشروع الحيوي والاقتصادي المهم كان يسير سير السلحفاة، والروؤساء السابقين لا يهتمون كثيرًا بإنهاء معاناة أصحاب المنازل الملاصقة للسوق وما يعانونه من روائح كريهة وحشرات وبيئة غير صحية، وإلا بماذا نفسر عدم فتح السوق طالما كانت جاهزة ولم يبقَ منها إلا اليسير؟ لكن حينما قدم الحسيني إلى البلدية وضع على عاتقه إنهاء معاناة الناس ونقل السوق وفتح المجال لدخول وجوه شابه وطنية ومنافسين جدد لتنشيط الحركة الاقتصادية للبلد، ربما البعض يمتعض من المستثمر وما يطالب به وهو خلاف المتعارف سابقًا، وما كان يعهده حينما كانت البلدية هي الجهة التشغيلية، وليس هناك وسيط. ولا شك أن هذا ساعد على ثبات الإيجار وعدم الاستغلال من قبل المؤجر، ولكن الوضع تغير الآن، فلم تعد البلدية تتولى التشغيل، فقط دورها هو الإشراف والتحصيل، ونقول للبلدية نعم هو كذلك، ولكن كونوا الجهة الحاكمة بين المستثمر والمستأجر ولا تسمحوا للمستثمر بتجاوز الخطوط؛ لئلا تنعكس الأمور.

ما ذكرناه هو قليل من فيض من إنجازات الحسيني، وهذا حقه علينا علمًا بأنه ليس بيننا وبينه مصلحة أو حتى معرفة شخصية ولكن “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” ورسالتنا إلى سعادة الرئيس (19) الحالي المهندس القرني: ماذا ستقدم لنا أيها الرئيس القادم من بلدية رأس تنورة؟ هل ستكمل المشوار الذي بدأه الحسيني ويرى الناس أعمالكم لتحكم عليكم؟ أم ستكون كبقية من جلس على هذا الكرسي ينتظر الترقية أو يُحال للتقاعد؟ أتمنى من خيار القطيف أن لا يدعو الرئيس الذي لا يعمل ولا ينجز بالسكوت وانتظار الفرج، بل علينا المتابعة ومراجعة الجهات الأعلى لتكون محافظة القطيف أسوة ببقية محافظات المملكة من العمران والتطور.

وهنا تهمس في أذن مجلس المنطقة التي يرأسها سمو أمير المنطقة الشرقية وأقول: التفتوا للقطيف؛ فهي جزء عزيز كبقية مدن المملكة، ولا ينبغي أن تتخلف عن المدن المجاورة، ويكفي السنين الماضية التي جعلتها في آخر الصف، بل خارج الصف. كما نطالب الهيئة العامة لتطوير المنطقة الشرقية أن تعوض القطيف عن السنوات العجاف بالمشاريع والتنمية العمرانية، بل وأن يكون التطلع إلى أعلى من ذلك، وهو تحويل بلدية محافظة القطيف إلى أمانة محافظة القطيف، لما تمتلكه من مقومات في المساحة والكثافة السكانية، كما أتمنى أن تنفذ المشاريع في القطيف كبقية مدن المملكة دون مطالبات ومساعٕ وترجٕ، والحديث ذو شجون.



error: المحتوي محمي