إنها لا تُشترى!

رأيتها والدمع في مقلتيها يحكي أوجاعاً لا تُحكى فالمرء قد يعجز عن الإفصاح عما يكدر خاطره لأن الوجع مِن مَنْ ظننا أنهم سيكونون لنا السند والأمان.

كانت ليلة ماطرة وقررت ناهد أن تستقل سيارتها وتذهب للمقهى ترشف فنجان قهوة ينسيها ما كدر خاطرها. كانت تعتقد أن وجعها لا يمكن لأحد أن يفهمه فالكل يراها سعيدة واعتادت هي على الكتمان. وصلت ونزلت من سيارتها تجر رجليها على مضد كانت الطاولات شبه ممتلئة؛ اختارت طاولة في الزاوية بحيث يمكنها أن ترتب أفكارها والكلام الذي قررت أخيرًا أن تبوح به.

كانت تجول بعينيها نحو الطاولات فلفت نظرها زوجان جلسا متقابلان ولكن لم يتبادلا أطراف الحدث كان كل منهما منكبًا على هاتفه حتى ظنت لوهلة أن أحدهم أصم لولا حديثهما الذي لم يتجاوز الثواني لإخبار الموظف بطلبهما؛ فتيقنت أن هناك الكثير غيرها في هذا العالم يعيشون الفراغ الذي تعيشه حتى لو كان الظاهر مختلفًا. هناك أشياء لا يستطيع فنجان قهوة أو قطعة حلوى أن يشترياها! نحن لا نستطيع أن نشتري شعور الأمان والطمأنينة.

بمجرد أن نرافق بعضنا طوال الوقت وأن نقدم الهدايا للآخرين. هناك أشياء نشعر بها وعندما تضيع منا نتهوه في هذه الحياة. عادت ناهد لفنجان قهوتها تحتسيه حتى قطع صمتها يد رتبت على كتفها.

ناهد: سمر كيف عرفتي مكاني؟

سمر: توقعت أن أراك هنا

ناهد: ولماذا جئتي؟

سمر: لأنك أختي ورفيقة عمري ويحزنني ما يحزنك!

تجمعت الدموع في عيني ناهد وشدت على يدي سمر قائلة: كنت أبحث عن نفسي وأنا معه كنت أريد كتفاً أستند عليها، أمان. فما فائدة أن نذهب لأرقى المطاعم وأن تكون لغة الحوار بيننا معدومة؟ وما فائدة أن تشتري لي أحدث جهاز وأن يكون كلانا غارقًا في عالم آخر ليته فهم أني كنت أبحث عن شعور والمشاعر لا تشترى.



error: المحتوي محمي