كيف تراني وأراك؟!

في داخل كل بشري هناك مجموعة من المرايا، وكل مرآة لها خصائص تختلف في شكلها ومضمونها عن مثيلاتها، بعض المرايا مظلمة لا تريك إلا الظلال، وبعضها مهشم لا يريك إلا أنصاف الحقائق، وبعضها كالماء تعكس صورة ولا تلبث تلك الصورة كثيرًا حتى تختل وتختلف معالمها بحسب الأحجار التي تسقط في الماء الذي تحتوي تلك المرآة.

كل شخص  بالدنيا له وجهان. واحد سمح يعجبنا  كلنا. وواحد سيئ يوجعنا كلنا. لن أقول اختار الزين واترك  الشين. لأنه مرات حتى الاختيار ما يكون  متاح لك. لتشويش الذهن
بس أقول لك: لمن تلاقي  الشين كثر. خليها تعدي وتمر. أوقات كثيرة يكون ظاهرك عكس إحساسك. يعني أنت بتضحك وبتتونس وبتتفاعل. بس إحساسك. إنك عاصٍ أو مقصر. اختطفه الموت!

كن إنسانًا مدركًا أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فكيف تستطيع أنت كبشري أن تدرك التغيير في الإنسان؟

أفضل طريقة أنك تصل مرحلة بعيدة جدًا من التقبل. يكون عندك تقبل للحاجات بصورة مخيفة. حتى أنت تستغرب من نفسك. تقنع كل الناس أنك عادي. ومجرد ما  تتقبل ذلك وتتعايش مع الموقف تصاب بتردد (يا لطيف الطف).

لا بد للإنسان أن يلجأ إلى نفسه ويتقرب من ذاته ليكتشفها، ولتتضح له الحياة ويستطيع الالتزام مع نفسه ومع غيره من البشر، ولا تعد مسألة التعرف على الذات مسألة سهلة؛ لأن الإنسان معقد التركيب ومتناقض الأفكار والمشاعر، وهناك جانبان مهمان يؤثران على حياة الإنسان ويجعلانه متأرجح النفس وهما: العقلانية والعاطفية، بالإضافة إلى تأثير بعض العوامل المحيطة به، والتي تجعله يبعد عن ذاته وينسى أن يحدد هويته، ولا تقتصر هويته على انتمائه أو وضعه الاجتماعي، بل يجب أن يبحث عن نفسه المجردة من كافة الأمور التي أُدخلت على حياته، فيجب أن يكون صافي الذهن، ويحتاج كذلك إلى الشفافية المطلقة بالتعامل مع نفسه ومع الأمور التي قد يواجهها.

قناعتك أن كل الناس متغيرة في مواقف الشدة. وردات فعلها قد تكون غير متوقعة. تنقلك من نقطة العشم. وتجعلك شخصًا مرنًا جدًا جدًا.

أنت لا تعلم إلى أي درجة الله بك رحيم، لا تعلم كيف يسخر لك الأشخاص، والصدف والمفاجآت، والرزق، لا تعلم كيف يصرف عنك ما تحب بسبب شر أنت لا تعلمه.

أخيرًا، أنت تراني مذنبًا وربك يراني تائبًا والتائب كمن لا ذنب له. تراني شريرًا وربك ذو الرحمة يراني رحيمًا. تراني مجرمًا وربك يراني مجتهدًا في طريق النور واتباع سبل الرشاد. تراني ضالًا وربك يراني مهتديًا. تراني فاسقًا وربك يراني مؤمنًا صادقًا أمينًا. يا ترى أنت تراني أم ترى نفسك؟! مرآتك مرآة حق أم هي مغمورة بالوحل؟ لا تقيّم أحدًا بمرآة مهشّمة أو مرآة سوداء يملأها الوحل. إن الإنسان الذي يعيش بفطرة لا يملك مرآة لكنه في الحقيقة يملك قلبًا رحيمًا عطوفًا، لذلك هو يرى الخير في كل إنسان ويطلب من الله الهداية.



error: المحتوي محمي