هجرت الشعر

هَجَرتُ الشِّعرَ حَتَّى قِيلَ تَابَا
وَصارَ يُبَادِلُ العَبَث الصَّوابَا

وَأبدلَ نَظمَهُ الأشعَارَ صَمتًا
وأسدَلَ للصَّلاةُ لهُ الثِّيَابَا

وَصَارَ يُطَالِعُ الأورَاقَ بَحثًا
وَخَيرُ النَّاسِ مَن صَحِبَ الكِتَابَا

وَمَاشَغَلَ الفُؤادَ سِوَى الثُّرَيَّا
وَمَن سَكَنَ الثُّرَيَّا وَالقِبَابَا

وَماتَركِي لِبعضِ الشِّعرِ إلَّا
كَبدرٍ في ليَالي البِيضِ غَابَا

وَمَا صَدحِي بِمدحِكَ غَيرَ أنِّي
وَجدتُ بِأمرِكَ العَجَبَ العُجَابَا

كَأنَّ الخُلدَ تَدنُو مِنكَ وِدًّا
تُقَارِبُ خَطوَهَا قَابًا فَقَابَا

فَسَيِّدَةُ الجِنَانِ إلَيكَ زَوجٌ
وَأنتَ الكُفؤُ قَدرًا وانتِسَابَا

وذَا شِبلَيكَ في الفِردَوسِ سَادَا
جَميعَ النَّاسِ إذ رُدُّو شَبَابَا

فَقَومٌ فِي رِضَاكَ سَعَوا وَجَدُّوا
يُجَازَونَ السِّيَادَةَ والثَّوَابَا

وَمَن قَدِم الحِسَابَ بِغَيرِ وِدٍّ
لِآلِ البَيتِ قَد ضَمِنَ العِقَابَا

وَقَد رَبَّاكَ خَيرُ الخَلقِ طُرًّا
ومِن يُمنَاهُ أشبَعْتَ السِّغَابا

لَزِمتَ بِجنبِ أحمَدَ فِي رَخَاءٍ
وَحِينَ الضُّرِّ إذ سَكَنَ الشِّعَابَا

شِعَابُ أبِيكَ إذ يَثنِي قُرَيشًا
وَكُنتَ السَّيفَ إذ كَان الحِجَابَا

وَقَد سُمِّيتَ حَيدَرَةً فَأضحَى
صَقِيلُ السَّيفِ في يُمنَاكَ نَابَا

يُخَضِّعُ ذُو فِقَارِكَ كُلَّ سَيفٍ
فأحدثَ في قَوَائمِهَا احتِدَابَا

كَأنَّكَ حِينَ تَهوِي فِيهِ ضَربًا
فُتِحتَ منَ الجَحِيمِ بِه انصِبَابَا

صَرَعتَ مُجَعجِعًا عَمرَو بنَ وُدٍّ
وَمرحَبَ إذ هُنَاكَ قَلعتَ بَابَا

وأردَيتَ الوَليدَ بِيَومِ بَدرٍ
وَرُبعَ الجَيشَ سَيفَكَ قَد أصَابَا

وَقَد نَادَاكَ أحمَدَ يَومَ أُحْدٍ
فَزَلزَلتَ البًََادِي وَالهِضَابَا

رَدَدُتَ الخَيلَ وَالفُرسَانَ عَنهُ
وَأثنَيتَ الصَّيَاقِلَ وَالحِرَابَا

وَيَوم الكَربِ مَوعِدُهُ حُنَينٌ
شَدِيدُ الكَربِ مِن يُمنَاك ذَابَا

كَشَفتَ الغمّ عَن هَادِي البَرَايَا
كَجَريِ الرِّيحِ إن قَشَع التُّرَابَا

وَقَد آخَاكَ أحمَدُ فِي تَبُوكٍ
كَمُوسَى فِي أخِيهِ وَقد أنَابَا

وَلَيلَةَ أن شَرَيتَ النَّفسَ طَوعًا
وِبتَّ قَرِيرَ عَينِكَ لا اضطِرًابَا

فَدَيتَ بِنَفسِكَ الهَادِي مَبِيتًا
وَمَن في نَومِه يُجزَى ثَوابَا

سَبَقتَ النَّاسَ في نَومٍ وَصَحْوٍ
وَفِي شَأنٍ تَرَفَّعَ أن يُشابا

وَيَومَ تَبَاهَلَت نَجرَانُ تَسعَى
وَكُنتَ النَّفسَ مُكمِلًا النِّصَابَا

بِأمرِ الله إذ يَدعُوكَ نَفسًا
لِمَن وَعِيَ القِرَاءةَ والخِطَابَا

وَقَد طُهِّرت مِن رِجسٍ بِنَصِّ
وَهَل للطُّهرِ عَيبٌ كَي يُعَابَا

فَبِنتَ لِمُقلَتِي فَردًا وَلكن
أُعِدَّ لَهُ مِن الله انتِخَابَا

سَبَقتَ الفَضلَ حَتَّى بَاتَ يَسعَى
يُجَاذِبُ طَرفَ كِسوَتِكَ اجتِذَابَا

رَأيتُكَ أبيضَ المَاضِينَ كَفًّا
وَأولَى الأهيَبِينَ بِأن تُهَابَا

وَمَن مَدَحَ الكِتَابُ لهُ فعالاً
سنُجزَى في مَحبتهِ ثَوابا



error: المحتوي محمي