وقعت الشاعرة زهراء عبد الله الشوكان باكورة أعمالها “ألونُ صوتَ المجاز”، لتعزف موسيقاها على أوتار النغم، لوحة تمتزج بها أجمل الألوان، لتنهمر أحاسيسها بشعرها الإنساني.
ونشرت بنصوصها الأمل والتحدي، وحب الوطن وتاريخنا الحضاري والإنساني المشرق، متخذة من الحب والدفء والشوق طريقًا، منتشية بالفن والحياة عبر إلقاء القصائد التي ترفل بالعشق والخيبات، لتدهش الحاضرين، وتشنف آذانهم، وتلامس شغاف قلوبهم.
جاء ذلك خلال حفل التوقيع التي أقامته الشاعرة بإحدى الصالات الخاصة بالربيعة، وحضره عدد من الشعراء والأدباء، وكُرم فيه المشاركين، وتخللته رؤية نقدية لنصوص الديوان، والتي أدارها الشاعر علي مكي الشيخ، وذلك مساء الخميس الموافق 10 فبراير 2022م، مقدمًا لها الناقدان محمد الحميدي وفريد النمر أوراقًا نقدية، وبمشاركة الكاتب حسن آل حمادة ورئيس منتدى الكوثر حسن المرهون.
ويحمل الديوان الذي صدر عن بسطة حسن للنشر والتوزيع قصائد عديدة، تظهر فيها روح الفن التشكيلي ليحكي الامتزاج بين الشاعرة والفنانة التشكيلية؛ إذ ضم بين دفتيه 177صفحة، في طبعته الأولى بـ 49 نصًّا، تخللتها مقدمة تعريفية بالديوان عبر قراءة فاحصة للشاعر علي مكي الشيخ حول الأنا المتعددة.
وذكر محمد الحميدي في ورقته التي حملت عنوان “رومانسية الكشف والخفاء في ديوان ألون صوت المجاز”، لزهراء الشوكان، بأن ثمة انتقال واعٍ من جانب إبداعي لآخر، وثمة اشتراك في الفنيات والشاعرية؛ إذ تنتقل الفرشاة بين اللون والكلمات.
وأوضح بأن ديوان “الشوكان”، احتوى على جنسين إبداعيين أحدهما غائب يمثله الرسم، وآخر حاضر، تمثله الكتابة، وفي الأثناء تستدعي ذاتها، وأناها، كاشفة عن معاناة نفسية واجتماعية.
ويضيف: هي تنقل بفنها وإبداعها من التجريد إلى التدوين؛ حيث الرسم قاصرًا عن أداء المعنى، أما الكتابة فأسعفتها لإيصال الدلالة للأشخاص، وحجبها عن آخرين لا ترغب بكشفهم لأسرارها، فثمة اندفاع وشغف للإفصاح عن الوجع، والحزن، إلى أن غدا بكاؤها أبديًّا، تنشد الروح عبره خلاصها من عذابات وجراح لا تندمل ولا تتوقف.
وأكد “الحميدي” على أن المجاز ضرورة لا ترف، وذات الشاعرة حين انغمست في ممارسته، لم تتمكن من اجتياز عتباته؛ فسرقها وسرق أوزانها وقوافيها؛ إذ كلما أمسكت القلم اندفق الشعر، واندلق على صفحات الورق محدثًا دويًّا هائلًا بسبب المشاعر الهائجة والمضطربة، مبينة بأن علاجها تكمن عبر أثمن الأشياء إليها، وهو الوجود والمتمثل في الله والنبي وأهل البيت والعائلة والزوج والأبناء، فهؤلاء قادرون على مداواة جراحها النازفة، لتهدأ وتندمل.
ووجه سؤالًا في نهاية ورقته، مفاده: هل أفضت محاولات العلاج إلى نتيجة ملموسة؟ ليجيب بالنفي، معللًا ذلك بانتهاء الديوان دون أن يمنح المتلقي نهاية لأفق انتظار؛ إذ بين حضور الذات والألم وغياب الحب والعلاج، تتشكل تجربة الديوان التي تنتمي إلى المدرسة الرومانسية الوجدانية المتوسلة بالبكاء والشكاية، مشيرًا إلى أن محاولة علاجه، هي كذر الملح على الجرح.
وجاءت قراءة وتحليل الشاعر فريد النمر بعنوان “استنطاق اللون الشعري والسباحة نحو النص”، حيث وصف الديوان بأنه تجربة وجدانية قادمة بعناية ذوقية تحليلية عبر ما تبرزه القصيدة فيها من زهوٍ عاطرٍ وأنيق، وتلونه الانفعالات المتحمسة.
وذكر بأن العنوان جاء متسقًا ومنسجمًا مع سيمائية الغلاف الذي جاء برسم جميل لأنثى، تنثر شعرها اللوني، على صفحة البياض الشعري، كلوحة ضافية بالأنوثة، وممسكة بالمعنى، ومشتغلة باللون في اشتعالها المدرك التي تمثله بعض عناوين النصوص بالمجموعة، والتي تقودنا نحو التجلي المسكون باللغة.
وقال: إن هذه المجموعة، تخطو بنا إلى مناخات أولوية، كالتماع ذهني يلون مجازاته النصية عبر التماع المدلول الموضوعي للنص، وتجاذب الفكرة النصية فيه، خالقة روح النص عبر لغة البيانية الواصفة والكاشفة للمعنى.
ونوه أنها رغم إحساسها الطاغي بالمتضادات تعود الشاعرة الشوكان في “متنبية الأنا” في جعل الشعر يتبع خطواتها مفتخرة بنتيجتها كخلوص تركز عليه في مجموعتها، كضالة تؤصل لحضورها الشعري القلق عبر الأنا الواحدة المتعددة الصفة.
وبين بأن معجم مفردات النصوص وفنية التركيب اللغوي وموسيقاه الحالمة بها تقنية السباحة الحرة والمفردة كليًّا في خطابها وتلوينها للنص كلجوء سببي للأنا الواثقة بتعبيرها وغنائيتها الخاصة واستخدامها لضمير المتكلم لروح شعرية مشتبكة بين البصرية والحسية.